ارشيف من :مقاومة

علي شعيب يروي لـ"الانتقاد.نت" يوميات الحرب: هكذا دخلت إلى كفركلا لإنقاذ الجرحى

علي شعيب يروي لـ"الانتقاد.نت" يوميات الحرب: هكذا دخلت إلى كفركلا لإنقاذ الجرحى
مراسل على خط النار الحلقة 18

 
حوار فاطمة شعيب
في اليوم الثامن عشر للعدوان كان "علي شعيب" يقوم بزيارة لمقر أمن الدولة لإحضار أسماء جرحى سقطوا في بلدة الفرديس قضاء حاصبيا إثر قصف تعرضت له البلدة لأول مرّة، فإتصل به مواطن من بلدة كفركلا يخبره بإصابة منزل مأهول بقذيفة إسرائيلية.. وعن حاجة الجرحى لسيارة إسعاف تجليهم من البلدة إلى مستشفى مرجعيون.. يستذكر "علي" تلك اللحظات: "كاد صوت المواطن يخرق أذني من شدة الصراخ الذي يعبر عن الإستنكار لترك المصابين لمصيرهم بعدما رفض أحد أن يستجيب لندائهم فإستنجد بي لإحضار إسعاف أو سيارة لإنقاذ سبعة جرحى سقطوا بقذيفة دبابة كانت متمركزة في تلة "رياق" قرب مستعمرة المطلة المقابلة وقد تهاوت حجارة المنزل الذي كانوا يقطنون فيه على رؤوسهم، حينها توجهت مسرعاً إلى السيارة التي كنت قد إستقدمتها من الخيام وإتصلت مباشرة بقائد القوة الأمنية المشتركة العميد "داوود"  لإبلاغه وإرسال دورية من القوة الأمنية المشتركة فقال لي: "أنا سأتصرف، إتصل أنت بالصليب الأحمر وأبلغهم بالأمر"، فإتصلت بهم و قالوا لي "سنحضر الإسعاف تعالى لنذهب سوية"، وبالفعل توجهت إلى مركز الصليب الأحمر في مرجعيون وتفاجئت بأن المسعفين كانوا يلعبون "الداما" على درج المركز فصرخت بوجههم: "أين الإسعاف ؟؟ الناس تموت وأنتم تلعبون ؟؟"، فأجابوني بأن البلدة تتعرض للقصف ولا يمكن الدخول إليها !!  فنهرتهم قائلاً: "شكراً لكم .. أنا ذاهب لوحدي ومن أراد الذهاب فليلحق بي .. وأدرت السيارة بطريقة غاضبة وتوجهت مسرعاً نحو كفركلا عبر طريق دير ميماس بسبب تعرض منطقة تل النحاس ومحيط بوابة فاطمة للقصف، وعيني لا تفارق السماء وتحديداً طائرات التجسس التي كانت تحلّق بكثافة في أجواء البلدة وأتذكر جيداً (يبتسم علي ثم يتابع) عندما كنت أسير بسرعة قياسية ثم أقف فجأة وكنت أقول في بالي بهذه الطريقة ربما أضعف توازن الصاروخ الذي قد يلحق بي!!".
وصل "علي شعيب" إلى ساحة كفركلا لكن المشكلة كانت في عدم معرفة مكان سقوط الجرحى، وحاول الإتصال على الرقم الذي إستنجد به إلاّ أنه لا إرسال في المنطقة وكذلك لا أحد في الطرقات التي كانت خالية تماما بسبب القصف.. يقول علي: "تجولت بين ألأزقة الداخلية لأجد أحداً أسأله فلم أوفّق حينها شعرت بأني وقعت في ورطة خصوصاً وأنه عليَّ عدم التجول كثيراً لأن الدبابة التي تقصف باتت في المقابل تماماً.. وبعد لحظات من الإرباك قضيتها مع نفسي.. وإذا بشخص من ذوي الاحتياجات الخاصة بدأ يصرخ في وجهي وقد عرفني وناداني بإسمي وقال لي إن إسمه "محمد" وراح يشير لي إلى مكان سقوط الجرحى ولما لم أفهم عليه جيداً أركبته معي في السيارة وتبعت إرشاداته حتى أوصلني بالفعل إلى مكان الحادث حيث كان جمع من الأشخاص ومن بينهم "أبو علي" الذي إتصل بي وكانوا يسعفون الجرحى فشكرت "محمد" على صنيعه وهرولت إلى المنزل المدمر المقابل تماماً لمستعمرة المطلة وبدأت ألتقط الصور وأذكر حينها أنني لم أعد أرى الشخص الذي أرشدني.. أي "محمد" ( بعد الحرب سألت عنه كثيراً فلم أجده ولم أجد أحداً سمع بهذا الشخص في البلدة مطلقاً !!) وبعد لحظات من التصوير إتصلت بـ"قناة المنار" وأذعت رسالة مباشرة قلت فيها إنني متواجد في مكان الجريمة الإسرائيلية ورحت أشكوا الصليب الأحمر الذي قصّر في نجدة المصابين .. وما هي إلاّ دقائق حتى وصلت سيارة الإسعاف في هذه الأثناء إتصل بي أحدهم وطلب مني إخلاء المنطقة فوراً دون أي نقاش لأنني حددت موقعي أثناء الرسالة المباشرة على التلفزيون ..  وما إن هممت بالمغادرة مع المسعفين حتى قصفت دبابة إسرائيلية مكان تواجدي مباشرة وأصابت القذيفة جداراً كنت خلفه مع المصابين والقدرة الإلهية وحدها أنجتنا من الموت !!  فنقلناهم .. وبطريقة جنونية غادرنا الحي فيما فرّ بعض الأهالي الذين كانوا في المكان دون أن يصاب أحد بأذى بينما أصبح لوننا أبيضاً ( كالمعتاد) جراء غبار القذيفة الكثيف لكن المفاجئة كانت كبيرة عندما بدأت الدبابة تلاحقنا بالقذائف إينما توجهت أنا وسيارة الإسعاف من شارع إلى شارع وكنا نقود السيارة بطريقة جنونية، والمضحك المبكي هو خروج سائق الإسعاف من شباك سيارته وهو يصرخ بي إبتعد عن الإسعاف فالدبابة تلاحقك !! ففعلت رغم إقتناعي بأن العدو لا يميز بين سيارة وإسعاف والأمر تأكد عندما بدأت الدبابة ترمي قذيفة في محيطه وقذيفة بقربي وكأننا نصور فيلماً بوليسياً خصوصاً وأن "البطل" لا يصاب وطبعاً هذا أيضا لطف إلهي!! وبحالة مزرية وصلنا إلى مستشفى مرجعيون حيث كان بالإستقبال العشرات من أهالي كفركلا النازحين الذين كانوا يتابعون رسائلي على الهواء.
.. يتبع  
2009-11-19