ارشيف من :مقاومة

علي شعيب يروي لـ"الانتقاد.نت" يوميات الحرب: كنت أبلغ بتدمير الدبابة الثالثة والرابعة والخامسة حتى السابعة في سهل الخيا

علي شعيب يروي لـ"الانتقاد.نت" يوميات الحرب: كنت أبلغ بتدمير الدبابة الثالثة والرابعة والخامسة حتى السابعة في سهل الخيا
مراسل على خط النار ـ الحلقة 22


حوار فاطمة شعيب
بالتزامن مع إشتداد الحرب البرية على المنطقة الحدودية، وتوغل مئات الدبابات بخطوط طولية بهدف الوصول إلى نهر الليطاني بأقل خسائر ممكنة.. كان تدخل القوات الغازية الإسرائيلية محاولة التوغل عبر الأودية والتلال دون الإقتراب من المناطق السكنية للهروب من المواجهة المباشرة مع الأهالي والمقاومين، وكانت محاور شمع والبياضة وطيرحرفا وعيتا الشعب وبنت جبيل وعيناثا وميس الجبل ومركبا ومشروع الطيبة ووادي الحجير تشهد تقدم الدبابات بكثافة ومواجهتها بالصواريخ وتدمير عدد كبير منها، إلا أن هذه الأجواء كانت غائبة على محور القطاع الشرقي أي الخيام ومرجعيون.. إلى أن جاء يوم السابع والعشرين من الحرب حيث بدأ العدو بقصف جنوني للمنطقة بأكمالها، وكانت الخيام ودبين وبلاط وسهل الخيام وأطراف مرجعيون عرضة لسقوط المئات من القذائف والغارات الجوية حتى تحول ليل هذه المنطقة إلى نهار وكان علي شعيب يصور هذه الإعتداءات عن سطح أحد المباني في مدينة مرجعيون ..
عن هذه اللحظات يقول "مراسل المنار":" لقد خلت نفسي وكأني في فيلم خيالي بحيث كيفما أدرت الكاميرا أستطيع أن التقط نيران القذائف في كل الإتجاهات، حينها أدركت أن يوم المواجهات البرية والتوغل الإسرائيلي نحو المنطقة التي أتواجد فيها قد دنا "..
ليل طويل من هذه الصورة القاسية قضاها "علي" على سطح المبنى حتى طلع صباح الثامن والعشرين، حيث إجتمع مع أبي علي ومحمد في منزل صديقهم نضال للتباحث في كيفية التصرف حين تدخل الدبابات إلى المنطقة، خصوصاً وأن إمكانية حصول مقاومة للتوغل الإسرائيلي تبدو ضئيلة مع معرفة علي بقرار المقاومة الإسلامية الضمني بعدم القتال في المناطق المسيحية، خصوصاً وأن آلاف النازحين لجأوا إليها من بقية القرى وإستقر الرأي على ضرورة الإختباء في مكان إعتقدوا أن الصهاينة لن يصلوه، وحتى ذلك الوقت بقي علي يغطي كثافة الإعتداءات التي إستمرت طوال النهار أيضاً .
جاءت ساعات المساء محققة توقعات "علي"، فأرتال الدبابات بدأت بالتوغل فعلياً خارج السياج الحدودي لمستعمرة المطلة عبر سهل الخيام .. ووصل بعضها إلى مداخل بلدة القليعة وسط قصف مدمر لمحيط المنطقة .. ولم تتعرض الدبابات لأي هجوم!!، حينها كاد الإحباط ينال من "علي" الذي لم يعد لديه إمكانية المغادرة، لأن جميع مداخل المنطقة كانت تتعرض للقصف.. وقرابة الحادية عشرة من قبل منتصف الليل وصلت الدبابات إلى مشارف مدينة مرجعيون .. وكان من المقرر أن يتلوا مراسل المنار رسالة على نشرة الحادية عشرة والنصف كالمعتاد، يصف فيها تلك اللحظات بالمأساوية "فماذا أقول في الرسالة ؟؟ هل أتلوا بيان سقوط المنطقة على لساني الذي لم يعتد أن يعترف يوما بهزيمة؟؟ وماذا سيصيب جمهور المقاومة حين ذاك .. وبقيت على هذه الحال لدقائق حتى قررت عدم الكلام نهائياً".
قرابة الحادية عشرة ليلاً حصل ما أعاد العزيمة لعلي .. وكانت المفاجأة بالإتصال الذي تلقاه !! فماذا حصل ؟؟
يقول علي: " كنت أعدّ أنفاسي عندما إتصل بي أحد أصدقائي "المسيحيين" (عذرا على التعبير ولكن لتقديم الصورة الحقيقية عن أبناء هذا الوطن) من بلدة القليعة يقول لي وهو يصرخ لقد دمروا دبابة في سهل الخيام وهي تحترق الآن.. لم آخذ بالكلام كثيراً على الرغم من أن الصديق ثقة لدي، وإنتظرت قليلاً كي أتأكد من هذه المعلومة إلى أن جأني إتصال مماثل من شخص آخر ثم من ثالث يقول لي نفس المعلومة ويضيف الثالث أن دبابة ثانية دمرت في هذه اللحظات وهي تحترق الآن مع الأولى والدبابات الأخرى بدأت بالتراجع".
.. كانت هذه الأخبار بمثابة الإنتفاضة بالنسبة لعلي الذي إتصل فوراً بالقناة والساعة تقارب بدء نشرة الأخبار، يقول علي: "لقد أذعت هذه الأنباء على الهواء، وأنا أبدوا بحالة نشوة كبيرة مع العلم أني لم أعد إلى غرفة عمليات المقاومة حينها لاستقاء المعلومات، خصوصاً وأن الوقت لم يعد يسمح بذلك والأجواء التي أشيعت بالإعلام عن سقوط المنطقة لم تعد تحتمل التأخير" ..
إنتهى علي من تلاوة رسالته، فجاءه إتصال من غرفة العمليات مستفسراً عن مضمون الرسالة فأجابهم بما حصل..، فإتصل علي بالأصدقاء مجدداً ليبلغوه بنفس التفاصيل حتى أنهم أشاروا إليه بكيفية حركة الصواريخ ومصدر إطلاقها.. يقول علي شعيب : " وبينما كنت أتحدث مع الشخص الثالث وإذا به يصرخ لقد دمروا الثالثة الآن، ثم صرخ والرابعة إندلعت منها النيران وهكذا حتى أصبحوا سبعة !! وبينما كنت أرتجف حماسة لما أسمع عدت وإتصلت بالشخصين الآخرين اللذين كانا متواجدين في مكان مطلّ على السهل فأعطوني المعلومات نفسها !! فإتصلت بالقناة مجدداً وأبلغتهم بما يحصل، وبدا لي حينها أن المقاومين مشغولين بتدمير الدبابات بمعنى أنهم ليسوا مستعجلين على الدعاية الاعلامية حتى ينتهوا من صيدهم" ..
.. يتبع

2009-11-19