ارشيف من :آراء وتحليلات

خسئوا

خسئوا

في هذا النفق المظلم الذي يدعونه العالم العربي، ونسمّيه نحن تجاوزاً الوطن العربي، يمكننا القول إن ثمة بكتيريا جديدة تضاف إلى قائمة البكتيريات التي تفتك في هذا الجسد الواهن المريض، وهذه البكتيريا القاتلة التي تضاف وتنمو إلى جانب  أخواتها برعاية استثنائية وجهود مضنية تقدمها الإدارة الاميركية إلى هذه المنطقة النفطية من العالم.

الأستاذ الدكتور عبد الرحمن يسري المتخصص في شؤون الاقتصاد الاسلامي قال ذات محاضرة له في قاعة جمال عبد الناصر في جامعة بيروت العربية: "إن البترول يشكل نقمة على العالم العربي وليس نعمة"، ولك أن تتصور الصدى الذي لقيه هذا الكلام لدى طلاب جامعيين ممتلئين بالروح الثورية الغاضبة على الحكام المنبطحين أمام المستكبر الاجنبي.

التصفيق الذي لقيه "يسري" يضاف إليه رمزية اسم القاعة حجبا عنّا المعاني الدقيقة التي تنطوي عليها كلمة "نقمة" وما تعنيه من فقدان للذات الحاضرة بين الأمم بهويتها وتاريخها وإنجازاتها الفاعلة والمؤثرة في المجتمع الإنساني.

اليوم وبعد كل هذا الذي جرى ويجري على الساحة العربية والاسلامية يمكننا إعادة قراءة الكلمة الآنفة بأبعاد كانت خافية علينا كطلاب متحمسين، كما يمكننا استذكار مشروع المقاومة العربية بخلفياتها الوطنية والقومية والإسلامية, هذه المقاومة التي بدأت كردّ فعل على الهيمنة الامبريالية الصهيونية على شؤون الأمة وعلى انبطاح الأنظمة إزاءها.

لقد لقي مشروع المقاومة تجاوب الشعوب العربية والاسلامية، وماجت الجماهير في الشوارع وملأت الساحات منددةً بالاحتلالات كافةً, ومناصرةً في الوقت عينه مشروع المقاومة.

السلطات المدعومة من الخارج وقفت في وجه الجماهير، قمعتها، قذفت بقياداتها إلى غياهب السجون، وخنقتها, فلم يعد الشارع العربي يحرك ساكناً على الجرائم اليومية التي ترتكب في غزة والعراق, لكن المقاومة ـ والاسلامية منها خاصة ـ بقيت حيّة، فتيّة, ترفع لواء الحرية, وتستلهم من دينها وتراثها وتاريخها المجيد معاني البطولة والتضحية والإيثار ما يمكّنها من متابعة طريق ذات الشوكة واستنهاض الهمم، فلجأت دوائر الاستكبار العالمي إلى الفتنة المذهبية مقابل مشروع المقاومة، لا سيما في العراق ولبنان، لأنهما يشكلان رأس حربة في مواجهة الاحتلال الأميركي ـ الإسرائيلي.

إنها الفتنة، سيف أميركا في ظهر المقاومة.

إنه مشروع قبالة مشروع.

خسئوا

حسن نعيم
الانتقاد/ العدد1275 ـ 24 حزيران/ يونيو 2008
2008-06-23