ارشيف من :نقاط على الحروف

شاشة ’المستقبل’ تحجب الشمس بالغربال!

شاشة ’المستقبل’ تحجب الشمس بالغربال!

"منذ تكليفه تشكيل الحكومة في الرابع  والعشرين من أيار/مايو، والرئيس سعد الحريري يجهد ليل نهار لتأليف حكومة وفقاً لمعايير العدالة واستناداً لنتائج الانتخابات النيابية. حكومة يأخذ فيها كل ذي حق حقه بعيداً عن مفهوم الاحتكار والسيطرة. يُحاول رئيس حزب "المستقبل" جاهداً الوقوف على مسافة واحدة من الجميع دون إقصاء أحد، إيماناً منه بأنّ منطق الاستئثار بالحكم لا يبني وطناً، ولا مؤسسات. لكن وللأسف، فإنّ الجهود الجبارة التي بذلها الرئيس المكلّف على مدى أشهر اصطدمت بعناد حزب الله فتبخّرت في الهواء. عناد تسعى من خلاله حارة حريك الى عرقلة تشكيل الحكومة تحت شماعة توزير نواب "اللقاء التشاوري"، فهؤلاء النواب ليسوا سُنة مُطلقاً، ولا يُمثّلون أي شريحة من الطائفة السنية، ولم يحصلوا على ما يقارب الـ45 بالمئة من الأصوات التفضيلية "السنية"، حتى يحق لهم المطالبة بالدخول الى الحكومة".

بهذه الطريقة يريد تيار "المستقبل" وإعلامه منا أن نكتب المقالات ونعد التقارير خلال مقاربتنا للملف الحكومي. وإلا بتنا أقلاماً تخريبية مأجورة بقاموس الحزب الأزرق، نسعى لتنفيذ أجندات خاصة. فعقلية تيار "المستقبل" الإلغائية لم تعد تحتمل حتى النقد المبني على الحقيقة. يعمل هذا الحزب وإعلامه على محاصرة الرأي الآخر. المطلوب بنظره، تمجيد الرئيس الحريري، أو رفع الأقلام عالياً وكأنّ شيئاً لم يكن. كما المطلوب إسكات أي صوت يُغرّد خارج سرب "المستقبل" وإلا فالعيون الحمراء بانتظاره. تماماً كما حصل مع "موقع العهد الإخباري" الذي يشن حملة تخريبية موجهة بعيون تلفزيون "المستقبل". فكيف ذلك؟.

نهار الإثنين المنصرم، زار وزير الخارجية جبران باسيل نواب اللقاء التشاوري، فجرى الحديث عن مخرج اقترحه باسيل لحل الأزمة الحكومية، يقوم على مبدأ إيقاف المبادلة بين رئيس الجمهورية ميشال عون والحريري. موقع "العهد" قام بمهتمه كأي وسيلة إعلامية أخرى. أو بالأحرى مارس واجبه كموقع إخباري، متصلاً ومستفسراً عن كواليس اللقاء، ناقلاً عن لسان النواب أنفسهم بعض ما جرى في الإجتماع، عارضاً وجهة نظرهم كأصحاب العلاقة، ومنتقداً في سياق متصل تعنت وإصرار الحريري على تجاهل شريحة واسعة من الطائفة السنية، وهو انتقاد يكاد يكون لازمة ترافق الحريري من قبل العديد من الجهات، سواء سراً أوعلانية.

في اليوم التالي، طالعتنا شاشة "المستقبل" بتقرير تحت عنوان "مواقع حزب الله تشن حملة منظّمة على الحريري". تستهل القناة التقرير بالإشارة الى أنّ حزب الله عطّل تشكيل الحكومة، ومواقعه تحمّل المسؤولية زوراً للحريري. ولتدعيم وجهة نظرها، لجأت القناة الى كاتب ومحلّل سياسي أسهب في الحديث عن الحملة المنظّمة على الرئيس المكلّف، وكأنّ حزب الله برأيه يقول ان طريق القدس تمر من تمثيل النواب السنة في الحكومة!.

أكثر من ذلك، يؤكّد المتحدّث أنه لا يمكن الحديث عن أي ثغرة ارتكبها الحريري في تشكيل الحكومة وتحديداً في الطائفة السنية لأنه أهدى ممثلاً للرئيس نجيب ميقاتي وآخر للرئيس عون، ليستنتج الكاتب نفسه أنّ هناك قراراً إيرانياً بتعطيل الحكومة وحملة تخريبية لتنفيذ أجندة حزب الله المستمرة لاستهداف اتفاق الطائف ووضع مصالح لبنان في تحد أمام المجتمع الدولي.

كل هذه التحليلات والتأويلات التي صدرت في تقرير "المستقبل"، جاءت كرد فعل على ممارسة مهمة إعلامية روتينية، وسرد واقع واضح وضوح الشمس التي يريد البعض حجبها بالغربال، تماماً كاتباعه سياسة الاختباء وراء الاصبع. تحليلات نابعة في الشكل من "حمية" البعض وحرصه على الرئيس المكلّف، لم نراها للأسف عندما أهانت دولة خارجية كرامة رئيس حكومة لبنان.

تحليلات  لم تحمل جديداً، فلطالما اتُهم حزب الله بتعطيل البلد، من قبل هذا الفريق وإعلامه. تحليلات لم تكن موفقة ربما لأنها لم تستند لأبسط معايير الاقناع، ولم نر من المقال موقع الاتهام على شاشة "المستقبل" سوى العنوان، بينما منطق الأمور يفترض تشريح المقال لتبيان العملية التخريبية المزعومة التي يحتويها، بعيداً عن سياسة "صف الكلام" الغوغائية والفوضوية في مقاربة الأمور.

2018-11-21