ارشيف من :آراء وتحليلات

هل نشهد تحولا في مستوى المواجهة مع العدو بعد عمليته الفاشلة في غزة؟

هل نشهد تحولا في مستوى المواجهة مع العدو بعد عمليته الفاشلة في غزة؟

حتى الان، من غير الواضح ماذا كان بالتحديد هدف المجموعة الخاصة العدوة، التي نفذت عملية التسلل والاختراق لمنطقة خان يونس جنوب قطاع غزة، وحيث تضاربت المعطيات، ان كان الهدف اختطاف قادة للمقاومة الفلسظينية من حماس او من الجهاد الاسلامي او حتى من غيرهما، او كان الهدف  تحرير جنوده الاسرى، او ربما كان تفجير مواقع او مراكز حساسة لها، او ربما العمل لفتنة بين فصائلها، من خلال استهداف قائد من احداها بطريقة مركبة، توجه الشبهات الى احد الفصائل الاخرى.

بمطلق الاحوال، ومهما كان الهدف الذي أحبطته فصائل المقاومة، والذي حتما كان نوعيا واستراتيجيا، فان تداعيات العملية وما تبعها من مستوى متقدم في المواجهة وطبيعة الاشتباك، ستكون نقطة تحول في الصراع مع العدو، وذلك على الشكل التالي:

الوحدة بين مختلف مكونات الشعب الفلسطيني في غزة، هي اعمق  وأثبت  بكثير من الصورة التي يتم الترويج لها اقليميا ودوليا
في الموضوع السياسي:

- تبين ان الوحدة بين مختلف مكونات الشعب الفلسطيني في غزة، هي اعمق  وأثبت  بكثير من الصورة التي يتم الترويج لها اقليميا ودوليا، والتماسك القوي الذي ظهر بين مختلف الفصائل، ميدانيا وعسكريا وعملانيا عند اي مواجهة جدية مع العدو، هو اكبر دليل على ذلك، وهذه الوحدة الفلسطينية خاصة في النقاط المفصلية، تعتبرخط الدفاع الاول عن غزة وما تمثله على صعيد الصراع الواسع ضد الكيان الصهيوني.

- بعد هذه العملية الفاشلة، وبعد هذا التماسك الفلسطيني الواسع بمواجهتها، سقطت حكما مناورة المراهنين على التباين الفلسطيني لنحر وإنهاء القضية الفلسطينية، وخاصة الاقليميين منهم، والمهرولين نحو التطبيع ونحو التنازل عن الحقوق بهذا الشكل المتسارع.

في الموضوع الامني:

اثبت الوعي الحساس لعناصر المقاومة في مراقبة الساحة الداخلية في غزة، والذي ادى الى كشف وإحباط  العملية، ان هذه الساحة محصنة ومحمية بمواجهة محاولات الاختراق الارهابية التي يخطط لها دائما العدو، خاصة ان وحدات هذا العدو الخاصة، معروفة بقدراتها وبمعطياتها الارهابية والاستعلامية، والتي تبنيها على ما تملكه من إمكانيات تقنية وفنية في الرصد والتنصت والمراقبة.

في الموضوع الميداني:

- تبين من مروحة قواعد اطلاق صواريخ المقاومة الواسعة، والتي انتشرت على كامل مناطق قطاع غزة، من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الساحل، ان مناورة المقاومة بأسلحتها وبصواريخها وبانتشار عناصرها، تتركز على كامل مناطق وجغرافية القطاع، وهذا يبقى دائما ـ في العدد الكبير لقواعد الصواريخ وفي مساحة انتشارها الواسعة ـ عنصر قوة اساسياً في عناصرالمواجهة، يشبه نقاط القوة التي تميزت بها معركة حزب الله في لبنان في مواجهة العدوان عام 2006.

ما تمتلكه فصائل المقاومة في القطاع من اسلحة نوعية، يتجاوز بمستويات واضحة ما كانت تمتلكه سابقا
في الموضوع العسكري:

- تبين ان ما تمتلكه فصائل المقاومة في القطاع من اسلحة نوعية، يتجاوز بمستويات واضحة ما كانت تمتلكه سابقا، وهذا مؤشر واضح على نجاح مناورة الحصول على الاسلحة النوعية او تطويرها، بالرغم من الحصار الخانق الذي يتعرض له قطاع غزة.

- عندما نتكلم عن اطلاق اكثر من 400 صاروخ، استهدفت  وبفعالية لافتة في التوجيه او في نوعية الحشوة المتفجرة المنقولة، غلاف القطاع الخارجي وأغلب مستوطنات الاحتلال القريبة والمتوسطة المسافة عن غزة، وامتداداً حتى عسقلان ومحيطها، في الوقت الذي عجزت القبة الحديدية عن اسقاط اكثر من 100 منها، فهذا يعتبر تحولا نوعيا واستراتيجيا في عناصر المعركة، لن يكون للعدو القدرة على تجاوزه بسهولة بعد الان.

- استعمال فصائل المقاومة للصواريخ النوعية المضادة للدروع "كورنيت"، يعتبر نقلة نوعية في مستوى فعالية المواجهة، وبالرغم من انه استعمل على باص عسكري خفيف التدريع، برهنت الفصائل ان لديها القدرة والامكانية على استعماله ضد دبابات العدو "الميركافا" المنتشرة بكثرة في غلاف القطاع، والتي كانت دائما السلاح المؤثر والمؤذي لعناصر المقاومة في كافة المواجهات، في الوقت الذي لا ينسى العدو مجزرة الميركافا في حربه على لبنان عام 2006 ودور الكورنيت في ذلك.

انطلاقا من المعطيات المذكورة في كافة المواضيع اعلاه، يُستنتج ان تداعيات عملية العدو الفاشلة في خان يونس بقطاع غزة، وما رافقها وما تبعها من مستوى مختلف ومتقدم  في شكل المواجهة، بالاضافة لنتائج ذلك وتداعياتها المرتقبة على الداخل الاسرائيلي، خاصة بعد مسارعة العدو لاستهداف قناة الاقصى الفضائية التي نقلت الوضع بتفاصيله، يمكن اعتبار ذلك نقطة تحول استراتيجية في مسار الصراع مع العدو، وأصبحت عناصر المواجهة بعد اليوم، بين العدو الاسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وربما امتدادا الى المناطق المحتلة في الضفة الغربية، مختلفة بالكامل عما ألفناه في كافة المواجهات السابقة حتى الان.

2018-11-13