ارشيف من :تحقيقات

دمشق آمنة من قذائف الموت.. وأهلها أكثر اطمئناناً

دمشق آمنة من قذائف الموت.. وأهلها أكثر اطمئناناً

مع خروج الإرهابيين من آخر معاقلهم المسلحة في الحجر الأسود تعود دمشق مدينة آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا، فيما صارت قذائف الموت التي لازمت الدمشقيين لسنوات، من الماضي. أهل دمشق عبروا لموقع "العهد" الإخباري عن جزيل امتنانهم لجيشهم الباسل الذي صدق وعده بإعادة الأمان إلى المدينة الصامدة.
 
بين الأمس واليوم

تعيش دمشق حالة من الإسترخاء مع اندحار آخر الإرهابيين عن محيطها. المدينة الصائمة أفطرت على وعد انتظرته لسنوات وجاء كعيدية مبكرة من الجيش العربي السوري الذي صد الغزاة الماكثين لسنوات على أكتاف العاصمة بعدما كانت قد خرجت عواجل حمراء على "فضائيات الفتنة" كما يحلو للسوريين توصيفها تقول "بأن النظام يقاتل في آخر الأحياء التي لا يزال يسيطر عليها في دمشق"، قبل أن ينقلب السحر على الساحر ويقوم الجيش السوري ووفق سياسة القضم التدريجية بإعادة الأمان رويدا رويدا إلى مدينة الياسمين الذي طغى عبقه اليوم على رائحة الموت والدخان.

يفتح ابو محمود محله في حي المزة الدمشقي، متثائبا من سهرة الأمس الرمضانية. سألناه بعد أن أطلعنا الجيران على حاله "أهكذا كنت تفتح المحل في يوميات قذائف الهاون" فيرد مبتسما بالكثير من الدعابة "كنت أركض كالهارب على وقع القذائف التي تسقط لأحتمي بالمحل، لا يهمني كيف كنت بل يهمني ما اصبحت عليه، الآن أستطيع أن أؤسس لحياة جديدة وعمل جديد أوسع بعد أن استعدت محلاتي ومخازني في المعضمية واستكملت الفرحة اليوم بطرد الإرهابيين من كل أنحاء دمشق وريفها" مضيفا "وسط أجواء الأمان يمكنك فعل كل شيئ كل الحب لجيشنا الباسل وقائدنا المغوار الذي يفي بوعده في إعادة الأمان إلى البلاد".
 
ينظر حسان إلى يده التي بترتها قذيفة هاون سقطت منذ أسبوعين عند برج الثامن من آذار وارتقى على أثرها شهداء، ما يحز في نفس الشاب الوسيم أن إصابته البليغة جاءت في ربع الساعة الأخير من المعركة والقذيفة التي أصابته انطلقت من آخر مربع للقتال، يكابد حسان دمعه ويهمس "هل كان يجب أن أخرج في تلك اللحظة لأجل عمل هامشي لست مضطرا عليه مع علمي أن الحرب أوشكت أن تضع أوزارها الأخيرة في دمشق ومحيطها!"، ليضيف بعد شعور عارم بارتكاب معصية الإعتراض على قضاء الله "إنه قدري وأنا أرضى بما كتب لي وأحيي الجيش العربي السوري الذي أعاد الأمان إلى هذه البلاد".

حركة الأطفال في الشوارع تحررت من عقد الخوف التي قيدت أهاليهم لسنوات طوال، الجملة التي كان يقولها كل رجل لزوجته أو العكس عند كل نقاش عن ضرورة الترفيه عن الأطفال "ألا تذكرين ماذا جرى لجارنا فلان حين اصطحب ولده معه في مشواره الأخير لهما في الحياة، هل ستغفرين لي إن جرى له أي مكروه، ألن تحمليني المسؤولية عن اي ضرر يلحق بولدنا طوال العمر لا سمح الله "  هذه الجمل اصبحت من الماضي القريب والبعيد في آن، فلم يعد يمنع الأطفال من الخروج للعب غير الصيام وحرارة الصيف، أما قذائف الهاون فصارت من الماضي الموجع فقط.

انجاز سيصرف في السياسة

الدكتور عبد القادر عزوز مستشار رئيس الحكومة السوري أوضح لموقع "العهد" الإخباري أن "تطهير آخر معاقل الإرهابيين في الحجر الاسود ومخيم اليرموك يشكل عودة لمربع الأمان الأول الذي كان فيه السوريون قبل الأزمة، وهذا يعني عودة الإرهابيين كذلك إلى مربع العجز الأول بعد مئات المليارات من الدولارات التي أنفقوها لتدمير سوريا والسيطرة على قرارها السياسي و"الفرق كبير بيننا نحن الخارجون إلى الأمل وبين أعدائنا الوالجين إلى اليأس والإحباط وهذا يعني عجزهم عن رسم معادلات جديدة بعدما بلغوا السقف الأعلى من الإرهاب في الوقت الذي بتنا فيه مع حلفائنا أكثر قدرة على رسم المعادلات وتحصين سيادة البلاد، فحين يتعافى القلب وأعني دمشق سيصبح بعدها تحرير بقية البلاد صبر ساعة أو اكثر".

لا تبدو دمشق مدينة خارجة من أزمة هكذا يقول إيقاع الحياة فيها، بل تبدو مدينة استمرأت الشجاعة واعتادت تداول الخطوب عليها وجاءها الأمان أخيرا ليكون الترف الجميل بعد كل هذا الإعتياد على مقاربة الموت.

2018-05-24