ارشيف من :مقالات

موسم التفاح في الضنية وعكار: ماذا بعد فتح معبر نصيب؟

موسم التفاح في الضنية وعكار: ماذا بعد فتح معبر نصيب؟

في الوقت الذي يستعد فيه مزارعو لبنان للانتهاء من قطاف موسم التفاح، يعيش هؤلاء أزمة سنوية في كيفية تصريف محصولهم، في ظل التدهور الحاصل للأسعار الى ما دون سعر الكلفة، إضافة الى عدم تحمل السوق الداخلي كل تلك الكميات. لكن هذا العام، يبدو أنه يحمل بارقة أمل بدأت تلوح في الأفق، وهي التي يعول عليها المزارعون، مع اعادة فتح معبر نصيب الحدودي، علَّ ذلك يساهم في تعويض جزء من الخسائر التي باتت تعصف بالمزارع سنوياً.

يعتبر التفاح اللبناني، من ألذّ المنتجات وأفضلها، إلا أن المعوقات التي تقف في وجه تصريفه كثيرة، ومنها ما هو قابل للحل، ومنها ما يحتاج الى طروحات جدية تساعد المزارع في العيش بكرامة. من أبرز تلك المشكلات هي تصريف الانتاج، بعد أن أقفلت العديد من الأسواق الأوروبية والخليجية، أبوابها بوجه تلك المنتجات. إضافة الى ذلك، تعد المنافسة الكبيرة، على صعيد التفاح المستورد في الأسواق الخارجية. هذه الأسواق باتت مقفلة أمام المنتج اللبناني لأسباب عدة، أبرزها أنه غير قادر على المنافسة، أو بسبب الأحداث الأمنية في العديد من الدول العربية والتي كانت سوقاً كبيراً للمنتجات اللبنانية.

كذلك يعاني التفاح اللبناني، كما سائر الزراعات اللبنانية من غياب خطة استراتيجية واضحة ومتكاملة، إن من ناحية تصريف الانتاج، أو عبر تخصيص تعاونيات زراعية تساهم في الإشراف ومساعدة المزارعين، وتدافع عن مصالحهم. وتعتبر فكرة التعاونيات الزراعية، من أنجح الخطط لإعادة تنشيط الحركة الزراعية، حيث يعد عراب هذه الخطة وزير الزراعة السابق حسين الحاج حسن وهو الذي اعتبر أن "خلق التعاونيات هو جزء أساسي في معالجة المشاكل التي يعانيها صغار المزارعين والتي تعيق تطوير القطاع الزراعة، خصوصا أن هناك فارقا كبيرا بين سعر المبيع الذي يحصل عليه المزارع وسعر البيع للمستهلك".

موسم التفاح في الضنية وعكار: ماذا بعد فتح معبر نصيب؟

وفيما  يعد الدعم الرسمي للزراعة شبه غائب، بما يؤدي الى ارتفاع  كلفة الانتاج، يضطر المزارع الى تخزين منتوجاته في البرادات، فضلا عن تحمل كلفة النقل حيث لا يوجد برادات في القرى، ومن لم يستطع، يجد نفسه مجبرا على بيع منتجه بأسعار متدنية كي لا يتكبد مزيداً من التكلفة على النقل أو التبريد.

تفاح الضنية وعكار: هل من منقذ له؟  

يعد التفاح الذي ينتح في أعالي جرود الضنية، وجرود عكار، من أفضل الأنواع وأطيبها، نظراً لجودته ومذاقه الحلو، إلا أن ذلك لم يشفع لثمار التفاح لتجد طريقاً لها نحو التصريف، وما زالت  تصارع الموت منذ أكثر من عشر سنوات. وقد وصل الأمر ببعض المزارعين الى ترك انتاجهم يتساقط تحت الأشجار لأنهم لم يجدوا من يشتريه، وقسم آخر من هؤلاء فضّل ترك موسمه على أن يبيعه بأسعار متدنية لا تغطي التكاليف التي دفعها هؤلاء لمدة عام كامل، حيث أن سعر كيلو التفاح لن يتخطى 500 ليرة هذا العام.

تنتج الضنية كما عكار، كميات كبيرة من التفاح، خصوصاً في المناطق الجردية التي ترتفع أكثر من ألف متر عن سطح البحر، وهو ما يجعله ذات نوعية جيدة، إضافة الى أن العديد من المزارعين، يحاول تطوير منتجاته وتحسينها، عبر زراعة أصناف جديدة يمكنها منافسة أهم المنتجات الغربية، لكن كل تلك الخطوات لا تكفي، حيث المطلوب اليوم تحرك فوري من قبل الحكومة لتصريف الانتاج وإيجاد أسواق جديدة.

معبر نصيب: بارقة أمل

لا شك أن أول الخاسرين  من إقفال معبر نصيب، كان المزارع اللبناني، الذي تحمل طوال الست سنوات الماضية، خسائر كبيرة جراء عدم تمكنه من تصريف وتصدير انتاجه بعد الأزمة التي عصفت بسوريا. واستمرت مشكلة تصدير المنتجات الزراعية بالتجدد سنويا، دون أن تتمكن الدولة من إيجاد حل جذري لها، أو خلق أسواق جديدة، غير تلك التي اعتاد اللبنانيون تصدير منتجاتهم الزراعية إليها.

اليوم، ومع اعادة افتتاح معبر نصيب الحدودي، يعول مزارعو التفاح في عكاروالضنية على إمكانية تصريف انتاجهم، وهم بدأوا التحضير عبر تحضير المنتوجات الزراعية ووضعها في البرادات لتصديرها. إلا أن السؤال المطروح :"هل ستتحرك الدولة وتكلف نفسها عناء المساعدة والتواصل، في سبيل تسهيل الإجراءات القانونية مع الدول المجاورة، خصوصاً الدولة السورية؟".

2018-10-15