ارشيف من :تشكيلات

الفضائيات رصدت الحدث لحظة بلحظة: عيون على الأسطورة في لحظة ولادتها

الفضائيات رصدت الحدث لحظة بلحظة: عيون على الأسطورة في لحظة ولادتها
كتب عبد الحليم حمود
مع لحظات الصبح الأولى كانت فضائيات العالم حاضرة على أرض الناقورة لتقفي هنيهات المشهد الاستثنائي الغريب في شكله والنادر في  فئته. فالكاميرا على موعد مع الأسرى المحررين من السجون الصهيونية، وخاصة أن أسيراً مثل سمير القنطار هو من يترأس اللائحة المحررة، أيضا هو يوم لاستعادة جثث الشهداء ومنهم من تجاوز أسر جسده الثلاثين عاما، من هنا كانت اللحظات شديدة الوقع وصلبة الدلالة.
الفضائيات عموما اعطت الحدث حقه الاستثنائي، فلم توغل في لعبة الحساسيات، ولم تعكر على العيد طعم الفرح، اللهم الا ما لاحظناه في اسلوب قناة العربية التي اطلت بخفر وفي احيان كثيرة بلا مبالاة غير مبررة.
المنار أم الصبي
لقناة المنار حصة كبيرة في يوم العرس الكبير، والأمر لا يقتصر على يوم السادس عشر من الشهر، بل انطلق قبله بأيام حين ظهرت المحطة بحلة جديدة او كما اصطلح على تسميته بـ"النيو لوك". مع التغيير في الشكل كان هناك الكثير من التغييرات لناحية المضمون، من اناشيد جديدة الى الافلام الوثائقية والتحقيقات الميدانية والبرامج المباشرة، وصولا الى نشرة الاخبار حيث اختلفت في الشكل وتحديدا في ديكور الاستديو الذي يعد انجازا لوحده.
طبعا الامر مرتبط بذكرى تموز عموما، لكن توقع تحرير الاسرى فرض ايقاعه على النكهة العامة للبرامج.
للمنار في عرس التحرير أكثر من نجاح بل هو الفوز والانفراد بتسجيل لحظات اليوم التاريخي وبشكل حصري في أكثر من مكان، كما حصل في التصوير الحصري من الصالون الذي ضم الرؤساء والرسميين.
أيضا يسجل للمنار مقدرته الفائقة على تغطية العودة من الناقورة الى مطار الرئيس رفيق الحريري، مرورا بطريق المطار ووصولا الى ملعب الراية حيث الجماهير المحتشدة.
قضية تلفزيون الجديد
منذ البداية لم تتعامل محطة الجديد مع حدث التحرير بحياد بل كانت الطرف الذي يصول ويجول من رأس الناقورة الى ملعب الراية، كذلك واكب الجديد الحدث بثلة من الاناشيد الثورية التي تحرك مشاعر الحماسة عند بعض من جمهور اليسار الذي ضل البوصلة فخرج عن تاريخ قدم خلاله الكثير من الشهداء والجرحى.
عودة المستقبل
 شيئا فشيئا دخل تلفزيون المستقبل الى العرس اللبناني، فكان أكثر حضورا في محطته الاخبارية وخجولا في القناة العادية، وتحديدا مع ساعات الصباح الاولى. لكن ما لفت في المستقبل هو ذاك النفس الذي كنا قد سمعناه ايام الرئيس رفيق الحريري وبشكل خاص حين اعطى للعملية تسمية خاصة رافقت الشاشة طوال اليوم وهي عودة السيادة.
او تي في الشريك في النصر
ان ابرز ما قدمته شاشة الأو تي في هو تلك النبرة الصادقة والحماسية في قراءة المشهد والاحتفاء به، إن لناحية الصورة او لناحية الكلام الذي صدر عن المقدمين او الضيوف، فالتيار الوطني الحر يرى في نفسه الشريك الكامل الذي تبنى منطق المقاومة بشكل كلي فترة العدوان على لبنان في تموز 2006.
الجزيرة والدور الجماهيري
 عرفت قناة الجزيرة كيفية مخاطبة الوجدان العربي والاخذ بيده نحو مكامن القوة في عملية التبادل، فكانت حيادية شكلا ومنحازة الى  المقاومة مضمونا فأغرقت في توضيح حجم الانتصار والاشارة الى مكامن الضعف عند الصهاينة، وتحديدا في كلام المراسلين في فلسطين المحتلة، اما في بيروت فكان مدير مكتب الجزيرة غسان بن جدو سريع الحركة فقابل العماد ميشال عون ومن بعده النائب وليد جنبلاط الذي قال كلاما جديدا بحق المقاومة.
غياب العربية
بشكل مبالغ فيه وقعت قناة العربية في فخ التجاهل للعرس العربي الكبير، فأطلت بخفر من وقت لاخر، لكن المدهش هو ما حصل في لحظات الذروة، حين اطل القنطار ورفاقه، فالعربية كانت في مكان آخر تغطي مؤتمرا حول الاديان، عموما بدت العربية كمترجم لعقلية لم تجد في المقاومة سوى نموذج مغامر.
اما الال بي سي فواكبت الحدث بعين باردة، لكن لم تخرج عن السياق العام الا في استخدام بعض ادبيات الاذاريين لناحية انتفاء دور السلاح بعد التحرير.
تلفزيون لبنان تابع الحدث طوال النهار البانورامي، وكانت اغنية الفنانة جوليا "احبائي" حاضرة في اكثر من مرة.
الان بي ان اعطت كل وقتها لنقل المشهدية مع المواكبة التحليلية من قبل الصحافيين والمحللين والسياسيين.
اما قناة العالم فحضرت من خلال مراسليها ومن اكثر من مكان، وهو حال الاي ان بي، لكن لا حضور قويا لمراسلي الاخيرة على الارض.
من ناحيتها غطت البرس الايرانية الناطقة بالانكليزية العرس الوطني ميدانيا ومن خلال المحللين. اما السي ان ان فركزت على مراسليها في فلسطين المحتلة في حين كان مراسلها في الناقورة يطل عبر كاميرا الهاتف!
هذا وكانت وسائل اعلام العدو في لحظة محرجة عكسها جل السياسيين الصهاينة، وكان آخرهم من طلب عدم نقل مظاهر الفرح في لبنان.    
الانتقاد/ العدد1282 ـ الجمعة 18 تموز/ يوليو 2008
2008-07-17