ارشيف من :مقاومة

علي شعيب يروي لـ "الانتقاد.نت" يوميات حرب تموز: مررت على حاجز للعدو.. فقال لي الجندي الصهيوني "روخ خبيبي".. فنجوت

علي شعيب يروي لـ "الانتقاد.نت" يوميات حرب تموز: مررت على حاجز للعدو.. فقال لي الجندي الصهيوني "روخ خبيبي"..  فنجوت
مراسل على خط النار ـ الحلقة الاخيرة



بقلم : فاطمة شعيب
غادر "علي شعيب"  ثكنة مرجعيون صبيحة 14 آب/ اغسطس بعدما تمكن من الإختفاء من أمام دبابة إسرائيلية !!  وتوجه مجدداً نحو ساحة مرجعيون وأثناء تجواله أمام السراي الحكومي سمع هديراً غير مألوف يأتي من خلف السراي .. فتوجه بشكل بطيء إلى هناك .. ليتفاجئ بخمس دبابات إسرائيلية ونحو خمسين جندياً إسرائيلياً منتشرين في كرم زيتون!! .. وبدا أنهم يستعدون للرحيل يقول علي: "صُدمت عندما وجدت نفسي لا أبعد عن إحدى الدبابات سوى خمسة عشر متراً .. ولم أصدق ما شاهدته لأنني أتيت إلى مرجعيون وفي إعتقادي أن العدو قد سحب جميع قواته ، لكن يبدو أن  قرار وقف العمليات الحربية كان مفاجئاً حتى للعدو ..عدت إلى ساحة مرجعيون فإلتقيت بعدد من المواطنين العائدين بسرعة إلى قراهم .. ولدى إستفسارهم أبلغتهم عن وجود قوة معادية خلف السراي وقوات أخرى لازالت في بلدة القليعة .
 في هذه الأثناء وصل فريق صحافي تابع " للجزيرة "  وكان من ضمنه المصور عصام مواسي والمراسلة كاتيا ناصر اللذان كانا مع علي في مرجعيون قبل مغادرة الصحافيين في اليوم الثاني عشر من الحرب
وتعرضهم لغارات جوية في حاصبيا آنذاك ..
 يقول علي : كما كان الوداع مؤثراً وقتها ، كان اللقاء أكثر ثأثيرا إذ ان عصام لم يكن مصدقاً انني بقيت على قيد الحياة طوال الحرب فكان عناق ودموع وتهاني بالسلامة .. وتكرر الأمر مع كثير من الأهالي العائدين ..
إنصرف الجميع كل إلى عمله ..وعلم علي أن جنود الإحتلال المنتشرين في بلدة القليعة لا يجرؤون على الوقوف في الطريق العام المؤدي الى كفركلا ، فقرر التوجه الى هناك قاصداً الوصول الى العديسة وبلدة الطيبة للإتطلاع على ما جرى خلال الحرب .. وعند وصوله الى مربع تل النحاس يقول علي : " رأيت عدداً من الدبابات الإسرائلية تقف بين أشجار السرو والزيتون وكان ذلك أمراً مفاجئاً بالنسبة لي .. أن اقف على مقربة من الإسرائليين بعد ثلاث ساعات فقط من إنتهاء الحرب !!
 أكملت طريقي بإتجاه العديسة عبر بوابة فاطمة ، ولدى وصولي إلى عبارة كفركلا تفاجأت بوجود حاجز إسرائيلي كان يؤمّن إنسحاب بعض الدبابات المندحرة من تلال العديسة !!   فقلت في نفسي ( آخر الطحنة كركعة ..؟؟ ) عندها ترددت في الهروب والعودة من حيث أتيت خشية تعرضي لإطلاق نار من الجندي الإسرائيلي الذي كان يقف أمامي على الطريق .. فقررت التقدم كوني صحافي، خصوصاً ان هناك إمكانية للنجاة إذا لم  يعرف بأنني مراسل المنار..  فتقدمت بإتجاهه !! فنظر إلييّ .. ثم الى داخل السيارة .. وقال لي ( روخ خبيبي !! ) فلم أصدق أنني نجوت .. فحمدت الله على رعايته لي وأنطلقت بسرعة البرق .. وعلى الطريق رأيت ما كنت اتمناه ..جنازير دبابات مدمرة على جانبي الطريق .. وبعض البقايا المحترقة منها وحمالات وإسعافات اولية مبعثرة .. قمت بتصويرها جميعا وأكملت الى وسط العديسة وقمت بجولة بين المنازل ..  فصادفت الكثير من دماء وبعض بقايا الثياب والامصال الإسرائلية .. ثم إلتقيت ببعض الصامدين الذين رووا لي كيفية سقوط القتلى والجرحى الإسرائليين .. وأثناء توجهي الى بلدة الطيبة مروراً برب ثلاثين صادفت عبور دبابتين إسرائليتين تتوجهان الى مشروع الطيبة قمت بتصويرهما وأكملت الى بلدة الطيبة .. وهناك وجدت كمية كبيرة من الأعتدة الإسرائيلية التي خلفها العدو ورائه .. وفيما كنت أمرّ في الأحياء المدمرة صادفت عدداً من المسعفين وهم ينتشلون ثماني جثث لعائلة قضت تحت الأنقاض .. ولدى إستقساري من بعض المقاومين عن الأشخاص الذين كانوا يتصلون بي أثناء الحرب ويزودونني بأخبارالمواجهات والذين ذكرتهم سابقاً فأجابوني أنهم قد أستشهدو جميعاً .. تأثرت كثيراً .. وتوجهت الى مكان الهاتف العمومي الذي كانوا يتصلون بي عبره لأجده مدمراً .. بعدها توجهت الى مكان إستشهادهم وقرأت الفاتحة لأرواحهم الطاهرة ..
أنهى علي شعيب تغطية المشاهدات في الطيبة وتوجه الى بلدة مركبا وفي الطريق إلتقى بثلاثة جنود إسرائليين كانوا يجلسون تحت شجرة زيتون وقد أصابهم الإنهاك بعد عودتهم سيراً على الاقدام من وادي الحجير بإتجاه وادي هونين ..صورهم بهذه الحالة ثم أكمل الى منطقة مطلة على الوادي المذكور ، وإذا بعشرات الدبابات المدمرة قد كُوّمت فوق بعضها وبدت كأنها "مزبلة دبابات" .. وأثناء العودة لإنجاز تقرير عن هذا اليوم أعاق تقدم علي قافلة كبيرة لجنود الإحتلال المندحرين من وادي الحجير وكانوا يقطعون الطريق العام !! فترجل علي من السيارة وقام بتصويرهم عن قرب .. يقول علي : " في هذه الأثناء صودف وصول "ضياء الناصري" مراسل قناة العربية آنذاك فأحملته الكاميرا وقلت له صورني بجانب الإسرائليين وقلت حينها .. هذه هي  القوافل المنهزمة من جنود الإحتلال الذين يغادرون بإتجاه الاراضي المحتلة .. وكان هذا المشهد غريباً بالنسبة لجمهور المنار الذي يقف مراسلها بجانب جنود العدو دون التعرض له وطبعاً هذا من نتاج الإنتصار الذي حققه المقاومون .
وفي الأثناء مرت سيارة لعدد من الأهالي العائدين ، فترجلت منها سيدة في العقد الخامس من عمرها .. وعلم علي أنها والدة أحد الشهداء الذين قضوا في الحرب وهو صديق لعلي ، ثم توجهت نحوه وهي باكية  قبلته في كتفه وبادرت بتهنئة علي بالسلامة ..  فقابلها بالمودة والدموع .. ثم قالت له " الله يعطيك العافية يا إبني لقد أبدعت وكنّا نستمدّ المعنويات من رسائلك وأخبارك .. لأننا كنا نسمع صدى صواريخ المقاومة تتردد في حنجرتك " يقول علي : " أنساني هذا الكلام كل عناء الحرب وقساوتها .. وتيقنت حينها أنني أجدت إستخدام سلاحي .. وقلت في نفسي  ..كما نصرنا الله بالمقاومة ..نصرنا الله أيضا بالمواجهة الإعلامية ...
 وكل نصر وأنتم والمقاومون وسيدهم بألف خير ...                 

... إنتهى

2009-11-19