ارشيف من :مقالات

بتوقيع لبناني..بطارية من النفايات الزراعية

بتوقيع لبناني..بطارية من النفايات الزراعية

لا نفشي سراً إذا ما قلنا أنّ في لبنان طاقات إبداعية مهمة. التاريخ القديم والحديث يحفل بالعديد من الإختراعات والإبتكارات اللبنانية الصنع. يكفي أن نذكر في هذا المجال المبدع اللبناني حسن كامل الصباح و الابتكار التاريخي الذي سجّله والذي أحدث نقلة نوعية طالت مختلف جوانب الحياة. فكان أول من صنع جهازا ﱟ للتلفزة يخزن أشعة الشمس ويحولها ﺇلى تيار وقوة كهربائية، حتى لقّب بـ"أديسون الشرق". وبقدر ما يُشار الى ابتكارات واختراعات مهمة سجّلها لبنانيون، بقدر ما يؤخذ على الدولة اللبنانية تقصيرها في استقطاب تلك الطاقات، وتجييرها لصالح البلد الأم. تقارير منظمة اليونسكو للعلوم والثقافة لطالما نوّهت الى تدني مستوى الانفاق على الفرد اللبناني في مجال البحث العلمي. وهو الأمر الذي لطالما شكّل محط تساؤل لدى العديد من اللبنانيين خاصة المبدعين منهم، الذين لم يجدوا في بلادهم مستوى الاهتمام بأفكارهم وابتكاراتهم، كما وجدوا في الخارج. 

ولا يختلف اثنان على أنّ أفضل أنواع الابتكارات هي تلك التي تمس كل فرد منا في المجتمع. طبعاً لا ننكر أن لكل اختراع وُجهة معينة يُستفاد منها، ولكنّ الاختراع الذي يتولّد من حاجة عامة، لا شك أنه سيكون موضع اهتمام الجميع. وعملاً بهذا المبدأ، كان ابداع الشابة اللبنانية الدكتورة فاطمة ياسين، التي استطاعت أن تُحوّل عصارة النفايات الزراعية الى بطارية، في وقت يعجز فيه لبنان عن ايجاد حل لأكوام وحاويات القمامة. صيت لبنان في هذا الصدد وصل الى الاعلام العالمي. وللأسف حتى اللحظة لم يستطع القيمون على الملف ايجاد حل مستدام لهذه الآفة التي لم تبق ولم تذر على المستوى البيئي والصحي. فكيف استطاعت ياسين بإبداعها الاستفادة من هذه النفايات وتحويلها من عبء ثقيل الى وسيلة لتوليد الطاقة؟. 

تتحدّث ياسين لموقع "العهد" الإخباري عن ابتكارها المميز، فتشير أولاً الى أنّ عمره ثلاث سنوات، ولكن للأسف، أحياناً لا يأخذ الاختراع الا نسبة ضئيلة من الترويج. تشرح كيف تستفيد من عصارة نفايات الخضار والفواكه والتي تحتوي على نسبة سكر عالية، لتدخل عليها أحد أنواع البكتيريا "الحميدة" التي تتعايش مع الانسان. بعدها تُدخل ياسين مادة، تساعد على تجفيف المحتويات، ليصبح لدينا ورقة تحتوي على ألياف. هذه الورقة بمثابة بطارية لها قطب سالب وموجب تعمل على تخزين الطاقة بلا هدر، ويمكن الاستفادة منها كأي بطارية أخرى تُستخدم كطاقة بديلة متجددة. 

 

بتوقيع لبناني..بطارية من النفايات الزراعية

 

اختراع ياسين لم يكن الأول، لطالما عُرفت بتفوقها، وابتكاراتها، منذ أيام المدرسة، ومن ثم في الجامعة، حيث استطاعت إثر تفوقها في مرحلة الماجستر، الحصول على منحة لمتابعة الدكتوراه في جامعة كلود برنار في فرنسا. وهناك أبدعت، خصوصاً أنّ الظروف باتت مؤاتية أكثر. فكان ابتكار البطارية الذي سجلت براءة اختراعه باسم فرنسا لمدة عشر سنوات. وهنا تعد فاطمة بلدها الأم، بأن تعمل على تطوير الاختراع بعد عشر سنوات، ليستفيد منه لبنان. كما تشير الى أنها استطاعت عقب عودتها الى لبنان، أن تُدخل المادة التي استخدمتها في ابتكار البطارية، أن تدخلها في إعادة تدوير الورق، وفي صناعة الورق المقاوم للمياه. توضح المتحدّثة أن المادة تستعمل كبديل للمواد الكيماوية للوصول الى الخصائص الموجودة في الورق المعاد تدويره.  

ياسين ابنة دير قانون النهر الجنوبية، والتي حازت شهادة الدكتوراه عام 2015 في مجال تصنيع مواد صديقة للبيئة"، لا تنكر أن هناك اهمالا رسمياً في مكان ما لناحية استثمار الطاقات الشبابية، لكنها توجه نصيحة الى الشباب اللبناني بعدم انتظار الظروف المثالية. علينا أن نعمل من أجل الوطن، وأن نرفع اسمه عالياً، وأن نعمل بكل طاقاتنا لتزويد لبنان بأي ابتكار نقوم به، لأنه أولى بنا" تختم ياسين.
 

2018-10-15