ارشيف من :نقاط على الحروف

في اليمن..أطفال شابوا قهراً وظلماً 

في اليمن..أطفال شابوا قهراً وظلماً 

ربما يكون من أصعب المهمات أن تكتب في رحاب الأطفال. هؤلاء ورقة بيضاء كما يُسمونهم، لا يعرفون الغاية ولا الجناية. من الصعب جداً، أن تكتب عنهم في زمن الحرب، حيث لا مأوى يقيهم حر الصيف ولا برد الشتاء، تماماً كأطفال اليمن.  يكفي أن تضع كلمة "أطفال" وتعقبها بكلمة "اليمن" على محرّك البحث "غوغل" حتى تُطالعك صور لا مكان فيها للفرح. صور وإن اختلفت ملامحها، إلا أنّ البؤس والألم والدم القاني وحّد عناوينها. في اليمن، نجد أطفالاً شيبا منذ نعومة أظافرها. نعم، أطفال رأوا ما "يجعل الولدان شيبا"، فشابوا قهراً وظلماً. كبروا قبل أوانهم. عاشوا أدواراً مختلفة، إلا دورهم الحقيقي الذي يظهرون فيه ضعفاء. نعم، الطفل مخلوق ضعيف، لا حول له ولا قوة. مخلوق لا يقوى على الاعتماد على نفسه، لكن باليمن، انقلبت الصورة. بات هذا الطفل عجوزاً بمعايير الحرب. 

عجوز لم يُقدّر له الاستيقاظ كما يجب، كما حال الأطفال. أن يتأبط حقيبته المدرسية، يودّع أهله، ينتظر الباص للذهاب الى المدرسة. لم يُقدّر له أن يختار طعامه المفضّل، بل بات يبحث عن "كسرة" خبز في زمن المجاعة. لم يُقدّر له الذهاب برفقة عائلته الى مكان يلهو به، ويختار لعبته المفضّلة. قدّر له فقط أن يبحث عن أمان افتقده بفعل هدير الطائرات، وأصوات الرصاص. أمان قد يجده على صدر أبيه الشهيد، فيتلمّس جثته الهامدة، ويأوي اليها من الخوف. كل ذلك، ويحدثوننا عن يوم عالمي للطفولة. ربما من الأجدى بهم أن يضيفوا على العبارة الآنفة كلمة "المسلوبة". نعم، المسلوبة بفعل وإرادة الكبار إلا في الكرامة. ربما من الأجدى أن يُصار الى تكريس يوم عالمي لإنقاذ الطفولة من اللاأمان الذي أُغرقت به عن سابق تصور وتصميم من تحالف العدوان السعودي-الأميركي ومن لفّ لفهم. 

 

في اليمن..أطفال شابوا قهراً وظلماً 

 

حوالى مليوني طفل خارج منظومة التعليم
في زمن الحرب الغاشمة على اليمن، قد يكون من الصعب، والصعب جداً، أن تختصر مشاهد قاسية طالعتها في شاشات التلفزة في بضع كلمات. مشاهد تُحاكي أطفالاً بعمر القهر. أطفالًا باتوا مادة دسمة لإحصائيات المنظمات والجمعيات الأممية والدولية التي كشفت واقعاً مرا يعيشه هؤلاء. فوثّقت بالأرقام حياة بائسة يعيشونها من قلّة الموت. أرقام من المفيد التذكير بها عشية اليوم العالمي للطفل الذي أقرته الأمم المتحدة عام 1954. 

حوالى 3500 طفل شهيد ومثلهم جرحى والمجاعة تهدد نحو 5 ملايين طفل

منظمة الامم المتحدة للطفولة (يونيسيف) اختارت اللون الأزرق هذا العام للإحتفال بالمناسبة. بالنسبة اليها، فإنّ هذا اللون يرمز الى الأمان. تمنّت "اليونيسيف" للأطفال أماناً من القتل، وأماناً صحياً وتربوياً. فعن أي أمان تتحدّث المنظمة الأممية؟. عن أمان أودى بحياة أكثر من 3500 طفل شهيد منذ بداية العدوان على اليمن، ومثلهم جرحى، وفق تقرير المركز القانوني للحقوق والتنمية. عن أمان غذائي مسلوب تهدّد فيه المجاعة أكثر من 5 ملايين طفل!، وفق تقرير عن منظمة "أنقذوا الأطفال" البريطانية الانسانية. عن أمان صحي غائب، حيث تفتك الكوليرا والأبئة بأجساد الأطفال النحيلة، فـ32 بالمئة من وفيات وباء الكوليرا من الأطفال تحت سن الـ 15 سنة، وفق ما تشير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف). عن الأمان التربوي المفقود، حيث يقبع قرابة مليوني طفل يمني، خارج منظومة التعليم، باعتراف الـ(يونيسيف) أيضاً. 

 

في اليمن..أطفال شابوا قهراً وظلماً 

 
 عن أي يوم عالمي للطفل يتحدّثون؟.. ينسون الطفولة 364 يوماً، ويتذكّرونها في العشرين من تشرين الثاني، في يوم واحد. ربما من الأجدى فعلاً أن يكون كل يوم، بمثابة يوم عالمي لإنقاذ الطفولة، والأطفال من واقع ليس لهم.

2018-11-19