ارشيف من :نقاط على الحروف

غزة تفضح كذبة المجتمع الدولي

غزة تفضح كذبة المجتمع الدولي

ضجت المواقع الإخبارية وصفحات التواصل الاجتماعي الأيام الماضية بجريمة الحرب التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بقتل الممرضة الشابة رزان أشرف النجار بالرصاص الحي أثناء مشاركتها في اسعاف ضحايا العدوان الصهيوني الهمجي على المتظاهرين السلميين خلال مسيرات العودة، تلك الجرائم التي لم تستطع دفع ما يسمى بالمجتمع الدولي للتدخل ووقف تلك الجرائم.

قبل أيام من استشهاد رزان أعلن الدكتور أشرف القدرة، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة في غزة، عن ارتفاع عدد الشهداء من متظاهري مسيرات العودة إلى 116 شهيداً، و13190 مصاباً، أغلبهم بإصابات خطرة. تلك الانتهاكات يظهر أثرها اليوم في غالبية منازل قطاع غزة التي لا يخلو أحدها من جريح أو شهيد بسبب الرصاص الصهيوني.

وخلال ندوة عقدها في العاصمة بيروت تحت عنوان "طبيب في غزة" أوضح الدكتور غسان أبو ستة، الجراح الفلسطيني ورئيس قسم جراحة التجميل والترميم بمستشفى الجامعة الأمريكية في بيروت، أن قوات الاحتلال تستخدم رصاصات خارقة منفجرة تُسبب الوفاة أو الإعاقة الدائمة، وأن أعداد المصابين والجرحى والشهداء خلال مسيرات العودة أصبح كالسيل الجارف لا يتوقف، وهو ما يُهدد القطاع الصحي في غزة للانهيار وهو ما يسعى إليه الاحتلال.

كل تلك المآسي والأوجاع فشلت في دفع مجلس الأمن حتى في إصدار بيان يُدين جرائم الاحتلال خلال الجلسة الطارئة التي عُقدت منتصف شهر أيار الماضي لمناقشة الأوضاع في قطاع غزة، بعد الصوت الصهيوني في المجلس المتمثل في مقعد الولايات المتحدة التي لا تدخر جهداً في حماية البلطجة والغطرسة الصهيونية، وذلك تحت مبررات هزلية وحجج سخيفة، حيث قالت نيكي هيلي مندوبة الولايات المتحدة بالمجلس إن ""إسرائيل" مارست ضبط النفس، ولا يوجد أي بلد في هذا المجلس كان سيتصرف بضبط نفس أكثر مما فعلت "إسرائيل"" بل الأكثر من ذلك هو اتهام حركات المقاومة بالتحريض على العنف تجاه المستوطنين مغتصبي الأراضي الفلسطينية الذين أسمتهم "مدنيين".

الأكثر وقاحة من ذلك كان الطلب الأمريكي بعقد جلسة طارئة لمناقشة رد المقاومة على القصف الصهيوني على غزة، بعد إطلاق فصائل المقاومة عدداً من الصواريخ على المغتصبات رداً على الضربات الجوية والقصف المدفعي الصهيوني الذي استهدف القطاع، وبكل وقاحة وقفت مندوبة ترامب لتقول بأنه من المفزع أن يفشل المجلس في إدانة صواريخ المقاومة.

تلك الممارسات والعجز الدولي تجاه القضية الفلسطينية حلقة من سلسلة طويلة تمتد بعمر القضية ذاتها، فُضحت خلالها كذبة وجود ما يسمى بالمجتمع الدولي الذي "يسعى لحماية حقوق الانسان في العالم"، فالفيتو الأمريكي الذي استخدمته الولايات المتحدة يوم الجمعة الماضي ضد قرار تقدمت به الكويت للتدخل من أجل حماية المدنيين الفلسطينيين ووقف الجرائم الصهيونية، هو الفيتو رقم 44 الذي تستخدمه أمريكا لصالح الصهاينة.

44 فيتو استطاعت أمريكا بها حماية كل الجرائم الصهيونية خلال 70 عاماً، كان من أبرزها الاعتراض على مشروع القرار الذي تقدمت به الهند، وإندونيسيا، وبنما، وبيرو، والسودان، ويوغسلافيا، وغينيا، في 26 يوليو عام 1973 للتأكيد على حق الفلسطينيين ومطالبة الاحتلال بالانسحاب من الأراضي العربية التي احتلتها، وكذلك الاعتراض على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولة مستقلة عام 1976.

واستمرت الغطرسة الأمريكية في حماية الجرائم الصهيونية داخل المحافل الدولية التي وقفت عاجزة على التغلب عليها، مثلما حدث في 1982 بالاعتراض على فرض عقوبات على دولة الاحتلال بسبب ضمها لمرتفعات الجولان السورية، ثم الفشل في إدانة الاحتلال لمحاولته اغتيال رئيس بلدية نابلس "بسام الشكعة"، ثم الاعتراض على ادانة هجومه على المسجد الأقصى ثم غزو لبنان، وحتى مذابح صبرا وشتيلا التي راح ضحيتها الألاف من الأبرياء لم تستطع حتى انتزاع بيان استنكار من المجتمع الدولي عام 1983.

وتوالت الإخفاقات الدولية في ردع الاحتلال عن ممارساته الإرهابية من خطف طائرات مثلما حدث في عام 1986 حينما أوقف الفيتو الأمريكي قرار إدانة إرهابيي الاحتلال لاختطافهم طائرة ليبية، أو اجتياح وغزو الدول مثلما حدث في الجنوب اللبناني 1988، أو حتى ارسال لجنة تقصي حقائق حول الممارسات القمعية للاحتلال ضد الشعب الفلسطيني عدة مرات، أو مصادرة أراضي الفلسطينيين وضمها لكيانها الغاصب.

كل تلك الحوادث وغيرها العشرات من التواطؤ والمساندة الأمريكية للاحتلال الصهيوني كانت شاهدة على كذبة المتجمع الدولي المدافع عن الحقوق، ومعبراً عن الشلل الذي تتمتع به المؤسسات الدولية لوقف الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني.

2018-06-04