ارشيف من :آراء وتحليلات

أردوغان والسعي الى صفقة المستطاع في قضية خاشقجي

أردوغان والسعي الى صفقة المستطاع في قضية خاشقجي

ظهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمام البرلمان التركي خلال تناوله قضية اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي ساعيا للوصول الى صفقة مع السعودية مخاطبا الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز بلقب خادم الحرمين الشريفين، وهو الذي طالب قبل ثلاث سنوات بتدويل فريضة الحج بعد حادثة التدافع في مكة المكرمة.

لم يقدم أردوغان للرأي العام في داخل تركيا وخارجها أي جديد. وكان قد أعلن في وقت سابق عزمه الإدلاء بتفاصيل مقتل خاشقجي، في خطاب يوم الثلاثاء، خلال اجتماع الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم، قائلا: "سأشرح التفاصيل وسنظهر الحقيقة بكل وضوح لماذا جاء 15 شخصا إلى تركيا، ولماذا تم اعتقال 18 في السعودية، ينبغي شرح ذلك بالتفصيل". وأتى خطابه خاليا من أي تفاصيل حتى أنه لم يشرح ما وعد بشرحه لماذا جاء الى تركيا ١٥ شخصاً بينما تحدثت السعودية عن ١٨ شخصا.

 ظهر أردوغان ضعيفاً، رغم مظاهر القوة التي حاول أن يبرزها كانت بعض عباراته تشير إلى أن الصفقة قد تمت أو على وشك أن تتم، وللمفارقة ليس كما تريد تركيا أو كما رسمت من سيناريو لهذه الأزمة، فالرجل كان تحت ضغط مديرة وكالة المخابرات الامريكية جينا هاسل التي وصلت إلى تركيا قبل يوم من خطاب أردوغان. وتظهر من خطابه الخفيف اللهجة ملامح ضغوط هاسل على تركيا وأصابع وكالة الاستخبارات الأمريكية في صياغة بعض عباراته، ويبدو لحد الآن أن السيناريو يسير وفق توازن أميركي دقيق تظهر بنوده كما يلي:

١ - صفقة تمنع الأذى عن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وتلملم الأزمة النقدية التركية ولا تعيد الود والحرارة للعلاقات التركية ـ السعودية بإرادة وقرار أمريكيين. فواشنطن ليست منزعجة أبداً من كل الانقسامات التي يعيشها العالم الاسلامي وهي تلعب على هذه الازمات لزيادة مبيعاتها من السلاح لهذه الدول.

2 - ملف قطر لا يزعج أمريكا، وليس أولوية تركية، وبالتالي سوف تستمر الأزمة ولن تكون جزءا من أي صفقة بقرار أمريكي أيضاً، مع الاشارة إلى أن أردوغان استفاد من الخلافات السعودية ـ القطرية مادياً عبر الاموال القطرية التي ضُخت في تركيا وسياسيا واستراتيجيا عبر إرسال قوات الى قطر على مقربة من حدود الحرمين لأول مرة منذ سقوط السلطنة العثمانية.

3 - موضوع القيادات الاخوانية في سجون مصر ليس أولوية أحد وخاصة أردوغان الذي يعتبر أي قوة لجماعة الاخوان المسلمين في مصر تقويضا لشرعية الزعامة التركية التي يدعيها على العالم الاسلامي، رغم كل التصريحات التركية العلنية المتباكية على مرسي ورفاقه.

4 - إطالة أمد الأزمة المتعمد والذي سوف يجعل الجميع تحت السيطرة الامريكية، فبعد المسلسل السعودي ـ القطري الطويل تعمل أمريكا لإنجاز صفقة تنهي موضوع قتل خاشقجي ولا تنهي الأزمة بين تركيا والسعودية.

المشهد يكشف عن أزمة مفتوحة سياسياً ومالياً بين الجميع، بينما تدير أمريكا دفة هذه الأزمة وفق مصالحها وحدها، وخلاصة ما يجري حاليا وما يظهر للعلن أن التركي بحاجة لأمريكا والسعودي بحاجة لأمريكا والقطري بحاجة لأمريكا. ألا يعني هذا الثلاثي شيئا؟
وحده الأردني وُضِع خارج الأزمة وفتح معبر نصيب بقرار أمريكي. الصفقة الكبرى تتبلور بشكل أفضل ونتائجها التي تظهر حالياً في سوريا سوف تظهر قريبا في اليمن.

2018-10-24