لا يختلف اثنان أنّ مهمة رئيس مجلس النواب اللبناني هي بالدرجة الأولى مسؤولية وطنية قبل أن تكون منصباً دستورياً. مسؤولية تحتّم على صاحبها التمتع بسمات تجعله قادراً على ضبط ايقاع البرلمان وصون السياسة الداخلية بحنكة عالية. إنّه الشخص الثاني في الدولة بعد رئيس الجمهورية وقبل رئيس الحكومة. أدوار هذا المقام كثيرة، تماماً كما أن صلاحياته واسعة. ومن هذا المنطلق، يقع الاختيار الدائم على الرئيس نبيه بري. الرجل المعروف بدبلوماسيته الواسعة، وخبرته في هندسة السياسة الداخلية، ويُشهد له أنّه "رجل الانقاذ" في العديد من المحطات الحساسة، ما جعله المرشّح تلقائياً وبلا منافس لهذا المنصب، منذ عام 1992 وحتى اليوم.

وللمرة الأولى بعد تمديد دام تسع سنوات، تشهد ساحة النجمة الأربعاء حدثاً انتخابياً لاختيار رئيس مجلس النواب المقبل. النتيجة محسومة، لا منافس للرئيس بري. شبه إجماع وطني على شخصية الرجل مبتدع الحلول السياسية. إنّه الشخص المناسب في المكان المناسب باعتراف العديد من الكتل. لذلك، فلا نكشف سراً إن قلنا أن لا معركة ستشهدها الجلسة غداً، سيناريو الانتخاب محسوم الوجهة. وهنا تكرر أوساط عين التينة ـ ما بات معلوماً ـ أنّ لا معركة غداً على منصب رئيس المجلس، لافتةً في حديث لموقع "العهد" الإخباري الى أنّ المعركة ستنحسر على منصب نائب رئيس المجلس إذ يتنافس مرشّح التيار الوطني الحر النائب ايلي الفرزلي، ومرشّح "القوات" اللبنانية أنيس نصار، رغم أن النتيجة أيضاً محسومة للفرزلي الذي خبر تفاصيل هذا المنصب وأدواره ويُشهد له في ذلك، وفق ما تؤكد المصادر التي تُبدي ارتياحها لنسب تصويت الكتل التي سيحصدها الرئيس بري والتي على ما يبدو ستكون مرتفعة وستتخطى المئة صوت، رغم محاولات البعض التشويش على أجواء الجلسة، والاصطياد بالماء العكر" تضيف المصادر، ليُجدّد البرلمان اللبناني ثقته بالرئيس نبيه بري الذي أثبت بحق جدارته لهذا المنصب. فما دور وصلاحيات رئيس مجلس النواب اللبناني؟.

الخبير في القانون الدستوري د. عصام اسماعيل يُشدّد في حديث لموقع "العهد الإخباري" على أنّ لمنصب رئيس مجلس النواب أدوارًا عديدة وصلاحيات واسعة تتنوع بين دستورية وإدارية. فهو الشخص الذي يرعى في المجلس النيابي أحكام الدستور والقانون والنظام، وبه تناط مهمة تحديد مواعيد الجلسات، أما جدول أعمال الجلسة فيعد من اختصاص هيئة مكتب المجلس. يتولى رئيس مجلس النواب إدارة النظام داخل الجلسة ويترأسها فهو الضابط لإيقاعها، كما يعتبر الآمر الناهي بملف تعيين موظفي مجلس النواب العسكريين والمدنيين منفرداً. إنّه شخصية محورية في عمل مجلس النواب لمنع الفوضى، إذ يمتاز بالقدرة على القيادة وضبط الامور الأساسية، بالإضافة الى أنه كأي نائب له حق إبداء الرأي بأي مشروع.

يشدّد اسماعيل على أنّ لائحة صلاحيات رئيس المجلس تطول، إذ يتشاور مع رئيس الجمهورية لتسمية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، كما يحق له الطعن بالقوانين أمام المجلس الدستوري والدعوة لانتخاب رئيس للجمهورية، فيما يعتبر عضواً في الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية. يعود اسماعيل ليؤكد أن "الصلاحيات واسعة، فرئيس البرلمان هو الحكم والموفّق بين السلطات، إنه باختصار شريك أساس في الحكم".