ارشيف من :آراء وتحليلات

الضربة العسكرية لإيران: هل هي ممكنة؟

الضربة العسكرية لإيران: هل هي ممكنة؟
كتبت ليلى نقولا الرحباني

كثر الحديث في الايام الاخيرة حول ضربة عسكرية محتملة قد تلجأ اليها اميركا او "اسرائيل" للمنشآت النووية الايرانية، وقد ردت ايران بما يشبه "الانذار أو الخط الاحمر"، بأن اي تفكير بالموضوع سوف يكلف فاعله خسائر اين منها الخسائر الاميركية في المستنقع العراقي الذي غرقت فيه الولايات المتحدة، وتحاول الآن من خلال الاتفاقية الامنية الجديدة التي تحاول ان تعقدها مع العراق تحويل "الاحتلال" الى "وجود مشروع".
وتشير الاحداث على الارض الى ان الملف النووي الايراني لم يقفل بالنسبة الى الساسة في واشنطن وتل ابيب، بل ان المناورات التي جرت في البحر الابيض المتوسط وسربتها الصحافة هي نوع من الرسالة الميدانية الى ايران، بالاضافة الى ما سرب عن اجتماع سري عقده رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت مع أفيام سيلا مهندس عملية أوبرا عام 1981 التي نفذت فيها "إسرائيل" ضربة جوية طويلة المدى ضد مفاعل أوسيراك في العراق، زد على ذلك الانباء التي تحدثت عن مؤتمر ضخم للمعارضة الايرانية عقد في فرنسا في نهاية الاسبوع المنصرم، وازالة منظمة مجاهدي خلق عن لوائح الارهاب البريطانية.
المناورات التي جرت في البحر الابيض المتوسط وسربتها الصحافة هي نوع من الرسالة الميدانية الى ايران 
الحقيقة، أنه منذ أن تيقنت أميركا و"إسرائيل" بأن ايران لن تنصاع للإملاءات الأميركية بشأن مشروعها النووي، اطمأنت اميركا الى وجود الذريعة التي تبرر لها شن الحرب الثالثة لاستكمال السيطرة على المنطقة، عبر إخضاع ايران بعد أن "احتلت أفغانستان والعراق". هذا نظرياً، لكن الواقع الميداني يبرز الأمر خلاف ذلك، فالحرب البرية التي تقود الى احتلال الارض وتغيير بنية الدولة، كما فعلت أميركا في العراق، غير ممكنة في الظروف القائمة لاسباب عدة اهمها: أولاً عدم قدرة القوى الاميركية الجاهزة الآن على القيام باجتياح بري، وثانياً عدم قدرة اميركا على حشد تحالف دولي يوفر لها ما تريد من القوى العسكرية اللازمة، ثالثاً عدم قدرة الادارة الحالية على كسب تأييد داخلي لضربة كهذه وبخاصة انها تبدو محرجة في اواخر عهدها بسبب الاخفاقات المتتالية، لذا لن تقدم على مغامرة غير محسوبة النتائج تزيد في خسارة الحزب الجمهوري وتسبب له نكسة اضافية على ابواب الانتخابات الرئاسية.
اما اذا لجأت اميركا الى الحصار المترافق مع القصف التدميري من الخارج، او قصف بعض المنشآت النووية. وهذا أمر تستطيع أميركا أن تنفذه بكل يسر، وهي التي تملك القواعد العسكرية المحيطة بإيران من كل جانب، ولديها الأساطيل القادرة على المعالجة من البحر المتوسط والخليج، ومن المحيط الهندي. لكن معضلة أميركا في أن القصف الذي قد تنفذه، مهما بلغت كثافته، لن يستطيع أن يصل بسرعة الى شل كامل القدرات النارية الايرانية أو تدميرها، وهي المنتشرة على مساحة ايران بأكملها، فإن إيران تملك القدرات على الرد في كل من اسرائيل، والعراق وأفغانستان، بالاضافة الى مناطق آبار البترول والممرات المائية، وهكذا قد يبلغ سعر برميل النفط 500 دولار كما توقع الكثير من الخبراء الاقتصاديين في الغرب.
ان المغامرة التي يتم الحديث عنها في وسائل الاعلام والتي تروج لها وسائل الاعلام الاسرائيلية، يبدو ان هدفها الضغط على ايران لتغض النظر عن الاتفاقية العراقية الاميركية الجدية المزمع توقيعها، بالاضافة الى التغطية على الانتصار الذي حققته المقاومة في ملف تبادل الاسرى لذلك تريد ان تحول فرحة الانتصار الى حذر وخوف من توتير واشتعال للجبهات في المنطقة بأكملها. لكن الحديث عن توتير وحرب شاملة في المنطقة لن يفسد الانتصار الذي تحقق ولن يؤتي اي ثمار، لان انتصار تموز التاريخي ما زال ماثلاً في الاذهان، لا بل ان استعدادات الشعب اللبناني والشعوب العربية باتت اقوى وافعل من السابق.
الانتقاد/ العدد1277 ـ 1 تموز/ يوليو 2008
2008-07-01