ارشيف من :تحقيقات

مؤتمر الليطاني ـ المنسوب 800م: التحديات والفرص

مؤتمر الليطاني ـ المنسوب 800م: التحديات والفرص

يكاد لا يغيب الحديث عنه يوماً واحداً، ربما لأنه القضية الدائمة والمفروضة فوق كل القضايا، إنه نهر الليطاني وواقعه الكارثي، وحاله المخجل لدولة سقطت أمام ارقى الإمتحانات الحياتية المجتمعية ـ البيئية، إمتحان المياه، التي جُعل منها كل شيئ حي، إلا في لبنان الدولة تبدو ميتة تجاه شريان حياتها الأول والأطول.. بعدما حوّلت التحديات والملوثات من نعمة إلى نقمة تفترض معالجة ومواجهة فورية وجذرية.

يحضرُ الليطاني هذه المرة، من بوابة مشروع المنسوب 800م، ومن خلال مؤتمر يمتد ليومين، تحت عنوان: "مشروع الليطاني المنسوب 800م ـ التحديات وسبل الاستفادة"،  برعاية دولة رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري، وبمبادرة من المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق واتحادي بلديات جبل عامل، وبلديات بنت جبيل.

عنوان المؤتمر يتضمن محتوى الأفكار والنقاش والمسار التقريري له، خصوصاً أن كل الجهات السياسية والمحلية والعلمية ستكون مشاركة في أعمال المؤتمر، فأمام أي نتائج نقف، وما هي التوقعات؟؟

قبل البحث عن الاجابة في برنامج المؤتمر، لا بد من الاشارة إلى أن مشروع المنسوب 800م هوعبارة عن مشروع ري يهدف إلى نقل المياه بواسطة الجاذبية من بحيرة القرعون إلى الجنوب اللبناني، انطلاقاً من منسوب 800م فوق سطح البحر، وذلك للاستفادة واستثمار الثروة المائية من أطراف الوطن إلى اطرافه عبر الناقل الأساسي من البقاع إلى مناطق أقضية مرجعيون، حاصيبا وبنت جبيل.

مؤتمر المستقبل .. ليس مجرد إصلاح

في الوقت المناسب، يأتي مؤتمر الليطاني ليتصدر الاهتمامات المتابعات السياسية والانمائية والبيئية مجدداً، حتى وإن كانت بعض الملفات والعناوين السياسية  تأخذ حيزاً  أكبر من الاهتمام العام، لكن الاستمرار في طرح ملف الليطاني لا شك يترك صدى لازماً في آذان أصحاب القرار والاهتمام، وإنْ كان تحديد نطاق عنوان المؤتمر لا يشمل كل جوانب القضية، إلا أن مجرد رفع الصوت به كأحد أبرز القضايا الوطنية يكفي لقرع جرس الإنذار، بأن: انتبهوا من كارثة الليطاني.

الأمر بهذه الخطورة والدقة اذاً،  ومشروع المنسوب 800م قطع أشواطه الأكبر بمراحله الإنشائية والتنفيذية.

و"الليطاني يعاني، ومشاكله خطيرة  وعميقة"، تقول مديرة قسم الدراسات الإنمائية في المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق المهندسة مهى جمول لموقع "العهد" الإخباري، ثم تشرح محتوى المؤتمر وأهدافه المرسومة بدقة، "إنه يُحضّر لما هو أبعد من مجرد إصلاح ومعالجة لمشاكل الليطاني، بل لواقع يكون عليه في المستقبل .. المؤتمر يحاول أن يرسم الخطوات والسياسات التالية ما بعد إنجاز قناة الري 800م" بحسب السيدة جمول.

وفي طريق الحديث عن أهمية المشروع وبرنامجه، تجزم "جمول" بأن "مجرى نهر الليطاني يحتاج أولاً وقبل أي شيئ إلى إزالة التلوث والملوثات فوراً"، معتبرة أنه في عدم الذهاب مباشرة إلى خطوة تنفيذية لوقف التلوث، فإننا بذلك نخاطر  بمشروع الري كله وتكاليفه المالية التي تجاوزت 800 مليون دولار".

ثم تشير "جمول "لموقعنا إلى "أننا لا نملك سياسيات حتى نذهب الى التطبيق، خصوصاً أن  هناك الكثير من العناوين المرتبطة بمشروع ونهر الليطاني كثروة مائية، لم تحسم بعد، من هنا كان لا بد من انعقاد مؤتمر كهذا" .. تكشف السيدة "جمول" عن برنامج المشروع "المقسوم على مدى يومين:

في اليوم الأول: عرض للمشروع بمراحله وعرض للجدوى ولواقع التلوث والاستملاكات والجدوى الاقتصادية والاجتماعية للمشروع.

في اليوم الثاني: يُعقد في بلدة الطيبة ـ إحدى بلدات اتحاد بلديات جبل عامل، حيث يجتمع كل المعنيين بملف الليطاني على طاولة مستديرة من وزارات ونواب منطقة، ومصلحة مياه الجنوب، ومصلحة الليطاني، ونقابة المهندسين، وجهاد البناء، من أجل البحث عن أي إدارة يحتاجها الليطاني لتحقيق الاستفادة القصوى منه، "ستكون كل هذه الجهات أمام مسؤولياتها، عبر اختيارها لخطة العمل المطلوبة، والتوصيات اللازمة للسير وفقها" تؤكد "جمول"لموقعنا، ثم لا تتردد بقولها إن "القرار في ملف الليطاني يحتاج إلى شجاعة بنفس المستوى من كل الأطراف المعنية.

الليطاني الثروة .. قرار لا بد منه

في الحديث عن الليطاني ـ مع كل الأطراف المعنية ـ تصل الى نتيجة مفادها: "لا بد من اتخاذ القرار بالحفاظ عليه واستثماره"، لكن الواقع ليس كذلك، مع أن ثغرات الملف محددة، والمشاكل مشخصة، وكذلك العلاج .. لكن المرحلة التنفيذية لا تنطلق كما يجب، لماذا؟؟

لا إجابة علمية واضحة، ربما حال النهر الأطول والأوفر في لبنان وصلت إلى المرحلة التي تفرض على الجميع الإجابة، وتسمية بالأمور بمسمياتها قبل أن نتحسر، ونندم .. يوم لا يروي الندم.

2018-11-26