ارشيف من :ترجمات ودراسات

الصفحة الاجنبية: أميركا في حالة عزلة بعد إعلان ترامب القدس عاصمة لـ’اسرائيل’

الصفحة الاجنبية: أميركا في حالة عزلة بعد إعلان ترامب القدس عاصمة لـ’اسرائيل’

علي رزق

شدّد مسؤولون استخبارتيون أميركيون سابقون على أن محاولة فرض "حلول" على الفلسطينيين من الخارج لن تحقق نجاحاً، معتبرةً أن ما أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول مدينة القدس لا يخدم المصالح الأميركية، وكذلك التسوية في منطقة الشرق الاوسط.
 
كما اعتبر باحثون أن ما أعلنه ترامب حول مدينة القدس لن يؤثر سلباً على تحالفات أميركا مع العديد من الدول العربية وعلى رأسها السعودية، فالأخيرة ومن خلال سلوكها قد شجعت ترامب على الاقدام على هذه الخطوة.
 
وفي نفس السياق، نبهت مجموعة بارزة تعمل في مجال الأمن والاستخبارات من أن إعلان ترامب حول القدس ترك الولايات المتحدة في حالة عزلة على الساحة العالمية.

محاولات فرض حل على الفلسطينيين من الخارج ستفشل

كتب المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (ال-CIA) المدعو "Paul Pillar" مقالة نشرت على موقع "National Interest" قال فيها "ان الرئيس الاميركي دونالد ترامب وبدلاً من ان يقدم ما هو عادل في الملف الفلسطيني، فإنه يعمل على جعل أطراف خارجية تفرض صيغة على الفلسطينيين حيث يكون لحكومات عربية معينة دور أساس في هذا الاطار"، موضحاً أن" هذه المقاربة أصبحت تعرف بمقاربة "من الخارج الى الداخل".

وأشار الكاتب الى ان ترامب يقدم الدعم المطلق "للحكومة اليمينية في "إسرائيل" "(بحسب تعبير الكاتب نفسه)، والى ان جذور هذا "الاذعان لحكومة بنيامين نتنياهو" (ايضاً بحسب تعبير الكاتب نفسه)، تعود الى أن شخصيات بارزة ممن مولوا حملة ترامب الانتخابية هم حلفاء لنتنياهو.

وعليه، شدّد الكاتب على ان الصفقة من أجل التوصل الى "سلام" حقيقي ليست على اجندة ترامب، وعلى ان كلامه الاخير حول القدس المحتلة ونقل السفارة الاميركية ما هو سوى شكل آخر من اشكال "اذعانه" للحكومة الصهيونية وداعميها الاميركيين.

الكاتب لفت كذلك الى أن تاريخ الحراك الفلسطيني لا يؤيد فكرة مقاربة "من الخارج الى الداخل"، والتي تعني ان انظمة عربية ستستطيع فرض ارادتها على الفلسطينيين، كما تابع في نفس السياق "ان صعود حركة "حماس" لا يعود الى اي نظام وانما جاء ليعكس غضب الفلسطينيين حيال الاحتلال الصهيوني".

كما تحدث الكاتب عن اسباب قوية وراء المشاعر الغاضبة الناتجة عما اسماه "الصراع "الاسرائيلي" الفلسطيني"، وتوقع أن تستمر هذه المشاعر الغاضبة في ظل عدم التوصل الى تسوية حقيقية للنزاع، وليس حل مفروض من الخارج.

كذلك شدد الكاتب على ان التعاطف العربي مع الفلسطينيين يبقى قويا، وذلك رغم ما قيل في السنوات الماضية عن المشاكل الاخرى في الشرق الاوسط ورغم تمنيات "مثلث نتنياهو وابن سلمان وترامب" (بحسب تعبير الكاتب)، بان يكون الشغل الشاغل للجميع ايران، واثنى الكاتب ايضاً على ان موضوع القدس يشكل حساسية خاصة.

هذا واعتبر الكاتب أن ما تقوم به ادارة ترامب مع الحكومة الصهيونية يمكن تفسيره على أنه حلقة جديدة من مسرحية "عملية سلام" تسمح لكيان العدو بخلق حقائق جديدة على الارض من الصعب إبطالها.

الكاتب تطرق أيضاً الى ما قاله زوج ابنة ترامب المدعو “Jared Kushner” مؤخراً، بأن كيان العدو يشكل اليوم "حليفا طبيعيا اكثر بكثير مما كان عليه قبل عشرين عام بسبب ايران وتطرف "داعش"، غير ان الكاتب شدد على ان الوضع ليس كذلك اطلاقاً، وعلى ان التمييز الديني والعرقي من قبل كيان الاحتلال، وايضاً عدم اعطاء الحقوق السياسية والمدنية للفلسطينيين، قد جعلت هذا الكيان حليفا "اقل من طبيعي" على مدار السنوات العشرين الماضية.

وقال الكاتب كذلك ان معارضة نتنياهو للاتفاق النووي مع ايران يبين حجم الفجوة الكبيرة بين سياسات نتنياهو من جهة والمصالح الاميركية من جهة، اما السعودية فأشار الكاتب الى انها دائماً ما كان لديها مصالح تختلف بشكل ملحوظ عن مصالح اميركا، على الرغم من التعاون في مجالي النفط والامن، وتابع بان" الاختلافات في المصالح السعودية والاميركية قد ازدادت مع صعود محمد بن سلمان".

الكاتب أضاف بأن ترامب ومن خلال ربط سياسته الشرق أوسطية بكيان العدو والسعودية على أمل فرض حل على الفلسطينيين، انما لا يخدم المصالح الاميركية وكذلك لا يخدم قضية "السلام" في الشرق الاوسط.

خطوة ترامب لن تؤثر سلباً على تحالفات أميركا مع دول عربية

كتب الباحث شادي حميد مقالة نشرت بمجلة "The Atlantic”" قال فيها "ان "اغلب الدول العربية" لا تبالي كثيراً باعتراف ترامب بالقدس "عاصمة لـ"إسرائيل""، واشار الى ان اعلان ترامب هذا جاء في توقيت هام حيث ان انظمة عربية في دول مثل السعودية والامارات ومصر تجد نفسها في اصطفاف مع الكيان "الاسرائيلي" حيال "الاولويات الاقليمية" اكثر من اي وقت مضى".

ولفت الكاتب الى العلاقة الوطيدة التي تجمع بين زوج ابنة ترامب “Jared Kusnher” وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وقال "ان المسؤولين السعوديين ولو كانوا فعلاً يهتمون بموضوع مدينة القدس، فلكانوا قد استفادوا من هذه العلاقات الوطيدة مع إدارة ترامب وضغطوا على هذه الادارة من أجل عدم الاقدام على هذه الخطوة، كما شدد على أن اعلان ترامب جاء من دون مبرر او سبب، واستبعد ان يكون قد قام بهذا الاعلان لو رسم السعوديون ما يشبه بالخط الاحمر.

ورأى الكاتب أن النظام السعودي ربما قام بالعكس تماماً، مستشهداً بما نشر مؤخراً حول قيام ابن سلمان بعرض خطة على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وذكّر بانه وبحسب ما نقل عن مصادر فلسطينية وعربية واوروبية، فإن الخطة التي طرحها ابن سلمان منحازة للكيان الصهيوني اكثر من اي خطة اخرى سبق وان تبنتها اي حكومة اميركية.

كذلك ذكّر بأن ما نشر يفيد بأن المقترح السعودي يطلب من الفلسطينيين القبول بسيادة "محدودة" في الضفة الغربية والتنازل عن القدس، وشدد على ان مجرد طرح هذه الافكار يفيد بأن النظام السعودي على علاقة وطيدة أكثر فاكثر مع الكيان الصهيوني ومع ادارة ترامب.

ولفت الكاتب الى ان هذه المواقف تعتبر غربية للقيادة السعودية، وذلك نظراً الى ان السعودية شهدت مكان ولادة الاسلام، كما اضاف بان السعودية دائماً ما قدمت نفسها على انها حامية وممثلة المسلمين حول العالم، لكنها تجد نفسها اليوم في علاقة حميمية جداً مع ادارة اميركية تعتبر الاكثر عدائية للاسلام في تاريخ الولايات المتحدة.

بناء عليه شدد الكاتب على ضرورة أن لا يتوهم احد ويعتقد بأن اعلان القدس "عاصمة "لإسرائيل"" سيضر بتحالفات اميركا مع العديد من الدول العربية، غير انه شدد في المقابل على ان فلسطين لا تزال حية في وجدان الجماهير العرب.

أميركا بحالة عزلة بعد اعلان ترامب عن القدس

مجموعة "صوفان" للاستشارات الامنية والاستخبارتية شددت في تقريرها اليومي على ان موضوع مدينة القدس من اكثر المواضيع الحساسة في "الصراع "الاسرائيلي" الفلسطيني"، واشارت الى اهمية هذه المدينة بالنسبة للمسملين واليهود والمسيحيين.

المجموعة قالت "إن اعلان ترامب حول مدينة القدس سيكون له تداعيات حقيقية"، واعتبرت "ان ايران "ستستفيد" من الموضوع (على حد تعبير المجموعة)، لافتة الى أن الحكومة الايرانية ومنذ الثورة الاسلامية عام 1979 جعلت موضوع تحرير القدس اولوية اكثر  بكثير من الدول العربية.

كما أضافت بأن حركة "حماس" قد تقترب أكثر فأكثر من إيران بعد ما حدث، وبأن قادة "حماس" على الارجح سيعتبرون اعلان ترامب بمثابة دعوة لتجديد الكفاح المسلح ودليل على ان موقفهم بعدم الثقة بالغرب كان الموقف الصائب.

كذلك شدد المجموعة على انه ومن كل النواحي "سوى ناحية السياسة الداخلية"، فان قرار ترامب في هذا الوقت هو قرار غير مجد.

وتابعت بأن إعلانه خلق لحظة نادرة من الوحدة العالمية، وبان كل الاطراف من بكين الى الفاتيكان الى الاردن الى الاتحاد الاوروبي، انما اعلنوا معارضتهم القوية لهذا الاعلان.

وبينما اعتبرت انه ليس واضحاً ما اذا كانت خطوة ترامب ستؤدي الى تزايد العنف والاضطراب داخل المنطقة و خارجها، قالت المجموعة في الوقت نفسه "ان المؤكد هو ان الولايات المتحدة "تجد نفسها مرة اخرى معزولة في قضية ذات اهمية عالمية".

2017-12-08