ارشيف من :آراء وتحليلات

بقلم الرصاص: الهروب إلى أوروبا

بقلم الرصاص: الهروب إلى أوروبا
كتب نصري الصايغ

1 - شهادة سوء سلوك
بما أن الأنظمة العربية، بعد نصف قرن من العروبة المنحورة، بسيوفهم ورماحهم وقراراتهم، وصلوا إلى القناعة القطرية وتأييد الحدود الكيانية.
وبما أن هذه الأنظمة بالذات، تحدثت عن الوحدة ومارست التجزئة، وعن الحرية وتبنت الدكتاتورية، وعن الاشتراكية وامتهنت النهب،
وبما أن التراجع العربي بلغ حدود الانعدام في التنسيق، ورحل إلى حدود العداء المتبادل، وتدنى إلى مستوى المساكنة الإلزامية بعد الطلاق.
وبما أن هذه الأنظمة تخلّت عن قراراتها وأوكلت أمر تدبيجها إلى الهيئات الدولية، والمجالس الأممية، وعواصم القرار الدولي الممهورة بصك الامتهان الطوعي والإلزامي بالمسيرة الاميركية ـ الاسرائيلية.
وبما أن برامج التبادل بين الدول العربية يلزم أن تمر بالتفاهم مع واشنطن أولاً، وأوروبا ثانياً، واللجنة الرباعية المنسية ثالثاً، واسرائيل، أولاً وثانياً وثالثاً وآخراً.
وبما أن فلسطين لم تعد شأناً عربياً، ولا حتى شأناً قومياً أو وطنياً، وبما أن العراق، بات جدولاً زمنياً دموياً اميركياً، وبما أن الخليج تحوّل إلى بحيرة نفطية عائمة بالمليارات التالفة في استهلاك وانتفاخ تحديثي، وبما أن التنمية خلّفت ملايين الجائعين في القارة العربية الأغنى في الموارد الطبيعية والاحتياطات الاستراتيجية، والأكثر استهلاكاً لكافة أنواع الأسلحة الفتاكة والمتطورة والمجمدة في ترساناتها الصدئة.
وبما أن السودان سودانان، والصومال صوماليات، واليمن، على تخوم لبنان، والاخوان في المغرب العربي يتهادون الاهمال وسوء الفهم.
وبما أنه لم يبق ما يجمع بين العرب سوى عكازة الجامعة العربية، وكونداليسا رايس، والقمم العرجاء، وديفيد وولش، وقرارات تكتب بالحبر الأبيض وتقرأ عندما نغمض العيون العربية.
وبما ألف بما.. مفلسون كأنظمة تافهة، هابطة، تعفي نفسها من الاغتسال، وتتزيا بأخطائها وفجورها، وتباهي بعلاقاتها الموضوعية والواقعية، بواشنطن، وتل أبيب، وعواصم أوروبا.
وبما مليون بما..
فلا بد من الانضمام إلى وحدة مع ساركوزي، وهكذا تصير الأنظمة العربية ضمن الاتحاد المتوسطي، وقد تتطور لتصبح تابعة للولايات المتحدة الأوروبية الناطقة باللغة المشتركة العربية ـ العبرية.
ولا نقسو إذا قلنا، إن عدد الأنظمة الراغبة بالخروج النهائي من العروبة، بكل ما تبقى منها، هي الأنظمة الراغبة بالاعتدال العربي، ونترجم الاعتدال، بالإخصاء العربي.
2 - الهاربون
إنهم يهربون من شعوبهم
إنهم يهربون من كرامتهم
إنهم يهربون من أوطانهم
إنهم لا يرغبون في أوطانهم
إنهم لا يرغبون بغير ما وفرته الأنظمة العربية الاستبدادية من مكاسب ومليارات
ويسألونك عن العنف العربي؟
وقد يسألونك عن الإرهاب؟
وقد يسألونك عن التطرف.
قل: هذا ما جنيناه، كأنظمة، على أمتنا.
إنهم يهربون من الانتصار.
إنهم يكافئون سياستهم المظفرة، بتبني الهزيمة.
الانتقاد/ العدد 1272ـ 13 حزيران/ يونيو 2008
2008-06-12