ارشيف من :مقالات

في مؤتمر صحفي عقده عام 1969.. الإمام الصدر: درّبوا أبناء الجنوب وسلّحوهم

في مؤتمر صحفي عقده عام 1969.. الإمام الصدر: درّبوا أبناء الجنوب وسلّحوهم

عقد الإمام الصدر مؤتمرا صحافيا بتاريخ 9 رمضان 1389 هـ الموافق 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 1969 في مقر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بالحازمية، ونشرت وقائعه الصحف اللبنانية الصادرة في اليوم التالي.

وتلا الإمام الصدر في المؤتمر بياناً حدّد فيه الخطوط العريضة التي ينبغي على ضوئها وضع قاعدة الانطلاق نحو المستقبل المليء بالاخطار المصيرية. وقال ان المبادىء المتفق عليها هي التالية:

1. إن إسرائيل بوجودها وبما لها من أهداف تشكل خطرًا علينا، محدقًا على جنوبنا وشمالنا، على أرضنا وشعبنا، على قيمنا وحضارتنا، على اقتصادنا وسياستنا.

إنها تشكل الخطر الآن وفي المستقبل؛ في المنطقة وفي أبعاد لبنان التاريخية والجغرافية والبشرية. هذا المبدأ لا يحتاج الى إثبات إلاّ لمن يجهل حقيقة إسرائيل أو يتجاهلها.

2. ومجاورة هذا الخطر الدائم الداهم تقتضي الاستعداد الدفاعي والسياسي والإعلامي والاقتصادي والاستعداد النفسي أيضًا، وبدون هذه الاستعدادات نعيش حالة الاستسلام أو تجاهل الخطر.

دعم المقاومة
3. ومن صميم الاستعداد لهذه المعركة المحتومة إضعاف الخصم أيضًا بأي صورة وفي أي حقل، وكلنا يعرف أن من أفضل وسائل تحقيق هذه الغاية هي وجود المقاومة الفلسطينية ونموها.وهذا يعني أن دعمنا للمقاومة ومشاركتنا في تصعيدها وحرصنا على سلامتها، هذه المساعي هي جزء من استعدادنا لمجابهة العدو. ولذلك فهي تنطلق من نفس المبدأ الذي ينطلق منه السعي للمحافظة على الوطن والدفاع عنه ولا تتناقض معه إطلاقًا.

4. إن معركتنا هذه ذات وجوه كثيرة فهي معركة حضارية طويلة الأمد متعددة الجهات، وطنية، قومية، دينية. إنها معركة الماضي والمستقبل، معركة المصير. وهذا يعني أن المطلوب منا الاستعداد ليس لأجل الأيام والأسابيع القادمة فقط، ولكنه للسنوات ولعشرات السنين وعلى جميع الجبهات وبكل المستويات ومع جميع الطاقات.

نقاط الضعف في الجبهة
5. إن منطقة الجنوب بوضعها الحالي تشكل نقطة ضعف كبيرة في الجبهة، حيث إنها بطبيعتها الاستراتيجية النادرة وغناها الطبيعي تؤثر في وضع المعركة عند تعرض العدو لها، وتغير معالم الحرب والتوازن بين القوى.

وهذا يعني التهاب أطماع العدو على المنطقة التي ليست مع الأسف مستعدة إطلاقًا للدخول في المعركة دفاعيًا واجتماعيًا ونفسيًا. ويعني هذا الكارثة، كارثة لبنان حتى قبل الشروع في المعركة.

6. ومنطقة الجنوب هذه لا يمكنها وحدها القيام بأعباء الدفاع، ولا تحضير معركة من معاركه، ولكنها كانت ولا تزال جزءًا مخلصًا ومؤثرًا في مصير هذا البلد وهذه الأمة.

فوقوفها أو انهيارها ليس أمرًا عابرًا، بل ينعكس على المناطق الأخرى بصورة عنيفة.

7. وهنا نصل الى نتيجة حتمية للمقدمات والمبادىء الستة السابقة، وهي ضرورة مشاركة جميع اللبنانيين، بل العرب أجمع، في تحسين أوضاع الجنوب دفاعيًا واجتماعيًا واقتصاديًا ونفسيًا وجعله مستعدًا للصمود ولخلق السد الأول في وجه العدو.

واجب الدفاع المقدس
إن المشاركة هذه ليست وظيفة دينية قومية وطنية فحسب، بل إنها الدفاع عن النفس لكل مواطن لبناني ولكل عربي بل لكل مؤمن في الشرق.

والتأكيد هنا على هذه الحقيقة الواضحة ليس غريبًا حينما نشعر باللامبالاة عند بعض المواطنين، وكأنهم يعيشون أيام القرون الوسطى حينما كان الإنسان يحمي عائلته أو قريته بمعزل عن محيطه، وحينما كان يعيش في واحة بين أمواج من التوتر واللهب تجتاح ما حوله.

ان الحاجة إلى الأوطان ليست ترفا فكريا
إن الحاجة الى الأوطان ليست ترفًا فكريًا أو رغبة في اتساع رقعة المسكن، أو اتفاقية مكتوبة تربط بين المناطق المتعددة، بل هي حقيقة التطور والنمو التدريجي في المنافع والأخطار والمصالح والأضرار؛ وهي أيضًا المشاركة الحقة في الآلام والآمال.

وبقاء الأوطان وخلودها أيضًا ليس أنشودة ولا حلمًا، ولا التزامات وطنية أو دولية، بل هو الوحدة الحقيقية في الاتجاه، في المبدأ المتكون من الآلام والمنافع، وفي المنتهى المتجسد بالآمال والطموح.

فشل العدو في إفساد الوحدة
والشعب يبقى لا كأفراد وأنفار (فما أكثر الأمم الغابرة )، بل يبقى كاتجاه ورسالة حتى لو ذهب بعض أفراده وقتل الألوف أو عشرات الألوف منه. وهنا بالذات يكمن سـر القوة وموطن الضعف لكل شعب ولكل أمة.

إن العدو كان يظن أنه يتمكن بواسطة ضرب المطار تجزئة هذا الشعب، والمتربصون دائمًا يتوقعون الإنهيار الداخلي لوجود الطوائف المختلفة في لبنان.

ألا وقد خاب ظن المتربصين وردّ كيد العدو، فلنقوِ هذا الاتجاه الوطني الواحد بالمشاركة الحقيقية التي هي الميثاق الحقيقي وهي المواطنية الصادقة والوحدة الحقيقية في ساعات الرخاء وأيام السلام.

في ساعات الرخاء وأيام السلام، كان تقسيم المنافع والمشاريع بالنسبة إلى منطقة الجنوب قسمة ضيزى، ولكنها [هذه المنطقة] صبرت واحتسبت وكانت وفية. فلنتحمل عنها بعض الأعباء، ولنشاركها في المحنة، لكي يشعر أبناؤها بوضوح أنهم مواطنون في الساعات الحرجة على الأقل.
ما أحوج أبناء الجنوب إلى الوضوح في هذا الوقت، والتأكد من مشاركة اللبنانيين جميعًا لهم والعرب أجمع، سيما بعد طول الإهمال والكثير الكثير من الوعود غير المنجزة.

عزم الجنوب على الصمود وشروط هذا الصمود
أؤكد لكم رغبـة [منطقة] الجنوب وعزمها على الصمود وعلى تحـمل المحنـة حتى الفناء (ولا فناء)، ولكن عليكم أن توفروا لهم وسائل الصمود وإمكانيـة الصمود وإعطاء فعاليـة لصمودهم.

أعطوا الأفضلية للجنوب في الموازنة العامة سنة أو سنتين، بعد أن عاش في أفضلية الحرمان منها عشرات السنين. أنجزوا المشاريع المدروسة والمقررة والموعود بها عشرات المرات، وأولها مشروع الليـطاني. مئات من القرى سجلت الأراضي المطلوبـة بإسم وزارة التربيـة على أمل بناء المدارس فيها وهي تنتظر، والأراضي المستملكة للطرقات وعبور الأنابيب وبناء الخزانات كثيرة بانتظار الإنجاز.

ساهموا في رفع معنويات أبناء الجنوب، زوروهم، إكتبوا عنهم وعـن بلادهـم مقـالات وريبورتاجات، أقيموا مواسم وأعيادًا وطنية ومهرجانات مهذبة بينهم، وأكثروا من التنقل في قراهـم النائية وبصورة خاصة القرى المجاورة للحدود.

درّبوا أبناء الجنوب وسلّحوهم
دربوهم على السلاح، وسلحوهم، وحافظوا على ولائهم الوطني، وعلى ولائهم لكم. وبهذه الوسيلة تكونون قد ساعدتم جيش الوطن، وحافظتم على المقاومة الفلسطينية، وكونتم نواة للمقاومة الوطنية لليوم العصيب.

أسسوا لجـانًا شعبية لنصرة الجـنوب، ولإنعاشه ولصموده، تستعين بالمواطنين وبالعـرب حكومات وشعوبًا في كل مكان، فتؤسس لهم مدارس ومستوصفات نقالـة ومشاريـع ومصانـع ووسائل الدفاع المدني وأمثال ذلك.

#شهر_الامام
#ابناء_الصدر

2018-08-31