ارشيف من :تحقيقات

لبنانيون معرّضون لتهديد داء الكلب.. ما هي حقيقة خطر الكلاب الشاردة؟

لبنانيون معرّضون لتهديد داء الكلب.. ما هي حقيقة خطر الكلاب الشاردة؟

يُقال أنّ الكلب هو أوفى صديق للإنسان. ولعلّ هذه المقولة صحيحة إلاّ في حالاتٍ استثنائية. فماذا لو غدر؟ لقد بات هذا الأمر يُشكّل هاجسًا لكثيرين. منهم محمد دياب - صاحب تجربة مؤلمة في هذا المجال - الذي يعتبر أن الكلاب الشاردة أو الضالة باتت تشكل أزمةً في لبنان خصوصًا مع ازدياد الاصابات التي بعضها آلَ إلى الموت نتيجة تهجم الكلاب على المواطنين. ويجد محمد أن الأزمة تستدعي حلاً سريعًا لوقف انتشار هذه الحالات.

يحكي محمد لـ"العهد" عن تجربته، حيث تعرّض لهجوم أحد الكلاب قرب الجامعة اللبنانية فرع الحدث. يقول "لقد تفاجأتُ ليلا بملاحقة أحد الكلاب لسيارتي، وقد حاول القفز باتجاه الشباك، كان في حالة غير طبيعية ينبح ويهاجم بعدائية، وهذا ما جعلني أغلق النافذة وأسرع". ما حصل مع محمد وكاد أن يؤدي إلى حادث سير، جعله يأخذ موقفًا من الكلاب المنتشرة على الطرقات. ويمتعض دياب من الأسلوب الذي استخدمه البعض مستنكرين تسميم الكلاب في الغبيري "بينما موت الناس لا يلاقي كل هذا الاستنكار". ويتساءل "هل بات الكلب أهم من الانسان اليوم لكي يتم الدفاع بهذا الشكل عن الكلاب بينما يتم الاستخفاف بمخاوف المواطنين؟".

تثني على كلامه الأمّ تغريد حطيط التي تؤكد أهمية تسليط الضوء على المخاوف التي يواجهها اللبناني بشكل عام والأطفال بشكل خاص نتيجة انتشار الكلاب الشاردة. تنتظر تغريد كل صباح على شرفة المنزل وصول باص المدرسة كي تخبر أبناءها بالنزول. فوقوف أولادها تحت المنزل ابنتظار الباص يشكّل حالةً من القلق لديها، خوفًا على أطفالها من "عضة كلب" مباغتة بعد تكرر الحوادث في قريتها. وتجد تغريد أن "قتل الكلاب المتوحشة ليس بجريمة مقابل الجريمة التي نقوم بها عندما نترك هذه الكلاب تسرح وتمرح بينما نحجز أولادنا في البيوت مع مخاوفهم".
 
تعارض سارة عساف محمد وتغريد في موقفهما الحاد من الكلاب الشاردة، معتبرةً "أنّه ليس من الصواب أن نحل المشكلة بمشكلة" فبالنسبة لها هناك حلول يمكن القيام بها لمعالجة الكلاب المريضة والعدائية دون قتلها وبالتالي يمكن الاستفادة منها. وتختم متمنيةً "على الجهات المعنية جمع الكلاب هذه والبدء بتنفيذ الخطوات المناسبة تجنبًا للمزيد من الاصابات".

ما هي الكلاب الضالّة؟

يعرّف المدير التنفيذي لجمعية حيوانات لبنان "Animal Lebanon" جايسون مير الكلاب الضالة على أنّها "الكلاب التي تتحرك خارج نطاق السيطرة". ويتم تصنيف الكلاب الضالة بحسب مير إلى "الكلاب المملوكة لكن المالك لا يبقيهم داخل المنزل أو المُلكيّة في جميع الاوقات، الكلاب التي تم التخلي عنها من قبل المالك وهي في الشوارع، والكلاب التي لم تكن مملوكة أبدًا وولدت في الشوارع". ويشير مير في حديث مع "العهد" إلى أنّ "نسبة الكلاب الشاردة تعدّ صغيرة جدًا مقارنة بتلك الموجودة في متاجر الحيوانات الأليفة، ومرافق التربية، العيادات البيطرية، والكلاب التي تستخدم للأمن أو كدليل. في حين أن العدد الاجمالي للكلاب في لبنان يصل إلى حوالي 120,000 كلب".

متى تصبح الكلاب الضالة خطرة؟  

لا بدّ لنا أن نفرق بين الكلاب الشاردة عمومًا والكلاب الشاردة الخطرة على وجه الخصوص ومنها تلك العدائية والمسعورة. وهذا ما يبينه الدكتور البيطري فؤاد الحاج في حديث مع "العهد" والذي يعتبر أنّ "هناك فكرة خاطئة مأخوذة عن الكلاب الضالة، حيثُ أنّ نسبة قليلة منها تعد خطرة". ويجد الحاج أنّ "الكلاب تتحول إلى خطرة عندما تصبح مسعورة أو مصابة بداء يدعى الكَلَب". هذا المرض الفيروسي بالنسبة للحاج "لم يثبت وجوده بعد في بيروت وجبل لبنان بينما ينتشر في الشمال والبقاع وعلى الحدود السورية بسبب ظروف الحرب". كذلك ينتشر هذا الداء "بين الكلاب الذين يعيشون قرب الملاحم ومكبات النفايات التي باتت تتواجد اليوم بكثرة وتستقطب هذه الحيوانات"."
ويعدد الحاج بعض العوارض التي قد تصيب الكلب المسعور مثل "كثرة التريّل، فقدان التوازن، وعدم الوعي حتى يصل إلى ضرب نفسه بالحائط مثلاً بشكلٍ غير طبيعي". ويضيف "الداء ينتشر عبر العض فقط، وقد ينتقل من الكلب لحيوانات أخرى".
 
خطوات للحل

مناشدة الأهالي لمعالجة أزمة الكلاب الضالة، جعلت البلديات تُبدي استعدادها للتعاون مع الجهات المسؤولة في الدولة والجمعيات المعنية للبحث عن الحلول. فاقترح البعض الحد من تكاثرها عبر تطعيمها وخصيها وتعقيمها. ومنها بلدية جون، والتي أعلنت أنّه سيتم إرسال طبيب بيطري بعد حوالي عشرة أيام من إطعام هذه الكلاب وإشباعها ليقوم بالجراحة اللازمة لضمان عدم تكاثرها. لتقرر البلدية بعدها ترحيل هذه الكلاب أو تركها بعد ضمان تآلفها والتأكد من عدم تكاثرها.

اللقاحات والارشادات الوقائية

أمّا بالنسبة للوقاية من داء الكلب "فيكون ذلك من خلال تطعيم الكلاب بشكل أساسي. وبما يخص الانسان فهناك لقاحات وقائية مضادة تستعمل خشية التعرض للداء"، بحسب الدكتور فؤاد الحاج.

هذه اللقاحات تعد مهمة جدًا للوقاية والتخلص من الفيروس، حيثُ تصل نسبة وفاة الانسان عند الاصابة به نحو 99%. ويبدو أنّ اللقاحات على وشك النفاذ بحسب ما أفادته وزارة الصحة التي دقت ناقوس الخطر، بعد أن أعلنت أنّه تم توزيع حوالي 2300 لقاح منذ كانون الثاني الماضي ولم يبقى سوى عدد ضئيل منها.

وقد نشرت الوزارة الخطوات الأولى عند التعرض لداء الكلب، لمنع دخول الفيروس الجهاز العصبي المركزي ما يسبب الموت، والخطوات هي: "الغسل جيدا وتطهير مكان الجرح، والتوجه إلى أقرب مركز لمكافحة داء الكلب لمتابعة الخطوات العلاجية والالتزام بالجرعات الأربعة الفعالة ضد الداء".

2018-04-06