ارشيف من :مقالات

تشكيل الحكومة في إجازة..و’هدر الوقت’ تابع

تشكيل الحكومة في إجازة..و’هدر الوقت’ تابع

لم يعد خافياً على أحد حجم العُقد التي تعتري درب تشكيل الحكومة، منذ اليوم الأول للتأليف. ففي كل مرة يُشاع فيها أجواء تفاؤلية تظن بعدها أنّ الرئيس سعد الحريري على مقربة من عتبة السراي الحكومي، ليجري الحديث بعدها عن عُقد لا تزال "مكانك راوح" رغم دخول التكليف شهره الثاني. ورغم تكثيف اللقاءات والاتصالات خلال الأيام الأخيرة، إلا أنّ أمور التأليف لا تزال في بداياتها، على حد تعبير مصادر مواكبة للعملية. لا تخفي المصادر أنّ مجرّد عقد اللقاءات هي خطوة "محمودة" وإيجابية، بعد أسابيع على هدر الوقت وتقاعس الرئيس المكلّف عن أداء مهامه. لكنها في الوقت نفسه تُؤكّد أنّ جل اللقاءات لن تؤتي أكلها إذا ما استمرّت النوايا على حالها، وظلّت قواعد التأليف غير واضحة المعالم، وخاضعة لمزاجية وحسابات خاصة. وهي لا تجد مبرراً للأجواء الايجابية التي يشيعها بين الحين والآخر الرئيس المكلف على قاعدة "ما أكثر الضجيج وأقل الحجيج"، والتي يضرب خلالها موعداً للتأليف. برأيها، لا تزال هذه الخطوة في "علم الغيب"، ومن يدري قد تُنجز بين ليلة وضحاها، وقد تأخذ وقتاً لم يُحسب له حساب.  

ما تقوله المصادر، تؤكّده أوساط مطلعة على أجواء اللقاءات التي حصلت في الساعات الأخيرة. تشدّد على أنّ العقد لم تتزحزح قيد أنملة حتى الساعة. عقدة التمثيل الدرزي لا تزال هي هي. رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط يُصر على حصته بثلاثة وزراء، مقابل تمسك رئيس الجمهورية ميشال عون بأحقية تمثيل النائب طلال ارسلان في الوزارة. جنبلاط وعلى الرغم من تأكيده في حديث لموقع العهد أمس رداً على سؤال حول "الحلحلة" في الملف الحكومي أن الأمور رهن لقائه بالرئيس عون اليوم، أوضح من بعبدا أنه لم يتم التطرق لموضوع الوزارة والحقائب. وهنا، تشدد مصادر ارسلان على أنّ قضية تمثيل رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني لا جدال فيها، وما يطالب به جنبلاط يشكل سابقة. وفق قناعاتها، لا يحق لكليمنصو المطالبة بحصة وزارية كاملة واحتكار التمثيل الدرزي، وهي التي لم تأخذ ثلاثة وزراء في عز قوتها، وعندما كان لديها مقاعد نيابية أكثر من اليوم. تؤكد المصادر أنّ ارسلان يمثل 30 بالمئة من التمثيل، ولا يحق لأحد سلبه حقه في الحكومة. وهنا تلفت الأوساط الى التحالف الذي جرى بين ارسلان والعهد في شباط 2018، والذي لا يزال راسخاً وثابتاً وقوياً. 

تنتقل الأوساط من العقدة الدرزية الى العقدة المسيحية، التي لا تزال ثابتة رغم تحريك عجلة اللقاءات بين معراب والرابية. بالنسبة اليها، لا تزال "القلوب مليانة" بين الطرفين. الممارسات التي قام بها رئيس حزب "القوات" سمير جعجع بحق الرابية خلال الأشهر الأخيرة، نسفت كل العهود التي عقدت بين الطرفين، لا سيما ما يسمى بـ"إعلان النوايا". وهنا تلفت الأوساط الى أن ما تطالب به معراب لجهة التمثيل الوزاري ليس معقولاً ولا منطقياً، مع أنّها تتوقّع أن يتم خفض السقوف العالية في الأيام المقبلة، لكنها تستدرك بالقول "ما تقول فول ليصير بالمكيول". أما فيما يتعلّق بعقدة التمثيل الوزاري للسنة من خارج تيار "المستقبل"، فتلفت الأوساط الى أن لا حراك جدي حتى الساعة في هذا الموضوع، مع الإشارة الى رفض الحريري لهذا المطلب المنطقي الذي يقابله إصرار وتشبث بهذا الحق من قبل السنة الخارجين عن عباءة التيار الأزرق.   

لا ترى الأوساط مبرراً للإجازات الخاصة التي ستقل بعض المسؤولين الى الخارج، وخصوصاً الرئيس المكلف. من وجهة نظرها، فإنّ مصلحة البلد أولى من الرفاهية، و"شم الهواء". وهي في هذا الإطار، لا تجد مبرراً لعملية "هدر الوقت" مجهولة الأسباب، والتي ستؤخر حتماً عملية التأليف، ما يبقي أوضاع البلاد والعباد على المحك. 

2018-07-04