ارشيف من :مقالات

تونس: حل للأزمة السياسية على الطريقة اللبنانية

تونس: حل للأزمة السياسية على الطريقة اللبنانية

دأب التونسيون على حل خلافاتهم السياسية بالحوار بعد أن تشكل وعي جماعي مفاده أنه "بعيدا عن الحوار لا يوجد إلا الدمار وخراب الأمصار"، وما تهدم يصعب إعادة بنائه خاصة وأننا إزاء بلد بنى نفسه بإمكانياته الذاتية المحدودة دون مساعدة شقيق أو صديق. ولعل ما يحصل في ليبيا المجاورة يجعل التونسيين يفكرون مراراً وتكراراً قبل حمل السلاح بوجه بعضهم البعض ويقتنعون أكثر فأكثر أنه مهما اشتدت الخلافات لا يوجد بديل عن الحوار.

 

في هذا الإطار، يدور الحديث عن وجود طبخة يتم الإعداد لها أساسها إرضاء الجميع بأنصاف الحلول حتى لا يجوع الذئب ولا يشتكي الراعي، وسيتم الشروع قريبا في تطبيقها وقد لا يتم الإعلان عنها. وهي على الطريقة اللبنانية على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، ويبدو أن الكل رضي بها ولا يرغب في أي بديل عنها.

الشاهد رئيس للحكومة

ولعل أهم ما في هذا الإتفاق هو مواصلة رئيس الحكومة يوسف لمهامه على رأس الحكومة وهو الذي كان قاب قوسين أو أدنى من المغادرة لولا وقوف حركة "النهضة" معه بعد أن تخلى عنه حزبه حركة "نداء تونس". وقد نال الشاهد دعم الحركة مقابل إقالة وزير الداخلية لطفي براهم ومقابل خدمات أخرى يدركها القاصي و الداني في تونس، وبالتالي فإن بقاءه هو إرضاء للحركة الإخوانية التونسية.

وتتضمن الصفقة أيضاً التزاماً من جماعة الشاهد بعدم الإعلان عن كتلتهم النيابية الجديدة التي تشكلت من نواب ندائيين غاضبين من طريقة تسيير المدير التنفيذي للنداء حافظ قائد السبسي نجل رئيس الجمهورية للحزب الفائز في انتخابات 2014. كما تضم الكتلة التي شكلها يوسف الشاهد نوايا منشقين عن أحزاب أخرى على غرار حزب آفاق تونس والحزب الجمهوري والإتحاد الوطني الحر وكذلك مستقلين.

ثلاث حقائب

وسيفرض على الشاهد بالمقابل أن يقبل بإجراء تحويرات وزارية تشمل مبدئيا ثلاث حقائب وزراؤها من أنصار نجل رئيس الجمهورية حافظ قائد السبسي المدير التنفيذي لحركة "نداء تونس" التي جمدت عضوية الشاهد بعد خروجه عن بيت الطاعة الندائي. وعلى ما يبدو فإن قرار التجميد سيتواصل إلى حين إجراء مؤتمر حركة "نداء تونس" وهو مؤتمر على الأرجح أنه لن يحصل في المستقبل القريب على الأقل.

كما تتضمن الصفقة انتخاب رئيس جديد للهيئة المستقلة للإنتخابات من قبل البرلمان، وذلك عوضاً عن الرئيس المستقيل خاصة وأن سنة 2019 ستشهد إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية على دورتين. كما ستباشر المحكمة الدستورية الجديدة مهامها قريبا بعد إكمال النصاب المتعلق بها لتصبح فاعلة وتعوض المحكمة الإدارية التي كانت تتولى مهام المحكمة الدستورية في انتظار نشأتها.

ولا يمكن إنجاز أي صفقة دون إرضاء المركزية النقابية، أي الإتحاد العام التونسي للشغل، الذي يمثل إحدى القوى الفاعلة في البلاد حيث من المقرر أن تعود المفاوضات الإجتماعية المعطلة مع الحكومة وتتفعل الزيادات القديمة في أجور ورواتب العمال والموظفين والتي تم الإتفاق عليها سابقا بين الإتحاد والحكومة.

تعود المفاوضات الإجتماعية وتتفعل الزيادات القديمة. ينتخب رئيس جديد لهيئة الإنتخابات وتكتمل المحكمة الدستورية. ويبقى قرار تجميد الشاهد قائما إلى مؤتمر الحزب الذي لن يتم.

 

2018-09-18