ارشيف من :نقاط على الحروف

المقاومة الفلسطينية تفسد ’صفقة القرن’

المقاومة الفلسطينية تفسد ’صفقة القرن’

ان صفقة القرن المزعومة تتخطى قضايا الجغرافيا والديموغرافيا الى نطاقات أبعد تتعلق بالارادة وبحرف مسار الصراع.

فبرغم ان مصطلح الصفقة يعني التبادل للمنافع، مما يستتبعه ايحاءات مشفوعة بتسريبات تتعلق بتبادل لأراضي وتعديل لخرائط الحقوق التاريخية؛ إلا أن اقتران الصفقة بـ"القرن" او "العصر" في بعض الترجمات، يجزم بأن الأمر يتعلق بتغيير تاريخي كبير في مجرى الصراع وجوهره وأطرافه التي ارتبطت بالقرن أو العصر الذي نعيشه، وأن المراد هو استبداله بصراع من نوع جديد لقرن وعصر جديدين.

فاغتصاب الصهاينة للحقوق العربية والفلسطينية والذي شكل صراعا وجوديا بين الصهاينة والعرب والمسلمين والذي اتسم به القرن الماضي والذي يشكل مركزية القضية وجوهرها، يراد له بأن يستبدل في القرن الجديد بصراع عصري يكون الصهاينة وبعض العرب والمسلمين فيه طرفا واحدا في مقابل طرف اخر يتمسك بالمقاومة وبجوهر صراع العصر الذي يراد له ان يكون بائدا!

ومن هنا وقبل اي اعلان لتفاصيل الصفقة المزعومة، كان الهدف فيما يبدو هو محاصرة المقاومة وعزلها وتشويهها وحصارها والقضاء على بؤرها، في سوريا ولبنان واليمن وفلسطين، وكذلك استهداف الجيوش الوطنية واجهادها وتفتيتها، حتى تصبح الأمة فريسة هامدة يعلن على ضريحها اعلان الصفقة ويحتفل على رفاتها بالانتصار الصهيو - امريكي!

ولكن صمود المقاومة في جبهاتها عرقل ولا يزال يعرقل اتمام الصفقة. ورغم ان العدو يحارب على جميع الجبهات، الا ان جبهة الداخل الفلسطيني هي الفيصل في القضية الفلسطينية وليست الفيصل في الصراع الوجودي، لانها لو سلمت واستسلمت، فلن تستسلم المقاومة.

ولكن هذه الجبهة الداخلية هي الهدف المركزي لتصفية القضية، وبالتالي كانت التكتيكات تقوم على افساد السلطة لجعلها رهينة للخارج، وفي ذات الوقت العمل على نزع سلاح المقاومة المسلحة وحصارها. واليوم عندما تطلق صواريخ المقاومة على المغتصبات الاستيطانية، فإن الصواريخ تطلق اولا على صفقة القرن وتجهض عمودا رئيسيا من اعمدتها.

في نظرة عامة الى الدول التي اعترضت على قرار الجمعية العامة برفض قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول نقل سفارة بلاده الى القدس المحتلة، فانه يمكن ملاحظة ما يلي:

كانت الدول التي ساندت ترامب رسميا هي غواتيمالا، هندوراس، كيان العدو الاسرائيلي، جزر مارشال، ناورو، ميكرونيسيا، بالاو، توغو. وبعيدا عن الكيان الاسرائيلي، فإن جزر مارشال وناورو وميكرونيزيا وبالاو هي دول بلا قوات مسلحة وتقع مسؤولية الدفاع عنها على عاتق امريكا، فيما عدا ناورو، فهي مسؤولية استراليا.

ونجد ان جواتيمالا والتي يحكمها الفاسد "جيمي موراليس" مرتهنة تماما للولايات المتحدة، وهندوراس مدينة لامريكا برئاسة "خوان أورلاندو إيرنانديز" بعد تزوير فج ووعود لامريكا بمحاربة الهجرة وقمع داخلي مقابل كرسي الحكم.

القاعدة التي يمكن استنتاجها، هو أن الماضين وراء ترامب أو بالأحرى وراء انتهاك كافة الأعراف وكافة القوانين الدولية، هم المرتهنة ارادتهم اما بضغف يصل لانعدام وجود قوات مسلحة، او لأن واشنطن تدعم سلطتهم الغير شرعية والمعادية لشعوبهم.

هنا تعمل امريكا والكيان الاسرائيلي على تحويل المعنيين بالملفات الدولية الى احد هذين النوعين: اما جيوش مفككة ومنهكة، واما حكام فاسدون او فشلة ومصدر شرعيتهم الوحيد هو الغلبة والقمع والدعم الخارجي الامريكي والصهيوني، سواء اقتصاديا او سياسيا!

والمقاومة هنا تعني القضاء على هذين النوعين: اي وجود جيوش قوية او مقاومة مسلحة عند افتقاد مقومات الدولة والجيش، والعدل والشرعية الشعبية للحكم والتي لا تدين للخارج بشرعيتها وتعتمد على قوة ودعم الشعوب.

هكذا تفسد صواريخ المقاومة الصفقة، وينبغي ان تتضافر معها السلطة لتقضي على المقاربة الصهيو - امريكية والتي تقوم على افساد السلطة وجعلها رهينة المساعدات للحصول على التنازلات.

ان صمود السلطة واعتماد الكفاح المسلح وسيلة للتحرير هو القضاء التام على أوهام صفقة قرن ينفذها العدو بشكل مسرحي لأنه لا يستطيع تنفيذها بشكل عملي بفضل صمود المقاومة.

 

2018-05-31