ارشيف من :خاص

’آثار الشهداء’ ..تاريخ صنّاع الانتصار

’آثار الشهداء’ ..تاريخ صنّاع الانتصار
حين نفتح صفحات الانتصارت نقرأ أسماء أزهرت بدمائها الطاهرة، سطَّرت أروع صور البطولة والفداء، رسمت معالم الطريق في وقت تخاذل فيه المستعربون وهرعوا إلى جحورهم، هم  شهداؤنا.. عظماؤنا.. تاريخنا وكلُّ أمجادنا... هم صانعو النصر بحق... بفضل دمائهم أثبتنا أننا قادرون على مواجهة العالم لو اجتمع، وبفضل تضحياتهم توالت في ازمنتنا انتصارات محونا فيها اسطورة الجيش الذي لا يقهر.

لا قيمة لأية هويةٍ يحملها شعب أو أمة ما لم يشكل تاريخها مُكَوِنا اساسيا لها، يعيد ماضيها ويصنع مستقبلها؛ وانطلاقا من مبدأ الحفاظ على تاريخ الأمة ونقله إلى الأجيال القادمة عبر كافة الوسائل المتاحة، وترجمة لما أكده سماحة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عن  " مسؤولياتنا جميعا على المستوى الوطني الاهتمام بتاريخ المقاومة وتدوينه بأبعادها المختلفة"، و "الاخذ بعين الاعتبار كل وقائع التاريخ، بإخفاقاته وإنجازاته" ، جاء مركز "آثار الشهداء" التابع لوحدة الأنشطة الإعلامية في حزب الله ليتوثِّق تاريخيًّا تلك السير العطرة لشهداء ضحوا على مدار أعوام وأعوام من الاحتلال الإسرائيلي.

’آثار الشهداء’ ..تاريخ صنّاع الانتصار
عمامتا السيد عباس الموسوي والشيخ راغب حرب في مستودع المركز


دور مركز "اثار الشهداء" منحصر بتأريخ وتوثيق حياة كل شهيد في المقاومة الإسلامية منذ الولادة حتى الاستشهاد، من خلال جمع المعلومات التي تشمل حياته الشخصية والجهادية (بإجراء مقابلات شفوية مع من عايش الشهيد وعرفه) من جهة، والوثائق التي تشمل وصاياه وكتاباته ومقتنياته الخاصة من بذته العسكرية إلى اصغر قصاصة ورق كان يحملها من جهة أخرى.

مدير مركز "آثار الشهداء" الشيخ موسى ضاهر تحدث لموقع "العهد" عن البدايات في العام 2002، عندما انطلق المركز بتقنيات وأساليب وأنماط عمل متواضعة، مواجها صعوبات متعددة، من أبرزها عدم امتلاك تقنيات الأرشفة اللازمة وقلة عدد العاملين وتراكم أرشيف الشهداء على أنواعه، وعلى الرغم من ذلك تكوَّن في المركز أرشيف لا بأس به، شمل ما قارب الـ500 ساعة "فيديو" مسجلة و 3000 ساعة صوتية و10000 وثيقة (وصية-خاطرة-كتابات) و500 من الأثار  الخاصة بالشهداء.

وأشار ضاهر إلى أن "من عَمِلَ في "اثار الشهداء" في بدايته كان فريقا متطوعا من مستويات علمية مختلفة تجمعهم روحية جهادية، يتجاوز كل منهم مصاعب حياته وأنانيته خدمة للقضية وتأدية للدين المعنوي الملقى على عاتقهم أمام الشهداء".

وفي العام 2008 يروي لنا ضاهر كيف شكلت هذه المرحلة قفزة نوعية للمركز وبداية حياة جديدة له، قائلا "نضج عملنا في ذلك الوقت متخذًا طابعا تخصصيا اكثر، حيث عمد القيمون في المركز استنادا إلى رؤية علمية دقيقة إلى تنفيذ خطوات تطويرية"، تمثلت بـ "وضع منهج علمي للعمل وتحديد أصول التأريخ الشفوي" و "تقييم أداء فريق العمل واستقطاب طاقات جديدة واختيار النخبة منهم واخضاعهم إلى دورات تخصصية وورش عمل تقنية من قبل خبراء وأصحاب تجارب  لتولي عملية الجمع والتدوين وإنتاج مادة تليق بتضحيات وإنجازات شهدائنا".

’آثار الشهداء’ ..تاريخ صنّاع الانتصار
بزة عسكرية لشهيد من شهداء المقاومة احتفظ بها المركز

وفي الشأن الذي يتعلق بعملية توظيف ما يؤرِّخه المركز، أوضح الشيخ ضاهر أن المعلومات التي يجمعها المركز لا تنشر بالكلما، إما لأنها معلومات خاصة أو لأنها تحتاج إلى استكمال"، مضيفا ان المركز تمكَّن من إصدار منشورين؛ الاول كان  "الكلمات القصار للقادة الشهداء"، والثاني "ظلال زينب"، بالإضافة إلى التظهيرات الإعلامية (اي توفير مادة يستخدمها معدّو الاعمال الفنية والإعلامية)، فضلا عن إقامة المعارض والمتاحف للآثار المتحفية العينية للشهداء بالتنسيق مع وحدات الانشطة الثقافية في القطاعات كافة".

وحول أهداف المركز، بيَّن ضاهر ان الاتجاهات التي يعتمدها تتركز أولا على "الربط ما بين فكر وقيم الشهيد التي دفعته إلى الاستشهاد" ثانيا "تحقيق الوعي التاريخي المرتبط بالوعي السياسي والاجتماعي، وبالتالي نشر الفكر المقاوم في عقول الناس ودفعهم للانتساب إلى هذه المسيرة فيما بعد"، كما أكد ضاهر ان "الهدف الاساس هو هدف تعبوي لاستنهاض هذا المجتمع ليشعر بقيمة تضحيات الشهداء ولزوم الاستمرار والدعم".

وأشار ضاهر إلى ان "المشاريع المستقبلية التي يطمح المركز إلى تحقيقها تتمثل بـ"إصدار موسوعة خطابات الشهيد السيد عباس الموسوي والشهيد الشيخ راغب حرب وتوثيقها علميا وترجمتها ووضعها في متناول الجميع"، بالإضافة إلى "نشر وصايا الشهداء كافة، ووضع رؤية متخصصة لتأسيس مؤسسة جامعة تعنى بكتابة تأريخ المقاومة (شهدائها وجرحاها وأسراها ومجاهديها ومجتمعها)"، كما أوضح ان "المركز يسعى إلى توظيف تاريخ المقاومة وإدخاله في المناهج الدراسية من خلال المتممات اللغوية التي ترسخ مفاهيم المقاومة لدى الاجيال القادمة".

وختم ضاهر قائلا إن "أقل ما يمكننا تقديمه للشهداء وإنجازاتهم لا يعدُّ ردا لجميلهم في حياتنا ومستقبلنا، ولا يشكل سوى بعض واجبنا تجاه من صنع انتصاراتنا وأعلا جباهنا؛ فكل ما أنجزه مركز "آثار الشهداء" قليل أمام قيمة تاريخ الشهداء الذي لا تزال في أيامنا هذه سببا أساسيا في تطوُّرنا وتميُّزنا".
2015-05-27