ارشيف من :أخبار لبنانية

خطط الموالاة للالتفاف على اتفاق الدوحة

خطط الموالاة للالتفاف على اتفاق الدوحة

ليلى نقولا الرحباني

تتقاطع الأحداث الأمنية مع الأمور السياسية وحالة المراوحة في التشكيلة الحكومية لتضفي حالة من القلق على نفوس اللبنانيين. ولعل اللافت ان الموالاة منذ ان عادت الى بيروت من الدوحة وهي تحاول أن تعرقل وتكسب المراحل وتحدّ من خسائرها.
وعلى ما يبدو من التطورات الأخيرة فإن خطة الموالاة تتلخص بما يلي:
ـ الالتفاف على مقررات الدوحة من خلال إيصال الأمور الى الأسوأ والتنصل من البنود الأخرى بعد أن تم انتخاب الرئيس، فبادرت منذ ذلك الحين الى تعطيل الوصول الى حكومة الوحدة الوطنية وعدم اقرار قانون الانتخاب الذي توصل اليه الأفرقاء المتحاورون، وهكذا تكون الموالاة قد استطاعت ان تسجل على المعارضة أنها تخلت عن الاعتصام في ساحة الشهداء، وذهبت الى المجلس النيابي وانتخبت رئيساً للجمهورية على أمل ان تحصل على ثلث ضامن في حكومة الوحدة الوطنية وقانون انتخاب.. فأخذت الموالاة العصفور الذي باليد وتركت للمعارضة العصافير التي على الشجرة. فقد سارعت الموالاة الى المواجهة مع المعارضة باختيارها السنيورة رئيساً للحكومة واستمرار الاعلام الموالي في التحريض الطائفي والتجييش المذهبي والتباكي على العاصمة وأهلها، ضاربة عُرض الحائط بكل ما تم الاتفاق عليه في الدوحة.
- التوتير الأمني المتنقل الذي ترافق مع تصعيد اعلامي وخطة اعلامية مركزة توحي بأن المعارضة وخاصة العماد ميشال عون، يطالب بحصص أكبر مما يستحق تكتل التغيير والاصلاح، وذلك لاحراج المعارضة والعماد عون أمام الرأي العام وإظهارهم بأنهم يسببون المشاكل في البلاد بسبب ما يسمونه "الأطماع الوزارية".
وقد كانت الخطة الاعلامية الموالية ترتكز على فكرة اساسية مفادها: "إما أن تعطونا وتسلموا لنا بما نريد من مكاسب واستئثار بالحكم وسيطرة على مرافق الدولة والاقتصاد.. وإما أن نتهمكم بالتعطيل وإيصال البلاد الى المجهول، وانكم سبب المآزق الاقتصادية والسياسية والامنية".
وهكذا كان الاعلام الموالي في الفترة السابقة يركز على عدم انتخاب رئيس للجمهورية ليتّهم المعارضة، أما وقد تم انتخاب الرئيس فقد تركزت الخطة الآن على كسب الحصص الوزارية التي تريدها الموالاة، وإلا اتهمت المعارضة بكل الموبقات، وغداً عندما تحصل على الحصص الوزارية التي تريد، ونصل الى البحث في قانون الانتخاب، فإما أن تقبل المعارضة بالتقسيم الذي تريده الموالاة، والذي يؤمن لها السيطرة على المجلس النيابي، وإلا تتهم بأنها تعرقل الانتخابات النيابية، ما يؤدي الى اعتماد قانون "غازي كنعان ـ الحريري ـ المر" الذي سرق التمثيل الشعبي وزوّر الارادة الشعبية في دورتين انتخابيتين متتاليتين.
- محاولة تكرار سيناريو 2005 والتحالف الرباعي، فقد أحرجت الموالاة العماد عون واتفقت مع حزب الله وحركة امل وحرمت تكتل التغيير والاصلاح من التمثل بالحكومة، وكانت الصفقة بأن تُجيّر حصة التيار الوطني الحر الى الرئيس اميل لحود، وقد اتضح فيما بعد ان حصة الرئيس لم تكن في الحقيقة سوى حصص لتيار المستقبل، ولم يستثن منها الا الوزير يعقوب الصراف. والآن تريد الموالاة إحراج العماد عون بإعلانها أن حصة المسيحيين من الوزارات السيادية سوف تعطى لرئيس الجمهورية، وهي ـ كما يظهر من الاسماء التي تطرح كالوزير الياس المر ـ حصة موالية كاملة وليست حصصاً حيادية وتوافقية كما يجري تصويرها أمام الرأي العام.
لكن ما تعلمه الموالاة وتحاول تسويق عكسه هو ان ظروف 2005 مختلفة كلياً عن ظروف 2008، وان ما صح في تأليف الحكومة عام 2005 إثر انتخابات نيابية قامت خلالها الموالاة بالخديعة الكبرى في التحالف الرباعي لا يصح اليوم، فالمعارضة متماسكة جداً ولا يمكن لاي طرف في المعارضة أن يسير في اي اتفاق سياسي اذا لم يكن هناك إجماع وموافقة من قبل كل التشكيلات الأساسية فيها.
- بث العداء بين رئيس الجمهورية والمعارضة، بحيث يظهر التيار الوطني الحر والعماد عون وكأنهما لا يريدان للعهد الجديد أن يكون قوياً بما فيه الكفاية، وإظهار المقاومة وكأنها معادية لرئيس الجمهورية، وكلنا يذكر كيف تحامل الاعلام الموالي وشوّه خطاب السيد حسن نصرالله واعتبر انه "يفسد الفرحة على اللبنانيين بانتخاب الرئيس".
- تريد الموالاة ان تحرم تكتل التغيير والاصلاح من وزارة سيادية لكي تظهر أن المسيحيين لا يتمثلون بالعماد عون والتيار الوطني الحر، وإنما يتمثلون برئيس الجمهورية، وهي خطط استخدموها منذ زمن مع بقايا قرنة شهوان، ولكنها باءت بالفشل بعد أن تبين أن حلفاءهم المسيحيين داخل الموالاة أعجز من أن يقولوا "لا" لتيار المستقبل، وانهم ـ مهما نفخوهم وأمدوهم بالمال والسلاح ـ لن يستطيعوا أن يشكلوا حالة مسيحية قوية تسحب البساط من تحت التيار الوطني الحر والعماد ميشال عون.
هي مخططات دائمة والتفافات وخدع تقوم بها الموالاة دائما ومنذ تسلمها الحكم ولغاية اليوم، والواقع ان هؤلاء لو اعتمدوا في تسيير أمور البلاد كل هذا المجهود الفكري والمالي لوصلت البلاد الى نعيم اقتصادي وسياسي، ولربحت الموالاة الحاكمة بالاصوات الشعبية، ولما احتاجت الى كل هذه الالتفافات لكي تكسب السلطة. ولكن، ماذا ينفع مع هؤلاء الذين يؤمرون فيطيعون، وتصدر الاوامر لهم فينفذون؟
الانتقاد/ العدد1271 ـ 10حزيران/ يونيو 2008

2008-06-10