ارشيف من :مقاومة

كيف حاول الإسرائيليون الوصول إلى نصر الله عبر العميل الحمصي؟

كيف حاول الإسرائيليون الوصول إلى نصر الله عبر العميل الحمصي؟

المحرر المحلي + صحيفة "السفير"
  

كلما مرّت ساعة أظهرت التحقيقات المتواصلة مع الموقوفين زياد الحمصي وناصر نادر في مديرية المخابرات في الجيش اللبناني وفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، فصولاً جديدة، من فصول تآمرهما على شعبهما لمصلحة العدو الإسرائيلي، خاصة عندما كان يقوم أحدهما بتحديد الهدف تلو الهدف للإسرائيليين أبان «حرب تموز» 2006، مع ما تسبب به عمله الإجرامي من مآس لعشرات بل مئات العائلات التي طمر أصحابها تحت الأنقاض أو جرحوا أو شردوا، فيما كان القاسم المشترك بين الاثنين، وبينهما وبين آخرين وخاصة هيثم السحمراني، محاولة الوصول الى مكان الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله.

وفي هذا السياق، كشف المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء اشرف ريفي لـ«السفير» إن التحقيقات الأولية التي أجريت حتى الآن مع العميل ناصر نادر أظهرت انه صيد ثمين، وربما يكون الموقوف الأهم من ضمن أعضاء الشبكات الإسرائيلية الذين تم توقيفهم.

وأوضح ريفي أن التحقيقات بيّنت أن ناصر كان يركز عمله على الضاحية الجنوبية التي أجرى مسحا دقيقا لها، وراح يحدد الاحداثيات للاسرائيليين، ويبدو انه تسبب بأذية الكثيرين من أبناء المنطقة.

ولفت ريفي الانتباه إلى أن توقعاتنا «تفيد بان عددا كبيرا من العملاء ربما فروا من لبنان، مع بدء انهيار وتفكك الشبكات»، موضحا أن بعضهم قد يكون غادر البلد عبر المطار بطريقة عادية قبل انفضاح أمره وتحوله إلى مطلوب، ولكن المهم في كل الحالات إن الساحة اللبنانية تنظف تدريجياً من عملاء اسرائيل.

ومن المتوقع أن يطرح موضوع العملاء الذين قاموا بتحديد أهداف وارسال احداثياتها للاسرائيليين قبل أن يقوموا باستهدافها خلال «حرب تموز» على مستوى أهالي الشهداء والمفقودين الذين بدأ بعضهم يتداول فكرة تقديم دعوى باسم الشهداء والجرحى والمعوقين والمشردين حتى الآن، «ضد كل من تسبب بأذيتهم وصولاً الى المطالبة بتعليق المشانق لهؤلاء العملاء، وربما في بعض الأبنية التي ما زالت شاهداً على جريمتهم، كما هي حال مجمع الامام الحسن في الضاحية الجنوبية».

وفيما ينتظر أن يتطرق السيد حسن نصرالله في كلمته بعد غد إلى موضوع الشبكات وتداعياتها اللاحقة، كانت مخابرات الجيش اللبناني تواصل تحقيقاتها مع الموقوف زياد الحمصي الذي ظلّ متمسكا بأنه قد فتح على الإسرائيليين بعد تموز 2006، فيما كان المحققون يواجهونه بوقائع تؤكد ارتباطه بهم قبل ذلك الوقت بسنة أو سنتين.

وعلمت «السفير» أن الحمصي اعترف أمام المحققين، أمس، بأنه تلقى أوامر واضحة من «الموساد» الإسرائيلي، بعد أحداث أيار 2008 المنصرمة، بأن يحاول التقرب من المعارضة اللبنانية ومن عمودها الفقري «حزب الله»، على قاعدة أن هناك مناخاً جديداً قد نشأ بعد تلك الأحداث لا بد من أخذه في الاعتبار، وعلى هذا الأساس أعاد فتح بعض القنوات مع أصدقاء في التيار القومي والناصري، وقام بعد ذلك بالطلب من أحدهم أن ينقل رسالة شخصية جداً منه إلى السيد حسن نصرالله، يكيل فيها المديح والثناء الى سيد المقاومة ويعلن فيها أنه ملتزم التزاماً مطلقاً بخيار المقاومة وأنه مستعد للاستشهاد في سبيل هذه القضية.

وبالفعل، قام أحد أصدقاء الحمصي، بنقل الرسالة الخطية الى أحد قيادات «حزب الله» في العاصمة وطلب منه توصيلها الى السيد نصرالله، وبعد فترة من الوقت، طلب الاسرائيليون من زياد الحمصي أن يطلب موعداً من السيد نصرالله عبر الشخص نفسه، وبالفعل، أسرّ لصديقه أنه يرغب بلقاء السيد ولأسباب يريد أن يحتفظ بها لنفسه.

وأبلغ الاسرائيليون الحمصي أنه عندما يتحدد الموعد له مع السيد نصرالله «عليك أن تبادر إلى إعلامنا سريعاً عن طريق قنوات الاتصال المحددة»، على أن تبدأ بعد ذلك مهمة الاسرائيليين في رصد عملية انتقال الحمصي من سعدنايل في البقاع الأوسط الى الضاحية الجنوبية، وصولاً الى تحديد المكان الذي سيلتقي فيه بالسيد نصرالله، وتبلغ الحمصي من الجانب الاسرائيلي أنه سيكون في حالة جهوزية تامة من أجل التعامل مع المعلومات التي سيرسلها اليهم.
غير أن الشخص الذي طلب منه الحمصي تحديد الموعد لم يرد عليه جواباً، وهو الأمر الذي يطرح علامات استفهام حول ما اذا كانت المقاومة، منذ تلك اللحظة قد وضعت الحمصي تحت مرمى أنظارها أمنياً، من أجل التعرف على سبب طلب الموعد وصولاً الى كشف تورطه مع «الموساد» الاسرائيلي.

وفي أول تعليق اسرائيلي غير رسمي على موضوع الشبكات، وصف المحلل والخبير الإسرائيلي في الشؤون الأمنية والاستخباراتية والإستراتيجية رونين برغمان، موجة اعتقالات شبكات التجسس الإسرائيلية في لبنان مؤخراً بأنها تشكل «ضربة موجعة» بالنسبة الى أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية.

وكتب برغمان في صحيفة «يديعوت أحرونوت» أنه «إذا كانت الادعاءات صحيحة بأن الحديث يدور عن عملاء إسرائيليين فإن هذه ضربة موجعة للغاية». وأضاف إن «المشكلة في موجة الاعتقالات الحالية يكمن بالأساس في حجمها».

وتابع إنه «من التفاصيل التي تم نشرها يظهر أن شبكات سقطت، وإلقاء القبض على أفرادها يعكس النقاش الدائر منذ سنوات طويلة في أجهزة استخبارات في أنحاء العالم»، موضحاً أن «أحد التوجهات يدعي أنه يجب تجنيد جاسوس واحد في كل مرة، وبهذه الطريقة فإنه إذا تم إلقاء القبض على جاسوس فإن بإمكانه أن يعترف بمعلومات حول نفسه فقط».

وأضاف إن التوجه الثاني «يقول إنه بسبب وجود قدرة محدودة لمن يجند الجواسيس على العمل، فإن عليه تجنيد جواسيس وجواسيس ثانويين آخرين من اجل توسيع حجم النشاط وتشكيل شبكة تجسس». وخلص إلى أن «الخطر هو بالطبع أن يؤدي إلقاء القبض على جاسوس واحد إلى الإيقاع بالشبكة كلها».
وقالت مصادر أمنية لبنانية إن لبنان تقدم، أمس، بشكوى عبر الـ«يونيفيل»، ضد إسرائيل اتهمها فيها بخرق القرار 1701 وطالب فيها باسترداد الفارين إيلي توفيق الحايك وحنا طانيوس القزي من إسرائيل، لكون اجتيازهما الحدود ولجوئهما إلى إسرائيل، يُعتبر انتهاكاً فاضحاً للقرار 1701.

2009-05-20