ارشيف من :آراء وتحليلات

تعطيل.. ومراكمة الفشل

تعطيل.. ومراكمة الفشل

كتب ايراهيم الموسوي


ثمة مخاوف وأسئلة كبيرة بدأت تتصاعد مع مضي الأيام دون تشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي تعثرت ولادتها حتى الآن، وهناك من يشير إلى قرار غير معلن لدى فريق الأكثرية بتعطيل أي حل، ووضع العصي في دواليب تشكيل الحكومة، طمعاً بالمزيد من المكاسب، ورهاناً على تعب فريق المعارضة، ما يجعلها تقبل بما يعرضه السنيورة عليها.

ما يزيد الصورة التشاؤمية قتامةً هو أن مسلسل الشحن الاعلامي والتوتير الطائفي الذي تديره قيادة الأكثرية، ممثلة بتيار المستقبل، معطوفاً على الأحداث الأمنية المتنقلة في غير منطقة من العاصمة وخارجها، يرسخ القناعة بأن لدى هذا الفريق خطة لتجويف اتفاق الدوحة من محتواه، والاكتفاء بما طبق منه حتى الآن، وهو انتخاب الرئيس التوافقي، ومحاولة التملص من البندين الأكثر أهمية للمعارضة، وهما تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وإقرار قانون الانتخاب، ومن يستمع ويتابع إعلام فريق السلطة، يظن أن الأوضاع  فالتة على غاربها، وأن النار تشتعل في بيروت نتيجة ما يسميه هذا الاعلام تعديات فريق المعارضة، في حين أن الوقائع الموثقة تثبت أن الاعتداءات، وأعمال التوتير والشحن، تأتي في معظمها من فريق السلطة، وتحديداً من تيار المستقبل، فيما تقوم المعارضة بردود فعل على الاعتداءات والاستفزازات في معظم الحالات.

ولكن لماذا التعطيل من جانب السلطة؟

ثمة جوابان عن هذا السؤال. الجواب الأول، يتحدث عن رغبة اميركية ـ سعودية بعرقلة الحل وتأخيره، حتى لا يأتي إلا بعد أن تكون المعارضة قد أُنهكت، وجمهورها قد ملّ، وفقد إحساسه بفرحة الإنجاز، الذي طال انتظاره، ويرى أحد أقطاب  المعارضة أن هذا الجواب ليس دقيقاً بما فيه الكفاية، ولا يعبّر عن حقيقة الأمر، لأنه ليس هناك مصلحة حقيقية في المماطلة والعرقلة لأي طرف كونها لن تؤدي إلى نتيجة، ويحتج بالقول أنه لو أرادت واشنطن والرياض تعطيل الحل، لكانتا عرقلتاه من منابعه، أي في الدوحة تحديداً، وخاصة أن المماطلة سوف ترتد سلباً على الطرف الذي يسببها لاحقاً.

ويرى القطب المعارض أن الجواب الحقيقي للعرقلة التي تجري، كامن في الانقسامات الحادة التي يعانيها فريق السلطة، وعدم قدرته على إرضاء العدد الكبير من القيادات والقوى المستوزرة، وأن هذا الفريق وجد أن الطريق الأمثل لتقطيع الوقت ريثما تتم معالجة الأمر، هو في تصدير الأزمة إلى خارجه من خلال رمي كرة الأزمة في ملعب المعارضة، والتذرع بموضوع الأحداث الأمنية، سبباً للتوقف عن المشاركة في المشاورات الآيلة إلى تشكيل الحكومة كما فعل تيار المستقبل.

وبحسب أوساط قيادية معارضة، فإنه لا يتوقع لهذه المماطلة أن تطول كثيراً، لأن المعارضة بدورها ستلجأ إلى خطوات سياسية تلزم فريق السلطة بالالتزام بما جاء في مقررات الدوحة.

الواضح أن فريق السلطة لن يستطيع المناورة طويلاً في هذه اللعبة لانتفاء وجود بدائل حقيقية لما تم التوصل اليه، ومن المرجح أن تشهد الأيام المقبلة بدايات جدية للحلحلة في موضوع التشكيلة الحكومة، لأن إطالة أمد الأزمة لا تخدم فريق السلطة، كما أن المعارضة في وارد تسهيل الحل برغم أنها ليست الخاسر الأكبر مما يجري.

هل يحمل الأسبوع المقبل معه أي جديد؟ هذا احتمال حقيقي، وله أرجحية معقولة، لأن التعطيل الراهن بعد ما جرى في الدوحة ليس إلا وجهاً من وجوه مراكمة الفشل لفريق السلطة وسياساته العقيمة.

2008-06-07