ارشيف من :مقالات

 أزمة القروض السكنية.. تداعيات اقتصادية ومخاطر بالجملة 

 أزمة القروض السكنية.. تداعيات اقتصادية ومخاطر بالجملة 

لدى البحث عن حقيقة الوضع الإقتصادي في لبنان، ما تنفك أن تُطالعنا عبارات اعتدنا على سماعها لسنوات وسنوات. الوضع الاقتصادي على شفير الانهيار. الحالة الإقتصادية خطيرة ومهددة. الدورة الإقتصادية الى تراجع. المؤشرات الاقتصادية السلبية كالبطالة والركود والعجز مخيفة. هذا الواقع لا يشكّل غيمة صيف عابرة، بل قدراً ولازمة لا تفارق يوميات الحياة الاقتصادية في لبنان منذ سنوات. الأسباب لا تستدعي الكثير من التأمل والبحث، فقط فتّش في غياب الخطة الاقتصادية التي يجب أن تشكّل نواة أية دولة للعبور نحو التطور والازدهار. إنها "مشكلة المشكلات" في لبنان، فلا رؤية واضحة للمسار الاقتصادي، ولا خطة انماء تُسهم في رفع العجز عن كاهل الخزينة. اليوم، تبلغ نسبة النمو الاقتصادي أقل من 1.5 بالمئة، وهي نسبة متدنية جداً اذا ما قورنت بالسنوات الماضية. توقف القروض السكنية منذ أشهر يشكّل أحد العوامل التي ساهمت في بلوغ النمو مرحلة مخيفة. في ظاهر الأمر، تطال تداعيات هذه الخطوة، الأسواق العقارية، إلا أنّ الواقع يُبين أنّ انعكاساتها لم تقتصر على القطاع العقاري، بل طالت مختلف القطاعات، لتؤثر على عجلة النمو الاقتصادي بأكملها.  

الخبير الاقتصادي غازي وزنة يؤكّد في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ القطاع العقاري وعلى مدى سنوات أثبت أنه المحرك الاساسي للنمو الاقتصادي في البلد. وفق حساباته، فإنّ" توقف القروض السكنية خلق حالة من الجمود في هذا القطاع، وأدى الى تراجع الأسعار، ما أرخى بانعكاسات سلبية جمة على قطاعات أخرى، انطلاقاً من الارتباط الوثيق بين القطاع العقاري وباقي القطاعات، وعلى رأسها التجارية والصناعية". فتوقف القروض يعني تكدس العقارات، ويعني حكماً التوقف عن إنشاء المزيد من الوحدات السكنية، ما يحتم بالضرورة الاستغناء عن الأيدي العاملة، وتضرر العديد من عمال المهن الحرة وأصحاب المصالح لا سيما محلات المفروشات، التي عمد بعض أصحابها الى صرف موظفين، والشركات التي تبيع مواد بناء، ما خلق حالة من الشلل، زادت الطين بلة في الموضوع الاقتصادي. 

ولا تتوقّف تداعيات توقف القروض على الناحية الاقتصادية، بل تطال الاجتماعية منها. وفق وزنة فإنّ مشكلة السكن تطال الحالة الاجتماعية، إذ تخلق أزمة في تشكيل الأسر، ما يؤدي الى تأجيل الارتباط، ويشكل حافزاً للهجرة الى الخارج. كما يخلق جواً من الاحباط لدى الناس الذين لا يستطيعون تأمين مسكن. يشدّد المتحدّث على أنّ معالجة أزمة السكن لها منافع اقتصادية ومالية واجتماعية يُفترض على الدولة التركيز عليها، عبر إيجاد حل للاستمرار بإعطاء القروض المدعومة، والتي تبلغ 5000 قرض سكني سنوياً لأصحاب الدخل المحدود والمتوسط. وهنا يشير وزنة الى عدة طرق:

 ـ استمرار مصرف لبنان بسياسة دعم القروض السكنية

ـ تحرك الحكومة لتنظيم سندات خزينة تدعم من خلالها القروض

ـ نقل اعتمادات من احتياطات الموازنة خاصة بعملية دعم القروض


وأخيراً، يُشدّد وزنة على أن لا حل للواقع الاقتصادي المزري الذي يمر به لبنان سوى بابتكار خطة انمائية وبرنامج لا يتعلّق فقط بسياسات الاسكان والمشاريع الاسكانية، بل يشكل معالجة جذرية لكافة المشكلات، ينتقل بموجبها النمو الاقتصادي من الحضيض الى أحس حال.

2018-07-10