ارشيف من :ترجمات ودراسات

’داعش’ هُزم- لكن إيران فازت

’داعش’ هُزم- لكن إيران فازت

صحيفة "هآرتس"- وزير الحرب الأسبق موشيه أرينس

إنّ الحاجة لمنع إيران من التحول الى قوة نووية كان الهدف الأول على جدول أولويات الولايات المتحدة بقيادة باراك أوباما، وبقية الدول الأعضاء في مجلس الأمن، بالإضافة الى المانيا. هذه الدول تعتقد أنها حققت ذلك بعد مفاوضات طويلة قادت في نيسان عام 2015، الى توقيع اتفاق، تم مقابله رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران. ولكن، في الواقع، فإنّ المعرفة الأساسية والقدرة اللازمة لإنتاج رأس حربي نووي بقيت في أيدي إيران، ويمكن لها تنفيذها في غضون بضعة أشهر منذ اللحظة التي تقرر فيها ذلك، بعد انتهاء الاتفاق أو حتى قبل ذلك، إذا رغب حكامها. ولا يزال خطر تسلح إيران بالنووي في الاجواء - وهو حقيقي بما فيه الكفاية لدعم محاولات إيران توسيع سيطرتها في الشرق الأوسط، خارج حدودها.

 

’داعش’ هُزم- لكن إيران فازت

صحيفة "هآرتس"

 

يتكون البرنامج النووي الإيراني من جزءين؛ الرؤوس الحربية النووية والصواريخ الباليستية التي يمكنها حملها. وقد ركزت طواقم المفاوضات فقط على الرؤوس الحربية النووية وتجاهلت برنامج الصواريخ الباليستية الذي يشكل جزءاً حيوياً من تنفيذ البرنامج النووي. وهكذا نجحت إيران، من ناحية، في الحفاظ على قدرتها النووية الأساسية، بينما تلقت من ناحية أخرى الموارد اللازمة لمواصلة تطوير برنامج صواريخها الباليستية ونشاطها الإجرامي في الشرق الأوسط. ولا عجب من أن "إسرائيل" والدول "السنية" في المنطقة لم تنبهر بالاتفاق وتطالب بإلغائه أو تعديله.

لم تكن هذه هي الحالة الوحيدة التي اعتُبر فيها الهدف الثانوي، عن طريق الخطأ، الهدف الرئيسي، في حين تم تجاهل الهدف الرئيسي. في العام الماضي، اعتبرت الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية منظمة "داعش" هي العدو الأساسي، وتم تشكيل التحالف بشكل خاص لمحاربته وبذل كل الجهود لهزمه - وضم الولايات المتحدة وروسيا والبيشمركة الكردية وإيران والعراق وقوات بشار الأسد والدول الأوروبية. إنّ عمليات "داعش" الإرهابية في المدن الأوروبية وعمليات الإعدام الجماعية في الأماكن التي سيطر عليها، والتي نشرتها في وسائل الإعلام، أثارت غضب العالم. وأصبح تدمير "داعش" هو الهدف الرئيسي، وتجاهلت الولايات المتحدة باستمرار النتائج التي سيسفر عنها الانتصار الذي يمكن لتحالف من هذا النوع تحقيقه.

لقد تم هزم "داعش"،  فدونيته من حيث عدد جنوده ومعداته لم تترك أمامه أية فرصة،  ولكن إيران هي التي فازت بنصيب الأسد من غنائم النصر. لقد ازدادت قوة سيطرتها على العراق، وتكاد سيطرتها على سوريا لا تواجه أية مقاومة، وانضم ممثلها، حزب الله، إلى صفوف المنتصرين، وتمّ التخلي عن الأكراد أصحاب الحظ السيء، الحلفاء الحقيقيين للولايات المتحدة، وتلاشت آمالهم في الاستقلال. هل يفترض أن يكون هذا هو ثمن هزيمة "داعش"؟.

على ما يبدو، عندما تم تشكيل هذا التحالف غير العادي جداً، من أجل هزيمة "داعش"، فإنّه لم يتم إيلاء سوى القليل من التفكير لليوم التالي للانتصار. إنّ الخطر الذي يتعرض له حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ينبع من إيران ومن معها، وهم الهدف الأساسي، بينما كان يجب اعتبار "داعش" هو الهدف الثانوي.

لقد بدأت واشنطن الفهم بأنه تم ارتكاب خطأين خطيرين في السلوك ازاء إيران. ويحدث هذا في وقت متأخر قليلاً، لكنه لم يفت الأوان.

 

 

 

2017-10-31