ارشيف من :آراء وتحليلات

الاعتراف بالفشل

الاعتراف بالفشل
كتب محمد يونس

في سياق تبرير الأخطاء التي وقعت فيها الإدارة الأميركية في العراق بعد غزوها لهذا البلد، وجد تقرير أعده مؤرخون عسكريون لمصلحة الجيش الأميركي أن إحدى المشكلات الأساسية للمأزق الأميركي في العراق كانت نقص التخطيط التفصيلي قبل الغزو لفترة ما بعد الحرب.
ماذا يعني هذا الكلام؟ يعني أن أكبر دولة في العالم من حيث القوة العسكرية وأول دولة من حيث التخطيط الاستراتيجي تقوم بغزو بلد يبعد عن حدودها آلاف الكيلومترات من دون تخطيط لمرحلة ما بعد الغزو، أي يريدون لنا أن نعتقد أن المهمة التي أعطيت للقوات الأميركية من قبل صقور البيت الأبيض هي اذهبوا واحتلوا العراق ونقطة على السطر. وأن هذه القوات بمؤسساتها الإستراتيجية والبحثية والعلمية قامت بتنفيذ المهمة من دون أن يكون عندها إدراك أو معرفة بماذا ستفعل بعد تنفيذ المهمة.
إنه كلام أقل ما يقال فيه إنه يجعل من الإدارة الأميركية وعلى المستويين السياسي والعسكري مجموعة مجانين تهوى الحروب لا لشيء سوى أنها حروب.
لكن في حقيقة الأمر هي غير ذلك، وهو ما يشير إليه التحقيق بأن التفكير الأميركي كان يعتمد على أن الوزارات العراقية والمؤسسات ستواصل العمل بعد الإطاحة بصدام، وهو ما ينفيه ما فعلته القوات الأميركية بعد الغزو حيث قامت بنسف كل أسس النظام العراقي حتى الجيش والشرطة، ثم قامت بإعادة تركيب لهذه المؤسسات على أسس جديدة، وهو ما يدل على أن هذه القوات كان لديها خطة أو رؤية ما لما بعد الغزو، ولكنها لم تستطع التحكم في العوامل الجديدة  التي أفرزها تغيير النظام في العراق، وبالتالي أدى ذلك إلى دخولها في نفق معتم تعجز حتى اللحظة عن الخروج منه.
بدلاً من أن يتعبوا أنفسهم بإعداد دراسات وإجراء مقابلات للخروج بهكذا نتيجة كان الأجدى بهم أن يعترفوا بأنه كان لديهم خطة ولكنها فشلت، فالاعتراف بالمشكلة يكون نصف الحل ما لم يكن أكثر.
الانتقاد/ العدد1277 ـ 1 تموز/ يوليو 2008
2008-07-01