ارشيف من :ثقافة

الحرب الأمريكية الناعمة على حزب الله

الحرب الأمريكية الناعمة على حزب الله

صدر عن دار المعارف الإسلامية كتاب "الحرب الأمريكية الناعمة على حزب الله" ويشتمل على ثلاثة مباحث هي:
المبحث الأول: "منصات الحرب الناعمة على حزب الله"، ويتضمن عناوين منها:
ـ محطة وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA) في لبنان
ـ السفارة الأمريكية
ـ الشراكة الأمريكية الشرق أوسطية
ـ وكالة التنمية الدولية الأمريكية
ـ الدبلوماسية العامة
ـ وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)
ـ الجامعة الأمريكية في بيروت AUB
أما المبحث الثاني: "استراتيجيات الحرب الناعمة على حزب الله"، ويتضمن:
ـ إسقاط الهلال المقاوم
ـ العزل السياسي
ـ الفتنة بين السنة - والشيعة
ـ استراتيجية التكفير والإرهاب
ـ الحرب الأمريكية الناعمة على حزب الله
ـ تشويه صورة حزب الله
ـ تدويل الحرب الناعمة
ـ الحصار الاقتصادي والمالي
وفي المبحث الاخير الذي حمل عنوان: "أدوات الحرب الناعمة على حزب الله"، قدم الكتاب عناوين منها:
ـ وسائل إعلام محلية وعربية
ـ «ثورة الأرز » عام 2005 وصناعة جماعة 14 آذار
ـ إيجاد بدائل لخدمات حزب الله
ـ التلاعب الناعم بعقول الجامعيين
ـ شيعة السفارة
ـ المحكمة الدولية الخاصة بلبنان
ـ الضغوطات المالية والاقتصادية
ـ التمكين لاختراق البيئة الشيعية
ـ حين يصير البحث العلمي اداة استخباراتية
ـ استدراج حزب الله لصراعات مذهبية
ـ الانتخابات النيابية ومحاولة إسقاط مشروعية المقاومة.
وفي خلاصة للمباحث التي اوردها الكتاب، قدم المحرر استنتاجات جاء فيها:
أظهرت الدراسة بشكل واضح وجلي، أن الإدارة الأمريكية وأعوانها، باتوا يضعون النيل من القوة الناعمة لدى حزب الله في رأس قائمة أهدافهم بغية توافر البيئة المناسبة لاستمرار هيمنتهم على لبنان والمنطقة، سيّما، لحاظهم تنامي حال المقاومة والرفض فيها، على الرغم من الجهود التي بذلوها- صلبة كانت أم ناعمة- لمحاصرة هذه الحال والقضاء عليها، وعلىمدار عقود من الزمن.
ويبدو أنهم - الأمريكيون وأعوانهم - أدركوا بأن أدواتهم للسيطرة والهيمنة، لم تعد تجدي نفعيتها المعهودة، لبروز متغيّ جديد شهدته المنطقة، يتجاوز بأبعاده مسألتي النزعة للمقاومة والقدرات القتالية، فمع وجودهما، ظلّ النتاج العام لمؤشر تحقيق الغلبة على المشروع الاستعماري، في الجانب السلبي، وهذا ما يعني، أن حال المقاومة الذي باتت تشهده المنطقة، إنّما يتعلق بمنظومة فكرية وقيمية عصيّة بمفاعيلها أمام المنظومة المغايرة للغرب، والتي لطالما تباهى بقوتها وقدرتها على اختراق المجتمعات وتغييرها. لذلك، فإن النيل من النموذج الذي يسعى حزب الله إلى تأكيده وتأصيله لدى مجتمعات المنطقة، باتت مدخليته بالنسبة للأمريكي، تشويه البعد القيمي لهذا النموذج.
وتبين من دراسة الحرب الأمريكية الناعمة على حزب الله، باستراتيجياتها وأدواتها، تركيزها على القاعدة الشعبية الحاضنة للحزب بالتوازي مع تركيزها على أطره التنظيمية، لقناعة بدت راسخة لديهم، بصعوبة الفصل بين الحزب بهيكليته التنظيمية، وبين بيئته الاجتماعية، فمنظومته القيمية والعقائدية، هي امتداد لمنظومة بيئته الاجتماعية، والذي بدوره يعمل على إعادة إنتاجها من جديد وسط هذه البيئة.
وتكشف هذه الحلقة المتصلة بدورها، عن حال التخبط والإرباك الذي يعانيه الأمريكي وأعوانه، والذي يبدو جليًّا في حجم النتائج المتواضعة التي يحصدها، على الرغم من ضخامة الجهود والقدرات التي تنفق في سبيل النيل من حزب الله. فمن خلال إجراء مقارنة سريعة بين ما يتوافر للمحور الأمريكي من إمكانيات هائلة، بشرُ وعتاد، ونفوذ غير محدود في استخدامهما، على نحو لا يمكن قياسه بما يتوافر للمحور المقاوم والممانع، ومع ذلك، فإنه ليس من المبالغة وعدم الموضوعية، القول، أن معطيات المواجهة تميل لصالح المحور الأخير.
وإلى جانب المنظومة القيمية المتماسكة، أمكن رصد متغيّ آخر، يسهم في دفع الرسم البياني لمسار المواجهة نحو ما يخالف المخطط الأمريكي، وهو مغادرة خصوم هذا المخطط حال ردة الفعل نحو إدارة مختلفة للمواجهة، بحيث صار بالامكان- إلى حدٍ ما- القول بمخطط وتدبير دفاعي يواجه المخطط والتدبير الهجومي الذي يشنّه المحور الأمريكي، وهذا ما يمكن ملاحظته في سلوكيات المحور المقاوم اتجاه ما يتعرض له من حروب بأشكالها المختلفة. فكما استطاع الاستعمار بمنهجيته، أن يقرأ واقع المجتمعات المستهدفة لتحديد عناصر قوتها وضعفها، والذي كان له الإسهام الأكبر في تحقيق غلبته على مدار العقود الماضية، برزت في الجهة المقابلة، مؤشرات ذات دلالة على تنامي أهمية ودور الدراسات والبحوث في تحديد المواقف وتصويبها، وهذا ما أمكن رصده لدى حزب الله، وبالتحديد، على لسان أمينه العام.
من المعطيات الدالة على فاعلية النزعة العقلانية في إدارة المواجهة مع الحرب الأمريكية الناعمة، النتائج المذهلة التي يحققها المحور المقاوم، وبالتحديد، في سعيه لإفشال المخطط القائم على استخدام الوكيل المحلي لتنفيذ مخططات هذه الحرب، والذي بدى بأخطر وجوهه، حين تم استحضار الاختلافات المذهبية من عمقها التاريخي، لتكون أداة المواجهة مع حزب الله، ومع الاعتراف بما حققه هذا المخطط من إصابات بليغة في صورة ومسار نموذج حزب الله، إلاّ أنه من خلال السلوك العقلاني للحزب، بدأت تبرز مؤشرات لإمكانية تحوّل هذا التهديد الخطير إلى فرصة لجعل بنية المجتمعات في المنطقة أكثر تماسكًا، ولاسيّما، مع محاصرة الفكر المتطرّف الإلغائي، والذي يقف خلف كثير من التفسخات في هذه البنية.
ولكن، المتتبع لمسار الحرب الأمريكية الناعمة، يلاحظ، أنّها في سعي دائم تفتش عن البدائل حين تفشل مخططاتها أو تتعثر، فهذه الحرب التي بدأت منذ ما قبل نشأت لبنان على صيغته الحالية، هي بالتأكيد لن تتوقف امام الإعاقات التي استطاع حزب الله أن يضعها أمام مسيرها، فالعقل الشيطاني الذي يتحكم برؤوس المنظومة الأمريكية سوف يجد المزيد من الخطط والمشاريع الهدامة حتى يسهل أمامه إمكانية إدامة تفوقه وهيمنته.

2018-04-28