ارشيف من :آراء وتحليلات

نقطة حبر: غاية المعرفة

نقطة حبر: غاية المعرفة
كتب حسن نعيم

يعتبر حكماء العالم الإسلامي أن معرفة النفس تشكل البداية الحقيقية لمعرفة الحق تبارك وتعالى.
ولكن المقولة الآنفة التي تحظى بإجماع الفلاسفة والمفكرين الإسلاميين لم تلغِ السؤال الكبير الذي تتناسل منه الأسئلة وهو: لماذ؟ لماذا بقيت فئة العارفين بالله, فئة نادرة تتوزع على مفارق الزمن, تروى عنها الأقوال والقصص والأحوال والكرامات، ما دامت القضية بهذا اليسر والبساطة.
أن تكون معرفة الخالق "جلّ شأنه" مرهونة بمعرفة النفس فالأمر يستوجب ضرورة معرفة النفس. هذه المعرفة يعتبرها الإمام الخميني  (رضوان الله عليه) في المصباح الثالث عشر من كتابه القيّم مصباح الهداية "مفتاح المفاتيح ومصباح المصابيح"، ولكن هل معرفة النفس أمر متيسر لعامة الناس أم أن ما يعتريها من صعاب يحول دون الوصول إلى الغاية المرجوة؟
ما ذكره الإمام الخميني (قدّس الله سرّه) من أن ممالك الوجود كلها نفس الحضور (حضور الله) وجميع العوالم محضر الربوبية, إن إدراك ذلك  من المطالب العالية وبالخصوص ما ذكره صدر المتألهين في هذا الباب، وأما فهم كيفية ارتباط المخلوق بالخالق وإدراكه الحقيقي لا يتيسر لأحد إلا بتزكية النفس ليكون القلب منوراً بنور التوحيد ومحلاً لتجلي الأنوار الإلهية، وليس للوصول إلى تلك المعرفة طريق غير هذا، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
ولكن هل تفي معرفة بعض المتألهين بالغرض وتسقط التكليف عن بقية الناس, كون النفس البشرية في نهاية المطاف واحدة؟
إذا اعتبرنا النفس البشرية واحدة وهي كذلك، فإن الفلاسفة والمتألهين المسلمين نظروا بريبة إلى النفس، فهذا الشيخ الكفعمي "قده" يخاطب نفسه بحرقة ويحذرها عما يضرّها ويحثّها على أمور تنفعها: "يا نفس, ما أقلّ حياءك وأنزر وفاءك, أترى لو أن أحداً من جلسائك وعبيدك وإمائك واجهك بما تكرهينه لقلّمت منه الأظفار وأحللت به دار البوار, فبأي جسارة تتعرضين لمقت الله وعذابه وشدة عقابه...". وعن الإمام الصادق عليه السلام: "طوبى لعبد جاهد لله نفسه وهواه, ومن هزم جند هواه ظفر برضى الله, ومن جاوز عقله نفسه الأمّارة بالسوء... فقد فاز فوزاً عظيماً".
الانتقاد/ العدد1277 ـ 1 تموز/ يوليو 2008
2008-07-01