ارشيف من :مقالات

وعود الحريري.. بين المناورة والواقع

وعود الحريري.. بين المناورة والواقع

 لا تزال أخبار تشكيل الحكومة على حالها منذ اليوم الأول للتكليف. وكأنّ المشهد يُعيد نفسه. تُشاع أجواء إيجابية تشي بقرب التأليف، تزداد نسبة التفاؤل، التي سرعان ما تصطدم بالعقد، فيتلاشى كل ما قيل. ولعلّ أكثر ما يلفت في هذا الصدد، هو كمية التفاؤل التي يمتلكها صاحب المهمة الرئيس سعد الحريري. لطالما يُسوّق هذا الرجل لفكرة مفادها أن صيغة حكومية متّفقًا عليها أضحت في الجيب، ولم ينقص سوى إعلانها. حديثه الأسبوع الماضي عن إبصار الحكومة النور خلال عشرة أيام يصب في هذا الإطار. كثيرًا ما تساءلت الأوساط السياسية والإعلامية عن الأسس التي بنى عليها الرئيس المكلّف هذه المهلة. البعض ممن يعنيهم الأمر، ظنّ أن في جعبة الحريري حلًا سحريًّا للعقد. البعض الآخر لم "يقبض" كلامه، ففضّل التريث في الحكم، متمنيًا ذلك. وفيما تشارف المهلة الحريرية على الانتهاء، إذ من المفترض أن يكون السبت المقبل موعد الفرصة الأخيرة لوعود الحريري، تُشدد مصادر رفيعة على أنّ كلام الحريري لم يُصرف سوى في سياق المناورة. أراد الرئيس المُكلّف ضخ جرعة تفاؤل في الأوساط بلا أي مستند واقعي.

توضح المصادر في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ العقد لا تزال هي هي دون أن تتقدَّم قيد أنملة. ولا يخفى على أحد أن المخاض العسير لولادة الحكومة مرده الى ثلاث عقد رئيسية.  الأولى مسيحية، يوجدها حزب "القوات" الذي يرفع سقف مطالبه، ويُطالب بما ليس له، وفق المصادر. الثانية درزية، تتراوح بين عناد رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" النائب وليد جنبلاط، والمطلب المحق لرئيس الحزب "الديمقراطي" اللبناني النائب طلال ارسلان. الأخير، تؤكّد مصادره أن أي خرق لم يحدث في جدار العقدة الدرزية، رغم كل ما قيل ويقال عن حلحلة في هذا الجانب. ترفض المصادر بشدة الحديث عن تنازل جنبلاطي. برأيها، التنازل صفة تُطلق على كل شخص يتخلى عن حقه، بينما قبول جنبلاط بوزيرين بدل ثلاثة، لا يفسَّر سوى بالرضوخ للواقع السائد، واعترافه بحصته الواقعية التي يجب أن يحصل عليها. وهنا ترفض المصادر رفضًا قاطعًا ما يقال عن مطلب جنبلاطي بأن يكون الوزير الدرزي الثالث شخصية وسطية. بالنسبة اليها، الوزير الدرزي الثالث من حق ارسلان وحده، وهو من سيسميه، لافتةً الى أنه وتسهيلاً للتأليف سيبادر ارسلان الى تسمية خمسة أسماء، ورفعهم الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لاختيار واحد منهم، وأي كلام غير ذلك، هو أضغاث أحلام، برأي المصادر.

لا تتوقع المصادر ولادة قريبة للحكومة طالما بقيت الأمور على هذا المنوال

تأخذ المصادر على الرئيس الحريري لامبالاته في الكثير من محطات التأليف. وفق قناعاتها، الحريري شخصية مرهونة للخارج ولا يمتلك "أي مَونة" على شيء. وطالما بقيت الأمور على هذا المنوال، فلا تتوقع المصادر ولادة قريبة للحكومة.

وبالعودة الى العقد، وثالثها السنية؛ تؤكّد مصادر مطلعة على سير المفاوضات، أنّ هذه العقدة الوحيدة التي لا يوليها الحريري أية أهمية. فهي في الأصل ليست ضمن قاموسه، ولا يعترف بوجود عقدة من هذا النوع. برأي المصادر، يسعى الرئيس المكلّف بيديه ورجليه لاحتكار حزبه (المستقبل) للتمثيل السني، في رفض واضح لنتائج الانتخابات النيابية، وهو ما لن يُسكت عنه أبدًا.

إذًا، وعلى مسافة يومين من انتهاء المدة الحريرية للتأليف. يبدو أن كلام الرئيس المكلّف لم يكن سوى "فرقعة" إعلامية غير محسوبة، لن تجد طريقها الى الصرف، طالما لا تزال العقد على ما هي عليه، اللهم إلا إذا طرأ ما لم يكن في الحسبان في ربع الساعة الأخير.

2018-10-12