ارشيف من :مقاومة

"علي شعيب" يروي لـ"الانتقاد.نت" يوميات الحرب : خلعت الدرع والخوذة عندما رأيت أطفالأ يسقون الورود عند بوابة فاطمة

"علي شعيب" يروي لـ"الانتقاد.نت" يوميات الحرب : خلعت الدرع والخوذة عندما رأيت أطفالأ يسقون الورود عند بوابة فاطمة
مراسل على خط النار الحلقة16


حوار فاطمة شعيب
كانت الليلة السادسة عشرة لعدوان تموز نسخة طبق الأصل عن الليلة التي سبقتها، حيث بدأت المدفعية الإسرائيلية بقصف مرتفعات مرجعيون .. أي في منطقة قريبة من المنزل الذي نسكنه يقول علي شعيب .. وتبع هذا القصف تحليق للطائرات الصهيونية على علو منخفظ، حينها ظننا أيضا أن التحركات المشابهة للمروحيات هي عملية تمويه لعملية إنزال قد تحدث هذه الليلة، فما كان منا إلا أن إستعدنا سلاحنا .. وركنتُ الكاميرا جانباً وحملت بندقيتي بدلاً عنها للمرة الثانية، ولكن هذه المرة كنت قد ملأتها بالرصاص.
تمركزنا في محيط المنزل للدفاع عن أنفسنا إذا ما تعرضنا لأي خطر، لكن إستنفارنا لم يكن يشبه أي إستنفار، يتابع علي: " لقد شاهدت أبو علي يرتدي جعبته المليئة بالذخائر ويحمل بندقيته على كتفه فيما كان يحمل ركوة كبيرة من القهوة وثلاثة فناجين ربما لأن السهرة ستكون طويلة هذه الليلة ، والأكثر غرابة هو إحضار ابو علي كيس كبير من "الكاجو" حيث بقينا طيلة فترة الليل نُجلّس "الكاجو" حسب تعبيره .. وكانت السيجارة تلو السيجارة لا تفارق فم الرجليين، وهكذا انقضت الليلة ولم يأت جنود الإحتلال لنتصدى لهم بهكذا إستنفار !!
.. تناولنا الفطور ثم غادر محمد الى مركزه في ثكنة الجيش وأبو علي للقيام بجولة تنظيمية كونه أحد مسؤولي حركة أمل في المنطقة بينما حملت انا كاميرتي استعدداً للقيام بتغطية الإعتداءت وأجواء الحرب كالمعتاد ..
كانت الساعة تقارب العاشرة صباحاً عندما إتصلت مراسلة قناة العالم في بيروت "فاطمة عواضة" وأبلغت علي أن أنباءً ترددت عن سقوط بلدة كفركلا بيد الإحتلال، بعدها بعشر دقائق إنهالت الإتصالات عليه من كل حدب وصوب تؤكد هذا الخبر ومن بين هذه الاتصالات كان مواطنون من بلدة كفركلا يحاولون التأكد وهم يذرفون الدموع على ما إعتبروه إنهيارا للمقاومين في هذه البلدة وخشية على الأهالي الذين لا زالوا صامدين فيها..
كانت هذه الأجواء بمثابة صدمة لعلي اذ إعتبر أن التحركات الاسرائلية الليلية في أجواء مرجعيون كانت تغطية لإقتحام بلدة كفركلا، فكان ذلك دافعاً لعلي كي يستطلع عن قرب ما يجري في البلدة .. فتوجه الى منطقة تل النحاس القريبة من كفركلا ليّطّلع على الأجواء من هناك، خصوصا وأن الإتصالات كانت رديئة في تلك المنطقة حيث لم يتمكن علي من التأكد من هذه الأخبار عن طريق أبناء البلدة الصامدين ..  لكن شيئا غريبا سجله علي في تلك اللحظة وهو تعرض القرية لعشرات القذائف المدفعية، الأمر الذي يشير بالمفهوم العسكري إلى عدم وجود اي جندي إسرائيلي داخل كفركلا، فكيف يقصف العدو منطقة يتواجد عليها جنوداً  له ؟؟ ..
يقول علي شعيب: "في هذه الاثناء شعرت أن مسؤوليتي كبيرة أمام هذا المشهد، خصوصاً عندما علمت أن مصدر خبر سقوط كفركلا هو جيش الإحتلال الإسرائيلي عبر بيان عسكري اذاعته القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي.. فقررت الدخول الى البلدة لأدحض مزاعم العدو، أبلغت ابو "علي و محمد" بأني سوف أدخل إلى بلدة كفركلا فنصحوني بعدم المغامرة لأجل سبق صحفي!!  فقلت لهم لن ادخل من أجل سبق صحفي وإنما لأنفذ عملية إعلامية مشابهة للعمليات العسكرية التي ينفذها المقاومون وهذا هو وقت إستخدام سلاحي .. فإن لم إستعمله الآن فمتى أستعمله ؟.. الهدف واضح هو إسقاط الأكاذيب الإسرائيلية ومعه ثقة المستوطنين بجيشهم و إعادة الثقة بصلابة المقاومين الذين لا زالوا صامدين مع الأهالي في البلدة و قلت لهم هل يمكن أن نقول للمقاوم الذي يحمل صاروخا و ينتظر دبابة اسرائيلية  لتتقدم نحوه ليدمرها أن لا تقصف الدبابة ؟؟ يمكن أن تستهدفك بعد ذلك ؟؟  فأنا كحامل هذا الصاروخ و قد حان وقت عملي ..  فلماذا أتهرب من مسؤوليتي وواجبي؟؟ وإلا لماذا انا هنا ؟؟
"توكلت على الله" يتابع علي .. و لبست الخوذة و الدرع وكانت حدّة القصف قد خفّت، ثم توجهت الى مدخل بلدة كفركلا الشمالي و مررت بمحاذاة بوابة فاطمة، وكم كانت المفاجأة كبيرة عندما شاهدت طفلين في الثامنة من عمرهما يسقيان شتلة ورد كانت مزروعة بالقرب من السياج الشائك في المكان.. وسط غياب لجنود الاحتلال.. ذُهلت امام هذا المشهد !! .. وكم وجدت نفسي ضعيفاً عندما انتبهت بأنني ألبس درعاً وخوذةً فيما الطفلين لا يعني لهما ذلك  شيئاً أبداً.. عندها خلعت الخوذة والدرع واستمديت المعنويات من هذا المشهد الذي صورته آنذاك .. وعلمت أن ما جرى خلال ساعات الليل هو قيام قوة من جنود الاحتلال بالتقدم خارج السياج الشائك قرب بوابة فاطمة لعشرين متراً ودمروا مبنى قديماً مؤلفاً من اربع طبقات يقع بالقرب من محطة الوقود...
يتبع .. 
2009-11-19