ارشيف من :آراء وتحليلات

حرب حزب الله مع ’إسرائيل’ كشفت ثغرات جيش العدو

حرب حزب الله مع ’إسرائيل’ كشفت ثغرات جيش العدو

تشهد منطقتنا حالة من التوتر والنزاعات تتداخل فيها "الدبلوماسية التكتيكية" التي تحمل التسويات في ثناياھا مع بذور حروب جديدة. فالمنطقة تلفحها رياح عواصف عسكرية، حيث اتسمت الفترة الماضية بظهور تھديد إسرائيلي بحرب مدمرة على حزب الله، مع ارتفاع نبرة التهديد المتبادل.

خرج جنرال إسرائيلي كبير، طلب عدم نشر اسمه مكتفيا بالإشارة إلى أنه قائد كبير في منطقة شمال "إسرائيل"، في ختام تدريب لوحدة المظليين على حرب مع حزب الله، بتصريحات قال فيھا إن "حزب الله ازداد قوة في السنوات الأخيرة، خصوصاً بعد تجربته القتالية المھمة في سوريا إلى جانب قوات الجيش النظامي السوري والحرس الثوري الإيراني، ثم الجيش الروسي، وأصبح ذا خبرة قتالية كبيرة وخطيرة". وأضاف إنه في ظروف معينة قد يجد حزب الله نفسه مضطراً لخوض ھذه الحرب، وعندھا سوف يُفعّل قوة كبيرة وخطيرة ضد "إسرائيل"، وذلك على ثلاثة محاور:

- الأول بواسطة الاعتماد على مقاتلين أفراد ينتشرون حالياً على طول الحدود في مواقع متفرقة وتحصينات عسكرية، سيكون دورھم عرقلة تقدم الجيش الإسرائيلي خلال الحرب، وھم سيفتحون معركة، ثم ينضم إليھم آخرون من قوات الاحتياط.

- الثاني ھو عبارة عن كمية ھائلة من الصواريخ القريبة والبعيدة المدى التي بحوزة حزب الله، ويستطيع أن يوجھھا إلى كل بقعة من فلسطين المحتلة تقريباً.

- الثالث يكمن في تنفيذ حزب الله تھديده ومحاولة التسلل إلى فلسطين المحتلة بقوات "كوماندوز" تدربت على "احتلال بلدات يھودية قرب الحدود"، وفق التوصيف الاسرائيلي.

من جھة أخرى، أعرب كيان العدو، في موازاة إطلاق التھديدات ضد حزب الله، عن تفاؤل حذر بإمكان التوصل إلى تسوية مع لبنان، حول الخلاف على الحدود البرية، والذي يحول حتى الآن دون استكمال بناء الجدار الإسرائيلي الاسمنتي الفاصل، على طول الحدود. وحول أسباب بناء الجدار الاسمنتي الفاصل، شدد الضابط الإسرائيلي على السبب الوقائي والخشية من تسلل آلاف المقاتلين من حزب الله الى داخل الأراضي المحتلة. وقال إن ھذا الحاجز مبني داخل "حدود" الكيان جنوب "الخط الأزرق"، بھدف تعزيز حماية بلدات ما يسمى "الشمال الإسرائيلي".

ولكن، بعد إعلان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غادي آيزنكوت أن جيشه على أتم الاستعداد لمواجھات حربية في كل الجبھات، دعا مفوض شكاوى الجنود في الجيش نفسه يتسحاق بريك، بشكل غير مسبوق، إلى تعيين لجنة تحقيق من خارج الجيش، برئاسة قاض متقاعد من المحكمة العليا، كي تدقق في مدى جاھزية الجيش للحرب.

وأعد بريك وثيقة كشف النقاب عنھا، قال فيھا إن الجيش ليس جاھزاً للحرب. وتم تصنيف رسالة بريك بأنھا "سرية للغاية". وھي تحتوي على محادثات أجراھا بريك مع ضباط برتب مختلفة في ذراع البرية، تحدثوا عن فجوات عميقة في مستوى التدريبات والعناية بالعتاد القتالي.

واعتبر المحلل العسكري في صحيفة "ھآرتس" عاموس ھرئيل مطالبة بريك بتشكيل لجنة التحقيق أنھا ليست غير مسبوقة فقط، وإنما ھي تعكس أمرين:

الأمر الأول، ھو وجود قلق عميق من وضع القوات البرية.

الأمر الثاني، ھو انعدام الثقة المتزايد في قدرة الجيش الإسرائيلي على اختبار نفسه وتصحيح الأخطاء والإخفاقات.

في المقابل، وخلال إطلالات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الأخيرة، كانت لغة التحدي واضحة في مخاطبة "إسرائيل"، والتي اختصرتها عبارة "حزب الله أقوى من الجيش الإسرائيلي.. وإذا فرضت "إسرائيل" على لبنان حرباً فستواجه مصيراً وواقعا لم تتوقعه في يوم من الأيام".

ھذا الكلام الذي رصدته الدوائر الإسرائيلية باھتمام في حين أغفلته المواقف الرسمية، يندرج في إطار رد على تھديداتھا ومناوراتھا وعلى الحرب النفسية التي تشنھا. وھذه الرسائل الردعية تھدف الى تعزيز توازن الرعب وإشعار "إسرائيل" أن أي حرب جديدة ستكون مدمرة ومكلفة، وأن حزب الله الذي لا يريدھا جاھز لھا، في حين أن "إسرائيل" لا تقوى على تحمّل نتائجھا بسبب ضعف جبھتھا الداخلية وافتقادھا الى العزيمة وإرادة القتال والصمود.

 جاء الرد من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياھو الذي ھدد بأنه في حال اندلعت حرب مع حزب الله، فإنھا ستكون الأخيرة. وشدد قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي الجنرال يوئال ستريك :"ھدفنا الاستعداد للحرب، وسوف نقوم بتفعيل قدراتنا بكامل قوتھا لتقليص الأضرار. ستتعرض الجبھة الداخلية لھجمات ولكنھا ستبقى صامدة. على كل صاروخ غير دقيق من لبنان ستتوجه أطنان من المتفجرات إلى موقع دقيق لحزب الله".

ھذا التطور، استدعى تخوّف مصادر ديبلوماسية غربية من أن تنزلق التھديدات المتبادلة بين حزب الله و"إسرائيل" الى ما ھو أخطر في المرحلة المقبلة. وقالت المصادر "إن بلوغ التھديدات ھذا الحد من استعراض القوة من قبل الجانبين مؤشر خطير، ويبعث على القلق من احتمالات أسوأ يمكن أن تطرأ في أي لحظة إذا ما خرجت الأمور عن السيطرة".

في النهاية، "إسرائيل" اليوم لم تعد قادرة على فرض شروطھا في سوريا لجھة مطالبتھا بانسحاب حزب الله وإيران من ھناك، كما أن الولايات المتحدة تنسحب من ملفات المنطقة بعد ھزيمة مشروعھا، بالإضافة إلى أن الديبلوماسية الدولية تعمل على ترتيب المنطقة لتصل إلى حالة من الاستقرار على مقاسھا، أو إيجاد حالة من التوازن الھش يُبقي المنطقة على شفير الھاوية.

2018-09-29