ارشيف من :مقالات

السيد نصرالله في يوم الشهيد: خطاب ’الحزم’

السيد نصرالله في يوم الشهيد: خطاب ’الحزم’

لا يمكن إلا أن تكون مستعماً جيداً عند كل خطاب يلقيه الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله. وفي كل مرة تستمع فيها لمواقف سيد المقاومة، يستحيل أن تشعر بالملل، ففيها ما يكفي من الواقعية والمصداقية والنظرة الثاقبة في مقاربة الملفات. فالسيد لا يُطلق أي كلمة لمجرد تعبئة الهواء أو البث التلفزيوني. إنه يعني كل كلمة يقولها. ولا شك أن في كل مرّة يُلقي فيها الأمين العام خطاباً، تبرز مواقف جديدة ترسم عناوين المرحلة الآتية. تماماً كما حدث في خطاب السبت المنصرم الذي لا يختلف اثنان على أنّه كان مفاجئاً للحلفاء قبل الخصوم، أو على الأقل لم يكن عادياً. صحيح أنّ خطابات السيد لطالما حفلت بصراحته المعهودة ومواقفه المميزة، إلا أنّ الملفت في الخطاب الأخير أنّه ذهب بعيداً جداً في تسمية الأمور كما هي وعلى بساط أحمدي، بعدما "طفح الكيل" من الافتراءات والتجاوزات على قاعدة "حين سكت أهل الحق عن الباطل توهّم أهل الباطل أنهم على حق". 

ولم يكن السيد نصرالله يُنهي خطابه السبت، حتى كثرت التأويلات والتحليلات التي تناولت الخطاب في الشكل والمضمون، لتُجمع على تنوعها بأنه خطاب غير مسبوق في السنوات الأخيرة.  ففي أي إطار يمكن وضع خطاب السيد نصرالله الأخير؟، وهل فعلاً يؤسس لمرحلة جديدة مختلفة كلياً عما سبقها؟. 

الكاتب والمحلّل السياسي الأستاذ جوني منيّر يُشدّد في حديث لموقع "العهد" على أنّ خطاب السبت يؤسّس لمرحلة جديدة وأسلوب جديد من التعاطي مع الملفات الداخلية اللبنانية. إنّه خطاب مميّز شكلاً ومضموناً، وهو خطاب لم يستخدمه السيد نصرالله منذ عام 2008، وتعمّد خلاله إظهار الغضب من التجاوزات التي لم يعد السكوت عنها مسموحاً. وأكثر ما يلفت في الخطاب -وفق منيّر- أنّ السيد سمى الأمور والأسماء كما هي وبكل وضوح وشفافية، ليعلم القاصي والداني بأنّ ما يجري غير مقبول لا من قريب ولا من بعيد. برأيه، يأتي الخطاب ليعيد التأكيد على نتائج الانتخابات النيابية، ويشدد على عدم السماح بمعاقبة أي فريق سياسي بذنب التحالف مع حزب الله، إذ أكد سماحته ضرورة التعاطي مع سنة 8 آذار بكل احترام، وهو في هذا السياق شدّد على أنه لن يتم السماح بالعودة الى مرحلة ما قبل الانتخابات النيابية. 

يرى منيّر أنّ الخطاب يرسم معادلة جديدة خصوصاً لجهة كلام السيد نصرالله عن الأحجام، وإشارته الى أنّ حجم الكتلة الشيعية في البرلمان تستحق أكثر مما سيُعطى لها من وزراء، وأنه في حال لم يجر التجاوب مع نتائج الانتخابات، قد نضطر الى إعادة النظر بكامل القواعد. يعيد منيّر تأكيده بأن المواقف الأخيرة ستؤسس حكماً لمرحلة مختلفة، حتى بعد تشكيل الحكومة، فالسيد غمز من قناة المحاسبة والمراقبة، وعدم السماح بأي صفقات هنا أو هناك في مرحلة لاحقة، ما يُدلل على أنّ السيد نصرالله يُمسك بملفاته جيداً، ولن يغض الطرف عن أي فساد هنا أو هناك، يختم منير.  

بدوره، رئيس تحرير مجلة "الماغازين" الأستاذ بول خليفة يصف خطاب السيد نصرالله بالمفصلي. لا يُنكر المتحدّث أنّ المضمون الذي أطلقه سماحته ليس جديداً، فحزب الله لطالما تحدّث عن الشراكة الوطنية، لكنها من المرات النادرة التي يُطلق فيها سماحته مواقف حازمة الى هذا الحد داخلياً. بنظره، فإنّ الرسائل للداخل كانت واضحة جداً، وهدفها التشديد على الشراكة الحقيقية والتحذير من محاولة إقصاء أي طرف يمثل الشارع اللبناني. وللخارج، أيضاً حملت الرسائل الكثير من التحدي للصهاينة، والكثير من التمسك بالقوة الصاروخية للمقاومة التي يُصوّب عليها سياسياً واعلاميا ودبلوماسياً. وهنا يُشدّد خليفة على أنّ الخطاب يتّسم بالحزم، فهو خطاب عالي النبرة، لكنّه يكرر بأنّ مضمونه غير غريب على السيد نصرالله، الذي عوّدنا على مواقفه القوية والصارمة لجهة دفاعه عن الحق على الدوام.
 

2018-11-12