ارشيف من :آراء وتحليلات

كم عمر فلسطين غدا؟(1)

كم عمر فلسطين غدا؟(1)
كتب نصري الصايغ

1 - العمر الفلسطيني

فلنترك لبنان في دورانه، لا تبدو على قواه قدرة الخروج من الحلبة المغلقة، الحل الموقت مؤجل، الحلول المتوسطة بعيدة المنال، الحل النهائي في حقبة المستحيل اللبناني.

فلنترك تأليف الحكومة، وما بعدها، وما بعد بعدها، حصة لبنان في هذه المرحلة، هي الضياع، ومحاولة الإبقاء على الأرض اللبنانية، بصيغة الأمن الغادر والمغدور.
فلنذهب إلى فلسطين

لبنان هو عدو، باستعادة مزارع شبعا، بعد إقامة إلزامية، تحت مظلة الشرعية الدولية.. أنا سأصدق هذا الوعد، فماذا بعد؟

البعد يفيد، أن المطلوب أن يغسل لبنان يديه من سلاح المقاومة، مع إعلان صارخ وعالي الصوت، "إننا آخر من يوقع على معاهدة سلام مع اسرائيل"، إلا أن الذي يقلق البال، هو ما بين نزع السلاح، وبين التوقيع، فماذا ستكون سياسة القوى اللبنانية، اللاهثة في المشروع الأميركي!

أليست تماماً كما هي سياسة دول الاعتدال العربي، وأليست غسل اليد من القضية الفلسطينية؟ أليست فليقلّع كل فريق شوكه بيديه؟ أليست هذه سياسة النعامة التي دفنت رأسها بالرمال، فوقفت تحت قبضة المقولة الزائفة: "قوة لبنان في ضعفه".

علمياً، ثبت أن للقضية الفلسطينية، بحكم كونها قضية انسانية وقومية وأخلاقية، مكان إقامة في لبنان، كما لها مكان إقامة لدى الشعوب العربية، أو لدى أكثريتها، وعمر هذه القضية، أطول من أعمارنا جميعاً.

2 - كم عمرك غداً؟

بناءً على ما تقدم، لا يجوز السؤال كم عمرك الآن، بل كم عمرك بعد نصف قرن من الزمان.

الإجابة ممتنعة عن السؤال، لأن عمر القضية الفلسطينية أكبر من أعمار من عايشها منذ وعد بلفور، وستكون حتماً، أكبر من أعمارنا نحن، والبرهان من فم موشيه يعلون.

فعندما تم اختيار طوني بلير (لا أحد سواه) ليكون "المرشد العملي" لعملية السلام في الشرق الأوسط (وعمر عملية السلام هذه، أكبر من عمرنا أيضاً) وجه اليه موشي يعلون عدداً من الأسئلة، منطلقاً من واقع الاستحالة، ومبشراً بالفشل الذي سيمنى به بلير في بحثه عن السراب السلمي.

ترى، لماذا فشل المبعوثون الدوليون كافة، من الكونت برنادوت، إلى غونار بارينغ إلى كيسنجر وتينيت وعشرات آخرين؟

لماذا فشلت كل الوعود، الصادقة والكاذبة في تأمين شروط السلامة، لعملية السلام؟

إذاً.. فلنعد إلى اسئلة يعلون؟

أولاً: هل الصراع بين اليهود والفلسطينيين هو صراع جغرافي؟

بنظر اسرائيل، ليس الصراع على الجغرافيا، أي على الأرض، وهذا ما يفسر استمرار العقيدة الصهيونية في الثقافة السياسية والعسكرية للنخب الاسرائيلية، وبنفي اسرائيل لهذه المقولة، تسقط مقولة الاحتلال، وعليه، فإن على العالم، ومنهم بلير، أن لا يضغط على اسرائيل من أجل الانسحاب، بل من أجل تأمين الأمن، والبرهان، أن اسرائيل انسحبت من جنوب لبنان وغزة والبلدات الفلسطينية، فماذا كانت النتيجة؟

النتيجة، أن "حزب الله" أعاد تسليحه بطريقة مذهلة، واستمرت العداوة واستحكمت، وجرى استعداد للمزيد من القتال.

وعليه فإن يعلون يحذر الجميع من ممارسة الضغوط من أجل الانسحاب فإلغاء الاحتلال يعقد المشكلة، والمشكلة ليست في الاحتلال.

ثانياً: هل الحل بقيام دولتين تعيشان بسلام؟

هذا وهم، يقول يعلون، حصل الانسحاب واستمر الاعتداء، "أعطيناهم سلفة" فخرجوا الينا بقوى متطرفة، فجرت عمليات انتحارية في "اسرائيل"، لقد استحوذت حماس على غزة والآتي أعظم.

(التتمة في العدد القادم)

الانتقاد/ العدد1276 ـ 27 حزيران/ يونيو 2008
2008-06-26