ارشيف من :نقاط على الحروف

بين يوم نقل السفارة ويوم القدس.. خذلان أو مقاومة

بين يوم نقل السفارة ويوم القدس.. خذلان أو مقاومة

يومان يشتركان في القضية وجوهرها ويختلفان كل الاختلاف في النوايا والمآلات. يومان كاشفان للمعسكرات وللضمائر وللمروءة.

يوم القدس بكل ما يحتويه من دلالات على المقاومة وعمق الايمان بالقضية وامتلاك رؤية ثاقبة لجوهر الصراع، هو يوم لاعلان الولاء للامة وقضاياها والبراء من أعدائها وتابعيهم. ويوم نقل السفارة الامريكية بكل ما يحتويه من دلالات على تصفية القضية واعتماد امريكا حكما وحيدا والاذعان "للتهاونات" الرسمية باعتبارها صكاً قانونيا وتجاهل ارادة ووجدان الشعوب وعدم الاعتراف بالدماء المسالة في الماضي والحاضر والتي ستسيل دفاعا عن الحق والكرامة، هو يوم لاعلان وفاة النظام الرسمي والذي فشل في ادارة الصراع عبر اللجوء لمسارات منحرفة والتسليم بامتلاك امريكا لاوراق اللعبة، وعدم مساندة القوى الحية والمقاومة، وهو اعلان فشل رسمي لخيار السلام المزعوم. وفي واقع الامر هو ولاء للمشروع الصهيو - امريكي، وبراء من الشعوب والحقوق التاريخية والمقاومة الشريفة.

يوم القدس هو شهادة لكل من يحييه كما هو شهادة لمن دعا اليه وأسسه بأنه يحمل هم هذه الأمة ولا يرضى بالذلة ولا الاستسلام لأمر واقع فرض بثنائية القوة والخيانة. ويوم نقل السفارة هو شهادة بأن محصلة قوة الأمة تغري العدو بتصفية قضاياه واذلاله. والمقاومة الحية تقيم الحجة على أغلب الأمة التي مالت للاستكانة بفعل ظروف عديدة منها ما هو قهري، ومنها ما هو تخاذل من الواجب تصحيحه واستعادة روح المقاومة لانقاذ الذات وانقاذ الامة وقضاياها.

احياء يوم القدس هو مقاومة في حد ذاته، لأنه شاهد على أن القضية لا تزال حية في نفوس الجماهير، وأي مشارك باحيائه هو مشارك باحياء الامة، وأي متخاذل عنه هو مشارك في ترغيب العدو وتشجيعه لالتهام المزيد والمزيد من حقوق الامة وكرامتها.
كيف يحلو للبعض وضع الاحتفال بهذا اليوم في خانة طائفية باعتبار الدعوة اليه جاءت من الثورة الاسلامية في ايران وقائدها الامام الخميني؟ هل القدس تخص طائفة؟ وهل الدعوة للكرامة هي دعوة طائفية؟

إن من يحولون المقاومة الى قضية طائفية هم احدى نوعين: الأول مغرض ومنفذ لأجندات الغرب لحرف الصراع وتزييفه، والثاني ساذج ومغيب، ومع مرور الوقت وانكشاف الامور وتطور الحوادث، فانه يخرج من طور الضحية الى طور المشارك بالجريمة.

ان يوم القدس ويوم نقل السفارة هما يومان من ايام الفرز، فمن كان مع الأول وأحياه أو على أقل تقدير ناصره ولو بالقلب فهو لازال حيا ولازالت به مروءة وعزة وكرامة. ومن استسلم للثاني وأذعن له واعتبره أمراً واقعاً، فهو متخاذل ومهزوم واستطاعت الدعاية الصهيونية والتورط الخياني العربي العبث بوجدانه وجينات العزة والكرامة لديه لتحوله مسخا دميما وهو ما يسعى اليه العدو.

تحية لكل من شارك في يوم القدس وأحياه وتحية لمن دعا اليه وأسسه، وتحية لمن اعتبره يوما للامة جميعها. وكل الادانة لمن أهمل اليوم ووضعه في خانة طائفية، لأنه بفعله هذا يحتفل بيوم نقل السفارة عامداً كان أو غيرعامد.

 

2018-06-09