ارشيف من :مقالات

سيف الإعدام السعودي يهدد حياة 12 معتقلاً بقضية ’خلية الكفاءات’

سيف الإعدام السعودي يهدد حياة 12 معتقلاً بقضية ’خلية الكفاءات’

تتمسك السعودية بسجلها الحقوقي سيء السمعة رغم الانتقادات الدولية والإقليمية، لاسيما مع انتهاكاتها المتواصلة لحقوق الإنسان عبر الاعتقالات والأحكام الجائرة، التي تستند إلى محاكمات تفتقد لشروط المحاكمات العادلة، وتتنافى مع الشرع والقوانين المحلية والدولية والمعاهدات الممهورة بالختم الملكي.

إلى الواجهة تعود قضية "خلية الكفاءات"، أو ما تزعم الرياض تسميتها "خلية التجسس"، مع إرسال المحكمة الجزائية المتخصصة بالرياض المعنية بقضايا الإرهاب، أحكاما مصادقة لاثني عشر شخصا محكوما بالإعدام لـ"رئاسة أمن الدولة" في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي. خطوة تشير إلى قرب تسليط السلطات سيف الإعدام على رقاب 12 معتقلاً، وهم الذين شابت محكماتهم الكثير من علامات الإستفهام والتساؤلات، منذ اليوم الأول لاعتقالهم ضمن  مجموعة من 32 فرداً معظمهم  سعوديون، عدا شخصين، أحدهما إيراني والآخر أفغاني، اتهمتهم الرياض بالارتباط بالاستخبارات الإيرانية.

ألبست السلطات السعودية مجموعة المعتقلين لبوس الاتهامات بتهديد الأمن والسلامة لتبرير المحاكمات المليئة بالانتهاكات الصارخة، غير أنه لا أدلة ملموسة أو مادية تدين المتهمين بتأليف "خلية تجسس" المزعومة سوى اعترافات انتزعت تحت التعذيب، وإذا وجدت الإعترافات يحكم القاضي تحت بند "الاعتراف سيد الأدلة"، وفق شرائع سلطات آل سعود.

تنذر إحالة ملف 12 معتقلاً محكوماً بالإعدام إلى جهاز "رئاسة أمن الدولة"، بقرب تنفيذ الأحكام بحقهم، وفق ما أكدت مصادر حقوقية مطلعة على القضية في حديث مع موقع "العهد الإخباري"،  مبينة أن السلطات تحرّ: القضية وسط توترات داخلية وخارجية على خلفية قضية جريمة جمال خاشقجي، حيث تفتح السلطات الملف لتأجيج المشهد العام بهدف حرف الأنظار عن سجل الرياض الذي يزداد سوءةً يوماً بعد آخر. يبين المصدر أن القضاء السعودي الذي يدّعي اعتماده "الشريعة الإسلامية"، لا يستند في أحكامه سوى على آراء وأوامر السلطات السياسة التي تتخذ من مصالحها راية للأحكام ومن علاقاتها السياسية المتأزمة ذريعة وشمّاعة تعلّق عليها الاتهامات وعمليات الانتقام.

على امتداد السنوات تتجاهل السلطات المطالبات والدعوات الأممية لإصلاح قوانينها وإعادة المحاكمات غير العادلة، غير أن الدعوات دوماً ما تقابل بعدم اكتراث، وهو ما يؤكده متابعون حقوقيون ونشطاء سعوديون، مشددين على أن مصادقة أحكام اثنى عشر معتقلاً يعد تجاهلاً واضحاً لدعوة سبعة خبراء من الأمم المتحدة للسعودية إلى وقف أحكام إعدام تهدد حياة أعضاء "الخلية"، التي أُحيكت بحقها الاتهامكات على عجل منذ العام 2013، بفعل تأزم العلاقات بين الرياض وطهران، وربطت كامل المجموعة بعضها ببعض، وحُكِمَ أفرادها على دفعات، برغم نفي المتهمين معرفتهم ببعضهم بعضا.

سالم العمري، محمد عطية، عباس الحسن، محمد عاشور، طالب الحربي، حسين الحميدي، حسين العبود، طاهر الحربي، علي العاشور، يوسف الحربي،علي المهناء وعبد الله الخميس، الاثني عشر معتقلاً المزعوم تجسسهم لصالح إيران، كانت قد صادقت المحكمة العليا السعودية في كانون الاول/ ديسمبر 2017 على أحكام إعدامهم بحد السيف.

المعتقلون من أبرز الكفاءات المعروفة بين أوساط الناس، منهم أكاديميون ورجال دين وأطباء ورجال أعمال وعلماء فيزياء نووية ومصرفيون، والقضاء لا يُعِير أدنى أهمية للانتهاكات الجسيمة التي تقع على محاكماتهم لإعادة النظر في أحكامهم بل تمت المصادقة عليها وإحالتها للتنفيذ بشكل قد يكون مفاجئاً.

كانت السلطات تغيّب القضية بين الآونة والأخرى، لتعود وتظهرها بتناسق مع التوتر بينها طهران، وتجعلها شحنة زائدة للتأزم السياسي، وهذه المرة لعبت على وتر التأزم السياسي تارة ولحرف الأنظار عن أزمتها في جريمة جمال خاشقجي الذي اغتيل في قنصلية بلاده في إسطنيول في 2 تشرين الاول/ أكتوبر 2018.

قبل خمس سنوات وحتى اليوم، تؤكد المصادر الحقوقية أن الاتهامات التي وجهت إلى المتهمين لم تستند إلى أدلة ولا أسس واقعية، بل كانت محاكة فبركة سلطوية واضحة، وتبلورت بعناوينها المطاطية لتعبر عن غلّ سياسي يستثاغ منه عناوين الاتهامات "خيانة عظمى"، و"تجسس لصالح إيران"، و"اللقاء بالإمام السيد علي الخامنئي"، إضافة إلى تسريب معلومات سرية وخطيرة في المجال العسكري، وإفشاء أسرار دفاعية، اتهامات لم تكشف السلطات كيف حصل الأكاديميون هؤلاء عليها. كما تضمنت لوائح الاتهامات تهماً أخرى، بينها "تأييد المظاهرات، ونشر ومد المذهب الشيعي".

 اليوم، وفي ظل الأزمة التي تواجهها السعودية إثر جريمة خاشقجي، ومع الأجواء الدولية التي تجييش أكثر للمضي ناحية استعداء إيران، تنذر إحالة ملف 12 معتقلاً إلى رئاسة أمن الدولة بالخوف على حياتهم، حيث من الممكن أن تذهب المحاكمة إلى أقصى الحدود، ويتم تنفيذ الإعدامات في أية لحظة بسبب العقلية التي تدار بها السعودية والتي تعد أبعد ما يكون عن التعاملات السياسية. من هنا، نبّهت  منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أن المتهمين يواجهون محاكمة زائفة؛ واعتبرت مديرة قسم الشرق الأوسط سارة ليا ويتسن، أن المحاكمة تشكل "وصمة أخرى في نظام العدالة الجنائية الظالم في السعودية، ويجب ألا  تكون المحاكمات الجنائية صُوَرية مع أحكام مسبقة".

2018-11-13