ارشيف من :آراء وتحليلات

الحرية قريباً

الحرية قريباً

كتب إبراهيم الموسوي

سواء تم تحرير الأسرى من سجون الاحتلال الإسرائيلي بعد يومين أم لم يتم، فإن الأزمة وضعت على سكة الحل، ولنا أن نرجح عودتهم المظفّرة قريباً وقريباً جداً، ذلك بأن الوعد الذي قطعته المقاومة بشخص أمينها العام سماحة السيد حسن نصر الله وعد لا رجعة عنه أبداً.

لقد وفت المقاومة وقائدها بالوعود دائماً، ولقد منّ الله على المقاومة وشعب المقاومة، بالكثير من الانتصارات المظفّرة بفضل الإيمان به، والتوكل عليه، والثقة بالرجال المجاهدين الذين لا تقعدهم عن مهماتهم أية عقبة، ولا يثنيهم عن واجبهم أي عائق.

وغداً، أو في أي وقت مقبل ترفع فيه بيارق النصر، وتعلو فيه أهازيج الفرح، سيعرف الناس كل الناس مجدداً، وبالملموس، أن المقاومة لم، ولن، ولا تخلف وعداً قطعته، وعهداً عاهدته.

غداً، أو في أي وقت مقبل، يخرج فيه أسرانا مرفوعي الرؤوس، شامخي الهامات، يتظللون رايات العزة والكرامة، ويتنسمون شميم الحرية، سيعلم الناس كل الناس، وسيعلم العالم كل العالم، أن الغطرسة والعناد الصهيونيين لا يبقيان أبداً على حالهما، تقول المقاومة كلمتها، وتفعل المقاومة فعلها، فكيف إذا كان قول المقاومة فعلاً.

غداً، أو في أي وقت قريب مقبل، يعود فيه أبطالنا من الأسر قد يدرك البعض، ممن ما زالوا يراهنون على حسن نوايا العدو الصهيوني، وعلى مبادرة المجتمع الدولي، وعلى دعم الأصدقاء العالميين من منظمات وحكومات ورؤساء وقادة، أن فعل التحرير، تحرير الأرض والناس بسواعد المجاهدين هو أمضى سلاح وأنجع وسيلة لبلوغ الأهداف الحقة النبيلة، فالحرية الحمراء يدق بابها بالأيدي المضرّجة بدم العطاء والتضحية، ولن تفتحها بحار الدموع الذليلة المتمسكنة، ولا التوسلات البائسة الذليلة المستغيثة.

هل يعلم هؤلاء معنى المقاومة وروح المقاومة وفعل المقاومة وعز المقاومة وشرف المقاومة، أم أن هذه الكلمات لا تنتسب أبداً إلى قواميسهم اللغوية، وهم الذين أتقنوا لغة الخشوع والخنوع للمستعمر والمستكبر والمحتل.

هل يدرك هؤلاء أن الله سبحانه وتعالى، هو رب الأرباب، ومسبب الأسباب، وأنه القادر على كل شيء، وهو الذي يجعلنا قادرين على الكثير اذا ما آمنا به، وتوكلنا عليه، وأحسنّا الظن به.

ماذا يريدون بعد من الأمثال؟ ألم يكفهم أن دولاً كبرى إقليمية تنازلت وفاوضت وخضعت للتسويات، وأعطت العدو ما طلب وما لم يطلب فلم يحترمها، ولم يراعها، فما أفرج عن أسراها، ولا سمح لها ببسط سلطتها على أراضيها التي أرجعها لها منقوصة السيادة!

عندما انسحب العدو من لبنان في انسحاباته المتتالية، انسحب مجللاً بعار هزيمته، وذل خزيه وانكساره، وكان ذلك بفضل ضربات المقاومة وسواعد مجاهديها الأبطال، لم يستطع أن يفرض شرطاً واحداً، ولا استطاع أن يبتز لبنان في نقطة مياه أو حبة تراب، ويشهد الجنوبيون الذين عاشوا كل حياتهم في حقولهم وأرضهم المحاذية لفلسطين المحتلة، أنهم لم ينعموا بطعم الحرية في سني حياتهم كما فعلوا بعد التحرير في العام 2000، كان الواحد منهم يزور حقله، أو يعمل في أرضه في منتصف الليل، أو عند دغشة الفجر لو شاء، وهو الذي عاش كل حياته مقيداً بأوامر العدو وتعليماته في كيفية الدخول إلى أرضه والخروج منها.

هذه المعادلة هي معادلة القوة والمنعة التي صنعتها المقاومة، وحفرت عميقاً في وجدان أبناء الأرض، لذا تجدهم يدرأون عن المقاومة بأولادهم وأكبادهم وأرزاقهم، فهم يؤمنون بها حق الإيمان، ويعتمدون عليها كأنها اليقين. أما الخانعون المهرولون المتسكعون على أبواب العواصم والسفارات، الطالبون المساعدات والمتسولون الدعم الخارجي والعطف الدولي فما امتلأت حقائبهم إلا  بالسراب.

غداً، أو في أي وقت قريب مقبل، عندما يعود أبطالنا من الأسر، تتجدد فينا الثقة بصحة خياراتنا، وصوابية توجهاتنا، ونقدّم للعالم كل العالم دليلاً إضافياً آخر، فيضاف إلى سجلنا الناصع، وبرهاناً لا يرد يضاف إلى مخزون براهيننا القاطع، أن عدونا لا يواجه ولا يجابه إلا بالمقاومة، هي التي تصنع النصر، وهي التي تجني الخير والثمر مباركاً من عند الله، محتضناً من عند الناس، أما الواهمون المتسربلون بأمانيّهم ووعود أصدقائهم، فلم يفلحوا ولن يفلحوا في تحقيق ما أراده أسيادهم منهم برغم كل الضخ المادي والمعنوي، وأما الواثقون بوعد الله وعهده فهم المنتصرون دائماً وأبداً!
الانتقاد/ العدد1275 ـ 24 حزيران/ يونيو 2008

2008-06-24