ارشيف من :أخبار لبنانية

بين العودة وتأجيلها الحريري في باريس.. وبرّي يحذّر!

بين العودة وتأجيلها الحريري في باريس.. وبرّي يحذّر!

في وقت تشهد المنطقة دخول دفعة جديدة من العقوبات الامريكية على ايران، وبالتزامن مع احتدام في الصراع الديمقراطي الجمهوري ضمن الانتخابات النصفية للكونغرس في الولايات المتحدة، لا يبدو أن هناك بصيص أمل في أن تبصر الحكومة اللبنانية النور قريبا، مع وجود الرئيس المكلف في باريس وبقاء ما يسمى "العقدة السنيّة" على حالها، وسط تحذيرات أطلقها رئيس مجلس النواب نبيه برّي معبرا عن استيائه من محاولة العزف على الوتر السني الشيعي.

"الأخبار": الحريري لعون: توزير أحد الستة إنتحارٌ لي

رأت صحيفة "ألأخبار" أنه ما لم تحدث اعجوبة، لكن ليس قريباً على الاقل، قد لا تكون ثمة حكومة لبنانية جديدة قبل مطلع عام 2019. لم يعد يفصل الكثير عن هذا التاريخ، وهو اقل من شهرين. لكنه في حساب الازمة الداخلية المتعددة الوجه اشبه بدهر

يوم بعد آخر، مذ غادر الرئيس المكلف سعد الحريري الى باريس في الاول من تشرين الثاني، لا يصح وصف مسار تأليف الحكومة الثانية للعهد سوى بالتشاؤم. بعض قنوات الحوار كانت بذلت نشاطاً الاسبوع الماضي، اقفلت ابوابها في اليومين المنصرمين: لا حوار بين احد، ولا مع احد. الرئيس المكلف بعيد من هنا، والافرقاء المعنيون في واد آخر. الجميع عند تصلّبهم، ما يجعل الاعتقاد بتحريك التفاوض وتبادل الافكار، وليس صدور المراسيم، اشبه بأوهام.

تعزّز الصورة القاتمة هذه بضعة معطيات تصب الزيت على النار:
اولها، اتصال هاتفي من باريس اجراه الرئيس المكلف برئيس الجمهورية ميشال عون قال فيه العبارة الصادمة: توزير اي احد من النواب السنّة المعارضين اعتبره انتحاراً لي ونهاية لحياتي السياسية.
عبارة كهذه كانت كفيلة بالعودة بالتأليف الى الوراء، اكثر مما دفعه حزب الله بدوره الى الوراء عندما طرح الشرط الذي استفزّ الحريري وأخرجه عن طوره.

ثانيها، ما سمعه البعض من النائب السابق وليد جنبلاط من ان الايام ــــ وربما الاسابيع ــــ المقبلة متروكة للهدوء والتروي والسكينة فقط، قبل التفكير في اي خوض في تفاوض ما. المحسوم بالنسبة اليه ان احداً لن يتراجع عن موقفه حتى اشعار آخر.

ثالثها، رغم الموقف المعلن لرئيس الجمهورية، المتحفّظ عن توزير احد النواب الستة اولئك لسبب وجيه افصح عنه، في المقابلة التلفزيونية في 31 تشرين الاول، وهو انضواؤهم في تكتل غير منسجم، بيد ان ذلك لا يحجب حقيقة اخرى يتمسّك بها الرئيس، هي ضرورة تأليف حكومة تنطوي على تنوّع سياسي داخل المذهب الواحد في صفوفها، وعدم حصر تمثيل طائفة في فريق سياسي واحد. خيار كهذا سرى على المسيحيين والدروز والشيعة، وسيسري على تمثيل السنّة في الحكومة الجديدة.

لا يرغب عون في الخوض في الاسماء، لكنه بالتأكيد جازم بدفاعه عن ابقاء الميثاقية بعيداً من متناول اي فريق سياسي منفرد، لئلا يشل اجتماعات مجلس الوزراء. مع علم رئيس الجمهورية ان في وسع رئيس الحكومة، تبعاً للصلاحية الدستورية في المادة 69، اطاحتها عندما يعلن استقالته.

رابعها، ما هو متوقع من الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في اطلالة السبت المقبل، بتأكيد الاصرار على توزير احد النواب السنّة الستة احتراماً لنتائج الانتخابات النيابية الاخيرة، ودفاعاً عن تحالفه معهم.

خامسها، مكوث الرئيس المكلف في العاصمة الفرنسية حتى 12 تشرين الثاني، من دون الجزم ــــ ما لم تقع الاعجوبة ــــ في اي موعد يمكن ان يعود الى بيروت. المؤكد في ابتعاد الحريري انه ليس في وارد الاصغاء الى اي احد في المسألة التي يرفضها على نحو قاطع: لا توزير لأي من هؤلاء اياً يكن، وفي اي حصة أُدرِجَ. لن يوقّع مرسوماً يحمل إسم احدهم. بذلك يعكس تشدّداً مآله ان لا وزراء سنّة خارج تيار المستقبل، ما خلا حالاً واحدة هي إبرام مقايضة بينه وبين رئيس الجمهورية كي يحوز مقعداً مارونياً في حصته، على ان لا يكون في المقعد السنّي في حصة الرئيس احد اولئك.


"الجمهورية": برِّي: إنتبهوا!

صحيفة "الجمهورية" تحدثت عن استغراب الرئيس برّي كيف يمكن تصوير مسألة تمثيل «النواب المستقلين»، على أنها مفاجأة وتمّ طرحها هكذا بقصد التعطيل، ويقول: أولاً، لا بد من ان تحلّ هذه المسألة كما يجب وبالشكل اللازم، وأنا شخصياً أوضحتُ للجميع من دون استثناء، انها ليست وليدة الساعة، ولا طارئة ولم تظهر فجأة. ولا أرى مبرراً لأن يُصاب أحد بالمفاجأة او ما يعادلها، هذه المسألة عمرها اكثر من 5 اشهر. وكلهم يعرفون، ذلك بمَن فيهم المتفاجئون.

على انّ ما أثار ارتياب بري واستياءه، هو محاولة العزف على الوتر السني الشيعي، وحرص في هذا السياق على القول: حذار اللعب على الوتر السني الشيعي، مع يقيني انّ أحداً لن ينجح في توتير هذه العلاقة، كنّا وما زلنا وسنبقى حريصين على صلابة العلاقة داخل الجسم السني الشيعي الواحد، والكل يعلم اننا في أسوأ المراحل تجاوزنا كل القطوعات.

وبالتالي، من العيب، لا بل من الخطيئة الحديث عن توتر وأزمة بين السنة والشيعة. في كل العالم حصلت فتنة سنية شيعية إلّا في لبنان لم يحصل هذا الامر، وعين التينة تشهد على الكثير من الاجتماعات واللقاءات في عزّ العواصف، والتي صَبّت كلها في سبيل الحفاظ على الوحدة السنية الشيعية. وهنا لا بد لي من أن أتوجّه بالشكر العميق الى المجلس الاسلامي الشرعي الأعلى لبيانه الاخير الجدير بالتقدير، والذي كان مضمونه ممتازاً وسياسياً بامتياز، وقاربَ الوضع الحكومي بكل موضوعية.

ولدى سؤاله: هل ثمّة مخرج للعقدة السنية؟ يجيب بري: لا شيء ملموساً حتى الآن، والأمور على حالها ولا جديد يوحي بحلحلة، وننتظر ماذا سيفعل الرئيس المكلف بعد عودته.

يستغرب بري تسريب البعض عن أنه دخل على خط البحث عن حل لهذه العقدة وإيجاد المخارج لها!! ويقول: لم أقم بشيء، ولم أبادر الى شيء، بل لم يطلب أحد منّي ذلك.

ألم يستنجدوا بك؟ يجيب بري: لو انهم أرادوا ذلك لفعلوه منذ زمن، ولكانوا سمعوا النصيحة من البداية، ولكانوا سلكوا أسهل طريق الى التأليف الذي يَمرّ إلزامياً بالتواضع والتنازل من قبل الجميع، ولكُنّا ذهبنا سريعاً الى حكومة بلا مزايدات ولا مكايدات، ولكُنّا وَفّرنا كل هذا الوقت الذي ضاع. وأمّا كم سيضيع من الوقت بعد؟ فلا جواب عند بري. بل انه يؤيّد موقف الهيئات الاقتصادية التي تهدّد بالتصعيد، ويقول: ما تُحذّر منه الهيئات الاقتصادية هو الذي أقوله دائماً وأحذّر من مخاطره منذ زمن. وأقول مجدداً: الوضع الاقتصادي قد لا يصمد أسابيع وليس أشهراً. فلينتبهوا. نحن نسابق الخطر.

اللافت للانتباه في قراءة بري لواقع المنطقة، التي تعكس استياءه من الصوَر المقيتة التي تُظهر بنيامين نتنياهو وعدداً من الوزراء الاسرائيليين، في بعض الدول العربية، كما تعكس عدم خشيته من تهديدات إسرائيل بضرب ما سمّتها قواعد صواريخ «حزب الله» قرب المطار.

يقول بري: عمر التهديدات يزيد عن الشهر، ولا اعتقد انّ التهديد بضرب قواعد هو أمر واقعي، لأنّ إسرائيل لو ضربت، فذلك سيستدعي رداً كبيراً.

وبالتالي، فَتح الباب لحرب أكبر. فهل اسرائيل تريد حرباً حاليّاً أو هي جاهزة لها؟ لا اعتقد ذلك. واعتقد انّ للسيّد حسن نصرالله كلاماً حول هذا الأمر بعد أيام (يوم الشهيد).

ولدى سؤاله: ماذا لو أخذتنا الى الحرب؟ يجيب بري: نملك سلاحين، فعنصر قوتنا انّ كل اللبنانيين من دون استثناء صف واحد، وكل القيادات والاحزاب والمكوّنات ضد إسرائيل ويعتبرونها العدو، وتضامنهم أكبر مما كانوا عليه في العام 2006. أمّا اذا وقعت الحرب، وإن كنتُ أستبعدها، فخيارنا معروف هو المقاومة وردّ أيّ عدوان.


"اللواء": برّي يكشف عن أزمة تمويل واستدانة.. والفيول الجزائري أبعَدَ العتمة وينتظر السُلفة
ومن باريس، ووسط جمود عملية التأليف، أجرى الرئيس الحريري اتصالين: الأوّل بالرئيس ميشال عون حول تفريغ باخرتين جزائريتين الفيول لصالح كهرباء لبنان، الأمر الذي بشر بابتعاد شبح العتمة، وتضمن الاتصال ما بذله رئيس حكومة تصريف الأعمال مع المسؤولين في الجزائر، والتي أدّت إلى الخطوة المشار إليها.. بعد ان يتوفر التمويل عبر الجلسة التشريعية التي دعا إلى انعقادها الرئيس برّي.

والاتصال الثاني، بين الرئيس الحريري والرئيس نبيه برّي، تناول جدول اعمال الجلسة، فضلاً عن مخاطر تأخير تأليف الحكومة، على الوضع الاقتصادي ومعاودة الحركة الاستثمارية والانتاجية في البلاد، بما في ذلك إقرار سلفة مالية طويلة لكهرباء لبنان.
على ان المثير للاهتمام، ما نقل عن لسان الرئيس برّي قوله: الخزينة تحتاج حتى آخر هذا العام إلى 1400 مليار ليرة، فمن أين ستتأمن المصاريف صعوداً والواردات هبوطاً، ولا حكومة تعكس الاستقرار السياسي والاقتصادي في لبنان حتى يستطيع الاستدانة والأخطر ان مواعيد ولادة الحكومة طارت، من دون الإشارة إلى يومين أو ثلاثة ولا حتى أسبوع، والعلم عند الله.

مؤشران للتعطيل
في هذا الوقت، برزت مجموعة مؤشرات تؤكد ما ذهبت إليه «اللواء»، من أن الأزمة الحكومية المستجدة أو المفتعلة، مرشحة للمزيد من الجمود والتعطيل، لعل أبرزها تمديد الرئيس الحريري اجازته الفرنسية أياماً عدّة، وربما إلى يوم الجمعة المقبل، حيث يُشارك في احتفالية توقيع اتفاقية السلام التي أنهت الحرب العالمية الأولى، في حضور نحو 70 رئيس دولة، في حين تمثل المؤشر الثاني اللافت سياسياً واجرائياً، دعوة الرئيس برّي إلى جلسة تشريعية عامة يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين، من ضمن جلسات تشريع الضرورة، علماً ان الرئيس برّي كان تريث في توجيه هذه الدعوة على أمل ان يتبلور مصير تأليف الحكومة.

وقالت مصادر قريبة من «بيت الوسط» ان وجود الحريري في منتدى السلام الباريسي، قد يُشكّل مناسبة لاجراء اتصالات وترتيب مواعيد مع بعض المسؤولين الذين يشاركون معه في هذا المنتدى، من شأنها ان تسهم في «ترييح» الوضع اللبناني، وضمان عدم إقتحامه في الكباش الأميركي - الإيراني، والذي كان أحد تداعياته تعطيل تأليف الحكومة.

وأضافت هذه المصادر ان الحريري يتابع من باريس التصريحات المتعلقة بتشكيل الحكومة، وانه يرى ان بعض المواقف الأخيرة لا تقدم ولا تؤخّر، بل تفرض المزيد من المراوحة، فيما قالت مصادر أخرى مطلعة على الملف الحكومي في بعبدا ان لا جديد على صعيد تمثيل النواب السنة من خارج تيّار «المستقبل»، وان الملف الحكومي في حال جمود، والامور «راوح مكانك»، بينما حركة الوسطاء البعيدة الأضواء لم تفرز جديداً أو تحرز تقدماً يمكن الرهان عليه لاحداث خرق في جدار الأزمة.

2018-11-06