ارشيف من :أخبار لبنانية

أعراس النصر والشهادة من الناقورة الى بيروت

أعراس النصر والشهادة من الناقورة الى بيروت
الناقورة ـ هلال السلمان

ها هو تراب الوطن يستعد وهو بغاية الشوق لاحتضان جثامين شهداء الوعد الصادق وشهداء مسيرة المقاومة الطويلة ضد الاحتلال الصهيوني، الذين استعيدوا في "عملية الرضوان". وها هو الوطن وشعب المقاومة في الجنوب يقيمون أعراس النصر والشهادة في استقبال الجثامين الطاهرة على طول الطريق من الناقورة الى بيروت. وقد خرج أبناء الجنوب شبانا وصغارا وشيوخا ونساءً وأطفالا يستقبلون الشهداء بالزغاريد وينثرون على جثامينهم الطاهرة الأرز والورود.
انها صفحة جديدة من صفحات العز والانتصار تسجلها المقاومة الاسلامية من خلال استعادة جثامين الشهداء من أسرها لتنضم الى قافلة الشهداء التي استراحت في ثرى الوطن بعد أن أدت دورها الجهادي في صناعة النصر، وفي مقدمة هؤلاء الشهداء القادة، وآخرهم الشهيد القائد الحاج عماد مغنية "رضوان"، الذي حمل الانتصار الأخير بعودة الأسرى والشهداء اسمه الجهادي، بعد ان كان بحق قائد الانتصارين.
مسيرة قافلة الشهداء العائدين من الأسر الصهيوني استغرقت من بلدة الناقورة الى العاصمة بيروت ساعات طويلة، حيث أقيمت على طول الطريق أعراس النصر والشهادة في القرى والبلدات التي سلكتها القافلة. وكانت المحطتان الرئيسيتان قبل العاصمة في مدينتي صور وصيدا.
قافلة الشهداء المئة وسبعة وتسعين انطلقت في التاسعة صباحا من راس الناقورة حيث أنجزت عملية التبادل، وقد لُفت  نعوش الشهداء بالعلمين اللبناني والفلسطيني ووُضعت على متن ثماني شاحنات مكشوفة جُهزت لهذه المناسبة الجليلة. محطة التكريم الاولى كانت أمام منصة الاحتفال الذي كان أقامه حزب الله أمس تكريما للأسرى المحررين. وفيما سارت قافلة الشهداء ببطء من أمام المنصة، كانت الورود تُنثر على النعوش، وفي الوقت نفسه عزفت موسيقى الشهادة والمقاومة، بينما كان عشرات المجاهدين من المقاومة الإسلامية بلباسهم العسكري يؤدون التحية العسكرية للشهداء الأبرار، بحضور حشد من المواطنين وأهالي الشهداء وفعاليات المنطقة.
وعلى طول الطريق بين الناقورة وصور أقيمت أعراس الشهادة والنصر، وتجمع أهالي القرى لاستقبال الشهداء ونثروا عليهم الأرز والورود في جو ظللته مهابة محضر الشهداء. وتكرر هذا المشهد من البياضة مرورا ببيوت السياد والقليلة ودير قانون راس العين والسماعية وصولا الى مخيم الرشيدية الذي خرج أبناؤه من اللاجئين الفلسطينيين بأعداد كبيرة لاستقبال قافلة الشهداء، واصطفت عناصر كشفية وفرق موسيقية عزفت موسيقى الشهادة، في ما رفعت الأعلام الفلسطينية وصور الشهداء.
وعلى مفترق بلدة القليلة اصطف عشرات العناصر من السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال على جانبي الطريق بلباسهم العسكري وأدوا التحية للشهداء.
أهالي العديد من القرى احتشدوا في الحوش على المدخل الشمالي لمدينة صور واستقبلوا الشهداء بالزغاريد ونثر الورود.. ثم عبرت القافلة شوارع المدينة بصعوبة، حيث كان داخلها محطتان أساسيتان في البص وقرب مستشفى جبل عامل، حيث توافد أبناء المدينة واللاجئون الفلسطينيون لاستقبال القافلة كعربون وفاء وتقدير لتضحيات الشهداء والدماء الزكية التي قدموها لينتصر لبنان وفلسطين في المعركة مع الاحتلال.
بعد محطة صور تكررت مشاهد أعراس النصر في استقبال الشهداء على طول الخط الساحلي، بين صور وصيدا من القاسمية الى أبو الأسود، مرورا بالخرايب وعدلون والصرفند والسكسكية وصولا الى المحطة الكبيرة عند تقاطع جسر الزهراني، حيث كان هناك استقبال حاشد لجثامين الشهداء.
وكانت المحطة الثانية الرئيسية لقافلة الشهداء في عاصمة الجنوب صيدا التي استقبل أبناؤها بالزغاريد ونثر الورود جثامين الشهداء، بحضور ممثلي الأحزاب اللبنانية والفصائل الفلسطينية.
وبين صيدا وبيروت كانت محطات لأعراس الشهادة في جدرا والجية وصولا الى خلدة وطريق المطار.. وكانت المحطة النهائية لقافلة الشهداء في قاعة مدارس شاهد على طريق المطار، حيث ستجري عملية فرز الشهداء والتعرف الى هوياتهم قبل تشييعهم الى مثواهم الأخير لاحقا.
وكانت جثامين الشهداء المئة وسبعة وتسعين قد استعيدت الأربعاء من الأسر في سياق عملية الرضوان، وهي التسمية التي أطلقها حزب الله على عملية التبادل مع الكيان الصهيوني. وقد وصلت الدفعة الأولى من جثامين الشهداء ظهرا، وضمت اثني عشر شهيدا, ثمانية من شهداء الوعد الصادق الذين استشهدوا في حرب تموز عام ألفين وستة، وأربعة من شهداء عملية الشهيدة دلال المغربي. وخلال ساعات المساء وصلت الى معبر الناقورة باقي جثامين الشهداء على متن عشر شاحنات تابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر. وقد عملت  عناصر الدفاع المدني في الهيئة الصحية الإسلامية على نقل نعوش الشهداء ووضعها على متن ثماني شاحنات مكشوفة جهزت لهذه المناسبة. كما لفوا نعوش الشهداء بالأعلام اللبنانية والفلسطينية. وقد استمر العمل بتجهيز النعوش حتى ساعات الصباح، حيث نقلت في موكب مهيب الى العاصمة بيروت. 
الانتقاد/ العدد1282 ـ الجمعة 18 تموز/ يوليو 2008
2008-07-17