ارشيف من :صحافة عربية وعالمية

’واشنطن بوست’: تحديات أميركية جديدة في سوريا بعد هزيمة ’داعش’

’واشنطن بوست’: تحديات أميركية جديدة في سوريا بعد هزيمة ’داعش’

رأى الكاتبان "ماثيو لي" و"جوش ليديرمان" في مقال نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، أن الإدارة الأميركية تواجه تحديات جديدة بعد هزيمة تنظيم "داعش" الإرهابي في سوريا، حيث تكافح من أجل ترسيم حدود مهمتها، فضلاً عن كيفية انتهاء تورطها الكبير، مشيرين إلى أن الهجوم العسكري التركي على عفرين يضع إدارة الرئيس دونالد ترامب أمام خيارين: إما التخلي عن حلفائها الأكراد، أو حصول خلاف عميق مع تركيا، حليفتها في "الناتو"، الأمر الذي لا مفر من حدوثه.

وأشار المقال إلى أن الأولوية الأميركية في سوريا كانت تتمثل في محاربة تنظيم "داعش"، والآن وبعد إلحاق الهزيمة بالتنظيم، فإن الحجج الأميركية للتواجد في سوريا باتت ضعيفة، ففي السابق كان بإمكان إدارة ترامب مواصلة دعم الأكراد وتسليحهم بحجة محاربة "داعش"، ولكن مع تراجع التنظيم كتهديد مباشر، فإن إثارة هذه الحجج لم يعد مقنعا، الأمر الذي يؤجج الغضب التركي.

وأضاف المقال أن المسؤول السابق عن الملف السوري في وزارة الخارجية الاميركية في فترة ولاية أوباما الأولى فريدريك هوف، اعتبر "أن المسألة غاية في الصعوبة وترخي بثقلها على الجهود الدبلوماسية"، مشيراً إلى أن تراجع التنظيم قد أضعف المبرر القانوني للتواجد الأميركي في سوريا، الأمر الذي أثار عدة أسئلة حساسة حول ما إذا كان "الكونغرس" والشعب الأميركي قد وقّعا بالفعل على تفويض يسمح للإدارة الأميركية في سوريا بتجاوز التخلص من الإرهابيين ".

وبحسب المقال، فقد قال مسؤولون كبار في إدارة ترامب إنهم "ليسوا بحاجة إلى إذن إضافي للتواجد في سوريا، فتنظيم "داعش" لا يزال يشكل تهديداً خطيراً ومستمراً، الأمر الذي يتطلب وجوداً أميركياً متواصلاً لضمان عدم إعادة تجميع صفوفهم، وبالتالي تشكيل تهديد في المستقبل".

وفي الوقت الذي يجبر فيه تنظيم "داعش" على انتهاج وضعية الدفاع، ستقوم القوات الأميركية والدبلوماسيون والعاملون في مجال المساعدات الأميركية بالسعي نحو تحقيق الاستقرار في البلاد واستعادة الخدمات الأساسية في المناطق المحررة من سيطرة التنظيم، كذلك بذل الجهود لإيجاد حل سياسي للحرب الدائرة في سوريا والتي ساهم "داعش" في تفاقمها على نحو فعال، وفق ما جاء في المقال.

وأكد المقال أن هذه الحجج تخلق عدة مشاكل لترامب والذي غالباً ما يحرص على المطالبة بتحقيق نجاحات: فليس بإمكانه إعلان أي نصر ضد "داعش" في سوريا دون تمكين أولئك الذين يجادلون بهزيمة التنظيم، الأمر الذي يعني أنه لم يعد للولايات المتحدة أي مبرر للبقاء في سوريا.

وقال إن "وجود جيوب صغيرة لإرهابيي "داعش" والتي لا تزال نشطة في شرق سوريا تدعم تبرير الولايات المتحدة لوجودها في الوقت الراهن، وقد أعلن التحالف بقيادة الولايات المتحدة يوم الثلاثاء أن الغارات التي شنتها واشنطن بمساعدة حلفائها الأكراد، أسفرت عن مقتل ما يصل إلى 150 مسلحاً من إرهابيي التنظيم في مركز قيادة في المنطقة المعروفة باسم وادي نهر الفرات الأوسط.

وأوضح أن الإدارة الأميركية تنظر إلى تهديد آخر يتمثل بظهور محتمل لتنظيم "القاعدة"، فضلاً عن رغبتها بوقف "النفوذ المتزايد" لإيران في سوريا، فضلاً عن رغبتها بوقف الدعم الروسي المقدم لحكومة السورية، حيث من خلال موسكو، تمكنت القوات السورية من السيطرة على المناطق التي كانت تخضع لسيطرة "المتمردين المدعومين من واشنطن"، وقد أظهرت الرسائل التي أرسلتها إدارة ترامب المشاكل الكبيرة التي تواجهها في سوريا.

وأشار المقال إلى أنه، ومن جانب آخر، انتقد وزير الحرب الأميركي جيمس ماتيس الهجوم التركي على الأكراد، قائلاً إن "العنف الحاصل في عفرين يعطّل الاستقرار النسبي في المنطقة، ويصرف الجهود الدولية لضمان هزيمة داعش".

ووفقا للمقال، حاول وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون شرح السياسة الأميركية في سورية بقوله إن "الولايات المتحدة ستحتفظ بوجود عسكري لها في سوريا في المستقبل المنظور لمنع تنظيم "داعش" و"القاعدة" من استعادة السيطرة على الأراضي، فضلاً عن الإشارة إلى هدف آخر يتمثل في تقديم المساعدة في مشاريع إعادة الإعمار لتشجيع السوريين على مناهضة الحكومة السورية.

وذكر المقال أن الانزعاج التركي من تزايد القوة الكردية بالقرب من الحدود قاد حكومة أردوغان إلى شن عملية عسكرية ضدهم في عفرين، فتركيا تنظر للقوات الكردية السورية على أنها مرتبطة ارتباطاً جوهرياً بـ"حزب العمال الكردستاني" الذي تعتبره تركيا تنظيماً إرهابياً، والولايات المتحدة تتفق مع تركيا على أن مقاتلي الحزب الكردي إرهابيون، لكنها تصر على أن شركاءها الأكراد في سوريا غير مرتبطين بتلك المجموعة، داعية الجانب التركي إلى "ضبط النفس".

وخلص الكاتبان إلى القول: إن "الكثير من الحلفاء تخلوا عن الأكراد في السابق، وفي الوقت الحالي قد تكون النتيجة أسوأ من صرف الانتباه، ومن غير الواضح ما الذي ستقوم به الولايات المتحدة لتهدئة الوضع"، وأشارا إلى أنه ورداً على سؤال حول ما إذا كان لدى واشنطن التزام أخلاقي تجاه الأكراد، أكد عدة مسؤولين أميركيين بارزين أن مبدأ ترامب القائم على "أميركا أولاً" يثبت أن الولايات المتحدة تعطي الأولوية دائماً لمصالحها الخاصة.

2018-01-25