ارشيف من :ترجمات ودراسات

الصفحة الأجنبية: الضربات المحدودة ضد سوريا أضرّت بمصداقية أميركا

الصفحة الأجنبية: الضربات المحدودة ضد سوريا أضرّت بمصداقية أميركا

اعتبر صحفيون أميركيون أن العدوان الغربي المحدود على سوريا، قد أضر بسمعة أميركا، مقابل إدراك السوريين انهم انتصروا بعد هذه الضربات الأميركية المحدودة، وأكد الصحفيون أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وبدلا من أن يظهر كالرئيس القوي، أعطى انطباعًا عكسيًا.

في السياق نفسه، قال صحفيون اميركيون آخرون أن الضربات المحدودة ضد سوريا لم تستعرض قوة واشنطن بل حذرها.

كما تحدّثت مواقع غربية عن حالة من الإرباك لدى الإدارة الأميركية، حيال التعاطي مع الموقف السوري، فيما قال صحفيون أميركيون مقربون من كيان العدو أن ثمة احتمالات كبيرة لتصعيد غير مسبوق بين كيان العدو وإيران، واستندوا في ذلك الى مزاعم حول إنشاء قاعدة جوية إيرانية في سوريا ضد الكيان الصهيوني.

الاعتداء المحدود على سوريا أضر بسمعة أميركا

كتب مارك تايسن مقالة نشرتها صحيفة "واشنطن بوست"، قال فيها أن "الضربات العسكرية التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا على سوريا قبل أيام أضرت بمصداقية الولايات المتحدة على المسرح العالمي أكثر مما أضرت بنظام الرئيس السوري بشار الأسد".

وأشار الكاتب في مقالته إلى أن "العملية العسكرية التي قادتها واشنطن ضد سوريا لم تستهدف أية طائرة عسكرية أو مطار عسكري أو غيرها من التجهيزات العسكرية"، وأضاف أنه "كان لدى الجانب السوري متسع من الوقت كي يقوم بنقل التجهيزات من المواقع التي استهدفت، وأن عدم وقوع أية إصابات يفيد بأن النظام السوري قام بإخلاء المواقع المستهدفة".

وتابع الكاتب بالقول "السوريون يعرفون انهم انتصروا"، لافتا في هذا السياق الى ما قاله نائب رئيس هيئة الاركان السابق في الجيش الاميركي جاك كاين، بأن "ثمة أسبابًا وجيهة ليحتفل السوريون"، وأن الضربات التي استهدفت سوريا كانت ضعيفة جدًا"، فضلا عن اعتبار كاين أن "الرد الأميركي سيعطي مزيدا من الجرأة للرئيس الأسد ولروسيا وإيران، وأيضًا لخصوم آخرين لواشنطن".

الكاتب تطرق الى موقف كوريا الشمالية من اميركا، موضحا انها "ستصل الى استنتاج؛ بعد أفعال ترامب الضعيفة في سوريا، مفاده أنه من السهل ترهيب ادارة ترامب التي تتجنب المخاطر"، وأضاف "شعرت إدارة ترامب بالترهيب من روسيا وإيران، فجاءت لضربات مصممة لتجنب استفزاز موسكو".

وأضاف تايسن "إنّ ما حصل يشكّل نكسة كبيرة لمساعي إدارة ترامب الهادفة الى منع كوريا الشمالية من تطوير قدرات قد تهدّد المدن الاميركية من خلال الصواريخ النووية"، مضيفا أن "السبيل الوحيد المتاح للولايات المتحدة كي تقنع كوريا الشمالية بالتخلي عن سعيها وراء هذه الاسلحة هو ان يصدّق الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون بالفعل ان تهديد ترامب باستخدام القوة العسكرية هو تهديد حقيقي".

وبناء عليه شدد الكاتب على ان مصداقية اميركا اصبحت اضعف وليس اقوى، بعد العدوان الاخير على سوريا، وان ترامب وبدلاً من ان يعطي صورة القوة فعل العكس.

الاعتداء على سوريا كان استعراضًا لحذر واشنطن وليس لقوتها

في السياق نفسه، كتب رئيس تحرير موقع "ناشونال انترست" جايكوب هايلبرن مقالة نشرت على الموقع أشار فيها الى ان "الاعتداء الغربي الاخير على سوريا لم يمثل ثمنا باهظا كما هدد ترامب بتغريداته قبل الضربة".

وأضاف الكاتب أن "الاعتداء الغربي صُمّم كي يتجنب ضرب القوات والمواقع الروسية، ولم يحقق اي شيء ملموس لجهة التأثير على الرئيس السوري بشار الاسد، وتابع بالقول ان الضربات الغربية لم تستعرض القوة الغربية، بل استعرضت الحذر".

وتابع هايلبرن "من غير المرجح أن يؤثر ما حصل على حسابات كل من كوريا الشمالية وايران، والرئيس الاسد لا يزال يتبنى موقف التحدي"، وتابع قائلاً "ان الطبيعة المحدودة للضربات تفيد بأن ترامب ووزير الحرب الاميركي جيمس ماتيس  على وجه الخصوص لا يريدون عمليات عدائية خطيرة أن تتصاعد الى حرب اوسع، بل العكس".

الكاتب اضاف بأنه "في الوقت الراهن، ماتيس يمتلك الكلمة الفصل مع ترامب، وليس مستشار الامن القومي جون بولتون، وماتيس شدد على انه لا ينوي ابدا إشعال حرب عالمية ثالثة مع روسيا".

وتطرق الكاتب الى كلمة ترامب التي وجهها الى الأمة، والتي اتهم فيها كل من موسكو وطهران بدعم ما زعم أنه "دولة مارقة" و"طغاة متوحشين" و"ديكتاتوريين مجرمين"، في إشارة الى الحكومة السورية، وقال الكاتب "إن نفس هذه التهم يمكن ان توجه الى الولايات المتحدة بسبب تاريخها الطويل بدعم الانظمة المستبدة في اميركا الوسطى واميركا الجنوبية، علاوة على علاقاتها القوية مع انظمة ديكتاتورية اخرى في دول مثل الفلبين ومصر والسعودية".

وفي الختام، قال الكاتب "ان الدعم الروسي والايراني للرئيس الاسد قد نجح، وان نفوذ روسيا وايران في سوريا وصل الى الذروة، الأمر الذي يقلق "إسرائيل" بشكل كبير"، كما لفت الى ان "الاعتداء الغربي على سوريا مثّل ما "فن التأليف المسرحي" اكثر مما مثّل استراتيجية عسكرية"، بحسب الكاتب.

التعاطي مع الملف السوري يربك واشنطن

نشرت مجلة "بوليتيكو" تقريرًا جاء فيه أن "رؤية ترامب حيال سوريا تبقى بشكل اساسي غير معلنة وغير منجزة"، ونقلت عن مصادر مطلعة قولها "ان ترامب نفسه يبدو غير متأكد مما يريد تحقيقه في سوريا".

التقرير أوضح أن "ترامب يريد من جهة ارضاء نفسه من خلال العمل الجريء، لكن من جهة أخرى وبنفس الوقت يتخوف من الدخول في مستنقعات في الشرق الاوسط"، ولفت التقرير الى ان "ذلك يمثل الصراع بين جناحين في الحزب الجمهوري، جناح مدرسة الرئيس الاميركي الاسبق رونالد ريغن المؤيد للتدخلات الخارجية، والجناح الذي يوصف بالانعزالي المعارض للتدخلات الخارجية، والذي يتمثل بشخصيات مثل كبير استراتيجيي البيت الابيض السابق ستيفن بانون، والسيناتور الجمهوري المعروف راند بول".

كما أشار التقرير الى أن "رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو متخوف أيضًا من عدم وجود رؤية واضحة للسياسة الاميركية حيال سوريا"، مضيفا أن "ترامب استخدم أساليب كلا المعسكرين المتصارعين في الحزب الجمهوري: المعسكر المؤيد للتدخلات الخارجية والمعسكر المعارض لها".

وأوضح تقرير المجلة أنّ "ترامب في أوائل الشهر الحالي أعلن نيته الانسحاب من سوريا في أقرب وقت، قبل أن يقوم بتوجيه ضربة الى سوريا، الأمر الذي مثّل تعميقا لاستثماره في النزاع"، وفق تعبير التقرير.

ومن ثم، قال التقرير "إن سوريا ليست "مشكلة يمكن أن تحل بضربة واحدة، وان د"اعش" لا يزال موجودا هناك"، لافتا الى ان "كيان العدو يراقب بقلق بينما تضع ايران جذورها في سوريا من خلال حزب الله، وان نتنياهو يريد للولايات المتحدة ان تبقي على وجودها القوي كي تقوم بضبط ايران"، وفق توصيف التقرير.

ولفت التقرير الى البيان الذي صدر عن السيناتور الجمهوري جون ماكين بعد الاعتداء على سوريا، والذي جاء فيه ان "النجاح على الامد الطويل" يتطلب استراتيجية شاملة لسوريا والمنطقة بأكملها"، كما اشار التقرير الى ما ورد في بيان ماكين عن ضرورة ان يشرح ترامب الاهداف، ليس فقط لجهة قتال "داعش"،  إنما ايضا لجهة النزاع المستمر في سوريا وما أسماه ماكين "النفوذ الروسي والإيراني الشرير في المنطقة".

كذلك ورد في التقرير ان "القادة العسكريين الأميركيين على الارض في سوريا يشتكون من عدم امكانيتهم شرح الاستراتيجية الاميركية"، لافتا الى أن "من المسائل المبهمة موقف ترامب حيال مستقبل الرئيس الاسد على الامد الطويل، فضلا عما يتعلق بأية خطط جديدة لعملية "السلام" في سوريا، وكيفية ضبط نفوذ إيران وطمأنة الكيان الصهيوني، إضافة الى كيفية التعاطي مع الوجود العسكري الروسي هناك".

مزاعم حول إنشاء قاعدة جوية إيرانية في سوريا لتهديد الكيان الصهيوني

كتب توماس فريدمان مقالة نشرت في صحيفة "نيويورك تايمز"، زعم فيها ان الكيان الصهيوني وإيران يتجهان الى المواجهة في سوريا بسبب ما وصفه بـ"محاولات إيران تحويل سوريا الى قاعدة جوية امامية ضد "إسرائيل""، وفق ادعاء الكاتب.

وأضاف الكاتب المقرب من الكيان الصهيوني "إن "إسرائيل" وايران تبادلتا الضربات بشكل مباشر لاول مرة في سوريا خلال الاسابيع الماضية"، وتابع بالقول "ان "إسرائيل" وإيران قاب قوسين او ادنى من الدخول في "المرحلة التالية، وفي حال حصل ذلك، سيكون من الصعب للولايات المتحدة وروسيا أن تقف جانبًا وتتفرج".

كذلك نقل الكاتب – الذي كتب مقالته من الجولان المحتل- مزاعم "إسرائيلية" مفادها ان "قوات فيلق القدس بقيادة اللواء قاسم سليماني ربما حاولت توجيه ضربة عسكرية ضد "إسرائيل" من احدى القواعد الجوية في سوريا"، في اشارة الى الطائرة من دون طيار التي دخلت اجواء الاراضي المحتلة في شهر شباط/فبراير الماضي، والتي قال الصهاينة انها "كانت ايرانية".

وتابع الكاتب "بحسب الرواية "الاسرائيلية"، فإن الطائرة من دون طيار هذه كانت تحمل المتفجرات وبالتالي ربما كان هناك مخطط لضربة عسكرية ضد "إسرائيل""، وفق مزاعمه.

ونقل الكاتب ايضا عن المسؤولين العسكريين الصهاينة قولهم ان "كيان العدو لن يسمح لإيران بتطبيق نموذج حزب الله في سوريا"، كما قال ان "قوات فيلق القدس التابعة لسليماني أصبحت تسيطر الى حد ما على اربعة عواصم عربية وهي دمشق، بيروت، بغداد وصنعاء"، وختم قائلاً "إننا على وشك ان نشهد صداما بين قوات فيلق القدس و"إسرائيل"، الا في حال "تراجع سليماني"، وفق تعبير الكاتب.

2018-04-16