ارشيف من :مقالات

التلوث يغزو بحر الشمال.. والمواطنون في خطر

التلوث يغزو بحر الشمال.. والمواطنون في خطر

مع كل موسم صيف، يعود الحديث عن حجم التلوث الذي يغزو معظم الشواطئ اللبنانية بفعل مخلفات المصانع ومياه المجارير الآسنة  التي تصب أوساخها ومياهها في قلب البحر، دون أي رقيب أو حسيب .

تحذيرات كثيرة تطلقها الجمعيات البيئية والخبراء البيئيون للمواطنين حتى لا يرتادوا البحر هذه الأيام، حيث يتبين جراء دراسات عديدة  أجريت على عينات من مياه البحر، مدى حجم التلوث الذي يعانيه الشاطئ الممتد من طرابلس والبداوي والمنية وصولاً الى منطقة العبدة، أي ما يزيد طوله عن الـ  15 كيلومتر. أكبر الشواطئ الرملية في لبنان، تعاني من ملوثات جرثومية وكيمائية وتلوث جراء المعادن الثقيلة، مما يجعل منها ناقلاً للأمراض والأوبئة بدل ان تكون مكاناً آمناً للترفيه والهروب من حر الصيف وشمسه اللاذعة.

ما يزيد الطين بلة، أن تلك المساحة الطويلة للشاطئ اللبناني والتي تقسم الى قسمين: قسم المسابح الخاصة (يحوز القسم الأكبر والأنظف من الشاطئ)، وقسم يحتل المساحات القليلة جداً من الشاطئ يرتادها أبناء المناطق الفقيرة، وهي المساحة الأكثر عرضة للتلوث كونها ترزخ تحت رحمة المجارير والمياه الآسنة، مما يحولها الى بؤر للتلوث والأمراض الفتاكة.

التلوث يغزو بحر الشمال.. والمواطنون في خطر

"ما بتروح الا ع الفقير" عبارة يرددها أبناء الشمال، الذين لا يجدون مكاناً لهم لممارسة هواية السباحة والتخلص من حر الصيف اللاهب، إذ لا قدرة مالية لهؤلاء على ارتياد المسابح الخاصة التي تحتاج إلى دفع تكاليف مالية تفوق قدرة أصحاب الدخل المحدود، في حين تقف الجهات المعنية (من نواب المدينة، وبلدياتها) موقف المتفرّج على ما يرتكبه أصحاب التعديات على الأملاك البحرية بحق المواطنين، الذين يضطرون للجوء الى تلك الشواطئ الخاصة الممتدة من طرابلس وصولًا الى القلمون، والتي يتوجب عليهم دفع  مبالغ تتخطى 15 ألف ليرة كرسم دخول، إضافة الى ما يتوجب عليك من استئجار للطاولة والكراسي ( بدل 20 الف للطاولة ويرتفع  السعر الى ثلاثون ألف أيام السبت والأحد).

شاطئ طرابلس مثالاً

الداخل الى مدينة الميناء يلاحظ كراهة الرائحة التي تنتج عن مياه المجارير المكشوفة عند شاطئ البحر. رغم أنّ مشروع الصرف الصحي في الميناء انتهى العمل به منذ مدة، حيث تمّ ربط شبكة مياه الصرف الصحي بمحطة التكرير في مصب نهر أبو علي، إلا أن أنابيب المياه الآسنة بقيت تصب في البحر دون توقف، وكل ذلك لم يمنع الأهالي من الاستمرار في ممارسة السباحة رغم علمهم المسبق بتلوّث المياه، وذلك لعدم وجود بدائل أمامهم، ويمثل الكورنيش والصخور المنتشرة عند مدينة الميناء المتنفس الوحيد لأبناء المدينة الهاربين من ضوضائها. غالباً ما يدرك هؤلاء أن لا مكان آخر لهم يلجأون اليه للترفيه عن أنفسهم وممارسة هواية السباحة سوى هذه القطعة من الشاطئ. رغم ما يحيط بها من الخطر والذي يكْمن في حجم التلوّث الموجود فيها، نتيجة مياه المجارير التي تصب في تلك الأماكن، لا سيما في المسبح الشعبي "المفترض" في الميناء، ما يُعرّض حياة وصحّة هذه العائلات لأمراض خطيرة عدّة، نتيجة هذا التلوّث سواء أكان هذا التلوّث جرثوميًا بالأحياء المجهرية، أو كيمائيًا بوجود نسبة عالية من المواد الصلبة، كالكلور، المانغيزيوم، وحامض الكبريت، إضافة إلى التلوّث النّاتج عن المعادن الثقيلة كالنّحاس، الرصاص والزئبق.. وغيرها من الملوّثات التي كان من المفترض أن تكون عائقًا أمام أهالي المدينة في الكارثة البيئية التي يُواجهونها.

أمام هذا الواقع، فإن الكثير من العائلات التي ترتاد هذه الشواطئ، عرضة كبيرة للمخاطر الصحية (من اسهال واستفراغ وحرارة مرتفعة) إضافة الى ذلك، فإن تلك الشواطئ لا تتمتع بطبقة رملية، بل أكثرها من الصخور، ما يرفع من مخاطر الغرق وغيرها من المخاطر نظرًا لكون هذه الشواطئ غير آمنة وغير مراقبة، ولا توجد فيها حواجز لحماية المواطنين.

2018-07-07