ارشيف من :مقابلات

نقيب الصيادلة المنتخب لـ’العهد’: سنسعى لتخفيض سعر الدواء وتأمين حياة كريمة للصيدلي

نقيب الصيادلة المنتخب لـ’العهد’: سنسعى لتخفيض سعر الدواء وتأمين حياة كريمة للصيدلي

لطالما كانت الحركة النقابية في لبنان والدور الذي تقوم به محط جدل بين وجهتي نظر. أولى ترى فيها تاريخاً نضالياً ومدخلاً ضرورياً لجلب حقوق العمال والدفاع عنها. وثانية لا ترى فيها سوى أداة سياسية في ظل الإنقسامات الطائفية والفئوية السائدة في لبنان. لكن وبغض النظر عن الآراء المختلفة التي تفسّر واقع الحركة النقابية في لبنان، فلا أحد باستطاعته نُكران قوة التغيير التي تمتلكها النقابات على اختلاف مجالاتها، وتنوعها، والموقع الذي تشغله كصلة وصل بين الشعب وصناع القرار.

أمس، خاضت نقابة الصيادلة في لبنان انتخابات لاختيار نقيب جديد. النتيجة انتهت -كما بات معلوماً- بفوز لائحة "لنقابة فاعلة ومنتجة" برئاسة النقيب غسان الأمين، في استحقاق انتخابي لافت من حيث كثافة المشاركة التي بدت كالتظاهرة الواسعة، وفق ما يقول النقيب المنتخب لـ"موقع العهد الإخباري". فالإقبال الكثيف الذي شهدته الإنتخابات النقابية، وفق الأمين، لا يدل على اهتمام الصيادلة بالإنتخاب لمجرد الانتخاب، بل خير دليل على الوجع الذي يشعرون به جراء المخاطر التي تحدق بالمهنة. وفق حساباته، فإنّ قطاع الصيادلة في لبنان يتعرّض لخضات كبيرة جداً، جعلتنا أمام واقع غير مقبول لجهة تردي الأحوال المادية للصيادلة، وإقفال العديد من الصيدليات  التي باتت على حافة الافلاس ولم يعد بمقدورها الاستمرار في ظل تدني مستوى المعيشة والمدخول أيضاً. وهنا يلفت المتحدّث الى أنّ نسبة (22.5 بالمئة) التي يتقاضاها الصيدلي على مبيع كل دواء لم تكن عادلة، في ظل انخفاض أسعار الأدوية الذي لم يأت الا على حساب الصيدلي، ما أدى الى ضرب المدخول الشهري للصيادلة الذين يؤدون مهامَّ على أكثر من صعيد.

لا يُخفي الأمين سعيه الدؤوب في المرحلة القادمة للعمل على خفض أسعار الأدوية، بموازاة العمل على إبقاء هامش مادي للصيدلي يمكّنه من إكمال حياته بكرامة، فلا يضطر مثلاً الى إقفال صيدليته بداعي انخفاض الأرباح مقابل ارتفاع المصاريف، خصوصاً أنّ تكاليف متطلبات الحياة في صعود مستمر، فبأي حق يُصار الى إنقاص مدخول الصيدلي فجأة  50 و60 و70 بالمئة؟، يسأل الأمين الذي يُشدّد على ضرورة إنصاف الصيادلية وعدم أذيتهم بقرارات مجحفة، فهؤلاء يقدمون أدواراً جلية في المجتمع، وعلى تماس مباشر مع الناس، وأي إجحاف يتعرّضون اليه قد يؤثر سلباً على هذا الدور وبالتالي على الناس.
يختم الأمين حديثه بالاشارة الى أنّ النقابة ستتعاون مع وزارة الصحة لما فيه الأفضل، وستعمل على تنفيذ برنامج عمل يصب  في خدمة الناس والصيادلة معاً لأنهم العمود الفقري للبنان، إذ ستسعى النقابة جاهدة لخفض سعر الدواء مع المحافظة على حياة كريمة للصيادلة، ما يصب أولاً وأخيراً في مصلحة اللبنانيين.

حجازي

وبالعودة الى سير العملية الانتخابية، يؤكد مسؤول المهن الحرة في حزب الله حسن حجازي أن اللائحة الفائزة في الاستحقاق الانتخابي  تميزت بالتنوع والغنى الحزبي، حيث كنا ولأول مرة أمام لائحة متماسكة بهذا الشكل، وتضم أحزاباً مختلفة، ما أدى الى فوز مميزّ لمرشح حركة "أمل" غسان الأمين الذي حصد 2905 أصوات، وهو مرشح مدعوم من حزب الله، "الاشتراكي"، "الكتائب"، و"الجماعة الاسلامية" بالإضافة الى بعض المستقلين.
يرجع حجازي الاقبال الكثيف على الانتخاب الى افتقاد الصيادلة للأمان المهني وحاجتهم الى التغيير، عبر ضخ دم جديد في الجسم النقابي، ولا سيما أنّ تجربة السنوات الماضية لم تكن فيها الانجازات على قدر الطموحات، فكان السعي لاختيار أشخاص لهم باع طويل في العمل النقابي كالأمين الذي سبق ان شغل هذا المنصب مرتين. أشخاص يحملون برنامجاً يرضي القواعد الصيدلانية، ولا سيما أن هناك العديد من الملاحظات حول الواقع الصيدلاني، لجهة انخفاض اسعار الادوية من دون رؤية تحافظ على مستوى معيشي لائق للصيدلي، وفي ظل المنافسات المحتدمة. وهنا يلفت حجازي الى أنّ الأمين يعمل ومنذ أشهر عدة على برنامج يزيل العقبات من درب المهنة رغبة منه بالتغيير. فما طرحه رئيس النقابة المنتخب يصب في خدمة الناس ومصلحة الصيادلة معاً، تحت شعار دواء بأفضل الأسعار دون المس بمهنة الصيدلي، وهو طرح يرقى لمستوى الطموح النقابي والمنتسبين سعياً وراء إحداث فرق مشترك لصالح الناس والصيادلة.

خريطة التحالفات جمعت الأضداد

لا يخفى على أحد خريطة التحالفات المتنوّعة جداً التي ميّزت اللائحة الفائزة، والتي ضمّت أضداداً في السياسة، جمعهم التناغم حيناً والحسابات الخاصة حيناً آخر. وهنا لا يستغرب مصدر تابع المعركة الانتخابية من ألفها الى يائها  التنافس المحتدم الذي شهدته انتخابات نقابة الصيادلة، فقطاع الدواء الواسع في لبنان يضخ مليارا و400 مليون دولار سنوياً في السوق اللبناني، وبالتالي فهو أساسي في التغيير، وأي موقف تتخذه النقابة، له ثقله، ويحسب له حساب في السياسة، الأمر الذي يُفسّر المعركة الانتخابية، وخريطة التحالفات "العجيبة" نوعاً ما، على حد تعبير المصدر.
يُسهب المصدر في الحديث عن التحالف الواسع الذي شهدته اللائحة، فيشير الى أنّ التحالفات نُسجت منذ أشهر عدة سواء في اللائحة الفائزة أو الخاسرة. الأخيرة ضمّت "التيار الوطني الحر"، "المستقبل" و"القوات". قواعد "التيار الوطني الحر"، لا تتفق مع قواعد غسان الأمين، الأمر الذي دفعها الى خوض المعركة بلائحة منافسة مع "المستقبل". الأخير وجد نفسه أكثر انسجاماً مع رؤية النقيب السابق جورج صيلي، فأحب تكرار التجربة بالاشتراك مع التيار الوطني.  أما  "الجماعة الاسلامية" فلم تحصل من "المستقبل" على أي موقع على اللائحة، ما دفعها الى المشاركة في اللائحة المنافسة. تماماً كحال حزب "الكتائب" الذي لم يكن له أيضا اي موقع في لائحة "المستقبل"، فانضم الى اللائحة المقابلة. ما أعطى حظوظاً واسعة للائحة "لنقابة منتجة وفاعلة" نظراً لتنوع الأصوات التي حصلت عليها، سواء عبر الأحزاب أو المستقلين كصالح دبيبو، وزياد نصور، فباتت لائحة متماسكة مقابل أخرى ضعيفة وغير متماسكة، وتفتقد لرؤية وبرنامج عمل استراتيجي وواضح.

رؤية النقابة المستقبلية
أمين سر نقابة الصيادلة الدكتور محمد جهجاه يلفت الى التحالف النقابي المتنوع، الذي شهدته الانتخابات، فيتوقف عند نسبة الاقتراع الواسعة والتي تخطّت الـ 66 بالمئة، إذ انتخب 4878 صيدلانياً توزعوا على الشكل الآتي:
1462 ناخباً مسيحياً
1448 ناخباً سنياً
1756 ناخباً شيعياً
188 ناخباً درزياً
24 ناخباً علوياً
يُفسّر جهجاه سر الاقبال بالاشارة الى أن المهنة تنهار للأسف، وتواجه العديد من المشكلات. كما يفسّر سر نجاح لائحة "لنقابة فاعلة ومنتجة" بالبرنامج الانتخابي الهادف الذي حملته، والذي يسعى الى ضمان استمرارية ديمومة عمل الصيدلي الذي يجب أن يعطى الربح الحقيقي، وأن يكون له جعالة محددة، ليستمر في عمله، وليستمر القطاع بأكمله. يشدد المتحدث على أننا مع تخفيض سعر الدواء، ولكن مع الحفاظ على جعالة الصيدلي التي تحفظ له حقوقه، فخفض سعر الدواء لا يعني اختزال مداخيل الصيادلة.
كما يُشير جهجاه الى نقطة أخرى في البرنامج الانتخابي، تلحظ العمل على الحد من الأعداد الهائلة التي تتخرّج سنوياً، فكل شهر ينتسب ما يقارب الـ 500 صيدلي الى النقابة، وهذا رقم خيالي ـ وفق جهجاه ـ ساهم في تردي واقع الصيادلة في لبنان. النقابة الجديدة ستعمل على مطالبة وزارة التربية بالتصرف للحد من تخريج جيش عاطل من العمل، إذ بات لكل 1000 مواطن حوالى 30 صيدلانياً، وهذا أمر غير مقبول، وله تداعيات سلبية واسعة على قطاع الصيدلة في  لبنان. برأي المتحدّث على وزارة التربية التصرف سواء عبر رفع سنوات التدرج، أو عبر الحد من أعداد المقبولين لهذا الاختصاص في الجامعات، عسى ولعلّ يتغيّر حال الصيادلة نحو الأفضل.

2018-11-26