ارشيف من :مقالات

الحكومة في ’عنق الزجاجة’

الحكومة في ’عنق الزجاجة’

رغم حركة الاتصالات والمشاورات التي حصلت خلال الأيام الماضية من جانب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وأطراف أخرى على خط حلحلة الشروط لبعض القوى التي تؤخر تأليف الحكومة، الا أن الأمور لا تزال تدور في الحلقة المفرغة نتيجة تمسك البعض بحصص تتجاوز كثيراً التوازنات التي نتجت عن الانتخابات النيابية، ولو ان سقف السجال العالي قد تراجع نسبياً، بحسب ما كشف مصدر مطلع على أجواء الاتصالات لموقع "العهد".

الواضح أن مساعي الأيام الماضية - وفق المصدر - لم تغيّر محاولات بعض الأطراف القفز فوق حقيقة هذه التوازنات، بل ان هذا البعض من "القوات اللبنانية "الى تيار "المستقبل" وآخرين لا زال يدفع في اتجاه "اما الاقرار بما يرفعه من شروط لا تتناسب مع أحجامهم النيابية للمشاركة في الحكومة، واما دفع الامور نحو حافة الهاوية حكوميا ووطنيا".

لذلك يتوقف المصدر عند أبرز وأهم التعقيدات التي تعيق عملية التأليف وهي اثنتين:

- أولا: تمترس رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع أمام ما كشف عنه بنفسه بعد لقائه الرئيس عون قبل ايام باعلانه ان "السعودية تمنت على الرئيس المكلف سعد الحريري انصاف "القوات "حكوميا لكن ما لم بقرّ به رئيس "القوات" هو ان النظام السعودي يمارس لعبة الابتزاز في موضوع تشكيل الحكومة وحتى محاولة الضغط على الحريري للتمسك باعطاء "القوات" حصة تفوق كثيراً ما يفترض ان تحصل عليه. لكن الاهم من ذلك أن الرياض تريد من وراء ذلك الحؤول دون حصول القوى السياسية التي فازت باكثرية نيابية مريحة (وبالاخص القوى المنتمية الى قوى 8 أذار ) من ان تتمثل بكتلة وزارية توازي أحجام هذه القوى في مجلس النواب الجديد.

- ثانيا: تمادي تيار "المستقبل" في محاولة اقصاء خصومه في الساحة السنية، على الرغم من أن هؤلاء يمثلون اكثر من 40 بالمئة داخل الطائفة السنية وعشرة نواب من اصل 27 نائبا لهذه الطائفة، اضافة الى نواب من طوائف أخرى، في محاولة مكشوفة لعدم الاعتراف بنتائج الانتخابات وبما يمثله هؤلاء شعبيا ونيابيا، بالتوازي مع انكار حق تمثيل كتل أخرى وفق أحجامهم النيابية. مصادر "العهد" لم تستبعد أن يكون هناك "قبة باط" سعودية تمكن الأخيرة من اعادة الامساك ببعض الأوراق في لبنان من خلال ممارسة الابتزاز في ملف تشكيل الحكومة علّها بذلك تعوض بعض خساراتها في لبنان نتيجة سياساتها الفاشلة.

يؤكد المصدر ان اقرّار هذا البعض بتمثيل الجميع وفق أحجامهم النيابية على قاعدة الالتزام بنفس المعايير في تمثيل كل القوى والكتل النيابية يشكل الطريق الاسهل والانسب لمصلحة لبنان واللبنانين، كونه يسرّع في تشكيل الحكومة ويجنب البلاد المزيد من الازمات واضاعة الوقت، على اعتبار أن ذلك يتيح انطلاق عمل الحكومة الجديدة ومعها مجلس النواب وكل مؤسسات الدولة وبالتالي اطلاق المعالجات للازمات الداخلية .

وعلى هذا الاساس، يلاحظ المصدر أن استمرار هذا التعاطي من جانب البعض والمتجاوزه لكل المعايير يؤشر الى ان موضوع التأليف لا زال في "عنق الزجاجة "، ويراهن على تتحمل هذه الاطراف مسؤولياتها الوطنية والابتعاد عن رهن مصير البلاد لنزوات فئوية او حزبية سعيا للحصول على حقبية من هنا وهناك، في وقت لم يعد يتحمل لبنان وأبناؤه المزيد من الأزمات، بل إن تفاقم المشكلات المالية والاقتصادية الى جانب معاناة اللبنانين على كافة المستويات تستدعي تسهيل تشكيل الحكومة بعيدا عن أي مكاسب فئوية وخاصة، وبما يتيح اعطاء الأولوية للمصلحة الوطنية.

2018-07-06