ارشيف من :نقاط على الحروف

’رياح الظلام’.. جماعات التكفير لم تنحصر في الإسلام

’رياح الظلام’.. جماعات التكفير لم تنحصر في الإسلام

يظن من لم يتابع ويقرأ تاريخ الأديان أن الحركات التكفيرية انتشرت في الإسلام فقط، وأن سبب الإرهاب هو الدين الإسلامي. هناك من يغض الطرف عن أفراد اتبعوا الديانتين السماويتين المسيحية واليهودية فشوهوا تعاليمها وحرفوها عن مسارها الصحيح، وهناك من يعمل على تغيير صورة التاريخ وكتابته وفق تطلعاته من دون الحديث عن معاناة المسيحيين واليهود وكذلك المسلمين من حركات متطرفة انتشرت في هذه الديانتين  فضلاً عن حركات الإرهاب التي انتشرت في المجتمعات الإسلامية.

ومع قراءة برامج ومخططات هذه الجماعات يظهر الهدف المتفق عليه من هذه الحركات هو تظهير التدين على أنه سبب التطرف، لتشويه صورة الأديان السماوية ـ التي أرسلت من أجل نشر المحبة والسلام والتعايش بأمن وسلام ـ ومحاربتها وإبعاد الناس عنها.

البروباغند التي يعمل بها منذ قبل حروب المئة عام الأوروبية تقوم على شعار أن الدين هو أصل الإرهاب، نتيجة انتشار حركات اختبأت بلبوس التدين وأتت من بيئة فهمت هذا الدين بشكل غير سليم. ومنذ انهار الاتحاد السوفياتي بدأت واشنطن تنشر فكرة أن الدين الإسلامي هو أصل الإرهاب والتطرف والتكفير، هذه الفكرة يشتغل عليها أعداء هذا الدين من أجل تشويه صورته، لتصنع الولايات المتحدة الأميركية عدواً جديداً لها من أجل غزو الشرق الأوسط، وإخماد قوة المسلمين في تشكيل تهديد للهيمنة الأميركية والأمن الإسرائيلي.

ولمعرفة تاريخ هذه الجماعات التي انتشرت بين الأديان، يمكن متابعة  برنامج "رياح الظلام" وهو سلسلة وثائقية من ٣ حلقات تعرض لتاريخ الحركات التكفيرية، وهو عمل كبير استغرق نحو سنتين من البحث والتدقيق والتعديل، و يعرض الاحد الاثنين والثلاثاء 10/9/8 حزيران الساعة 10.30 ليلا على قناة المنار.

وحول معرفة تفاصيل هذا العمل الكبير ودوافعه، يقول المعد المشارك في إعداد هذا العمل، الصحافي قاسم فياض، إنه "مع انهيار مشروع  داعش في المنطقة، وانكسار المشروع التكفيري، تعيد قناة المنار عرض السلسلة الوثائقية "رياح الظلام" ( بحث وإعداد: محمّد ماجد وقاسم فيّاض، إخراج إنعام حنّاوي، إنتاج: شركة إبداع)، الذي يسعى للإجابة عن أسئلة مثل: من هم التكفيريون؟ ماهو مرجعهم الفكري؟ ما هي أهدافهم؟ وما أسباب ظهورهم؟ في عمل وثائقيّ تلفزيونيّ استغرق العمل عليه سنتين ونيّف، وتضمن لقاءات مع عشرات العلماء والمفكرين من العالمين العربي والاسلامي ومنهم مقابلة مع الكاتب الشهيد ناهض حتر الذي قُتل على يد التكفيريين".

ويوضح فياض في حديث لموقع "العهد" الاخباري أن "الحلقات تستعرض تاريخ نشأة التكفير، "ويسعى العمل لدرء شبهة ان التكفير منبعه الدين الاسلامي، بل هو متجذر في النفس البشرية بمعزل عن الدين واي جماعة قد تلجأ لهذا الاسلوب حين يتم المس بها وبما تملك وتمثل".

’رياح الظلام’.. جماعات التكفير لم تنحصر في الإسلام

مصاعب كبيرة واجهت هذا العمل سيما أنه عن جماعات من الصعب التواصل مع عناصرها، وهنا يقول فياض، ان "هناك مصاعب كبيرة واجهت العمل من ندرة المادّة المرئيّة التي ترافق النصّ أثناء الكلام النظريّ، الذي قد يعيق الشكل الاخراجي للحلقات بالاضافة الى قلّة الإمكانات بالمقارنة مع أعمال ضخمة تنفق مئات الملايين في الإنتاج".

فياض يبين كيفية العمل البحثي في هذا العمل، مشيراً إلى أنه "بسبب الخصوصية التاريخية التي يحملها النص حيث يطل على مفاصل هامة في تاريخ التكفير، فقضيّة الإلغاء والتكفير والقتل تحت مسمّيات دينيّة عقائديّة مسألة رافقت مسيرة الإنسان في كافة الأزمنة، منذ قتل قابيل لأخيه هابيل، وعرفها الوثنيّون كما عرفتها الأديان والعقائد الفلسفيّة، لهذا كان لا بد من اعتماد منهج تاريخي يبرز في النص، وننتقل منه الى واقعنا اليوم في المقابلات التي شملت عددا كبيرا من الشخصيات ( بلغ عددها نحو 50 مقابلة) بعد انجاز الاستقراء المرجعي والوثائقي للعديد من الكتب والمراجع".

ويقول فياض إنه "في ظل الهجمة الاعلامية الكبيرة والامكانات الضخمة للمحور المقابل، تجري محاولة تصوير التكفيريين على انهم "ثوار" في وسائل الاعلام الخليجية وانهم ظهروا فجأة كطفرة سببها الطرف الآخر، لكن الحقيقة تقول ان الغالبية العظمى من الحركات التكفيرية الحالية تعود في أصل نشأتها وفكرها الى الحركة الوهابية، وهي تتلقى الدعم المالي واللوجستي والبشري من السعودية"، على حد تعبيره.

ويختم فياض حديثه بالقول "لذلك كان لا بد من الخروج من هذه الدوامة والتسطيح وفي تسمية الاشياء بأسمائها بعمل هادف يرتقي بعقول الناس وينمّيها، وهكذا يمكن القول ان هذا العمل يشكل وثيقة معرفية لمن يريد التعرف على فكر هذه المجموعات".

2018-07-07