ارشيف من :أخبار لبنانية

السيد نصر الله: لضبط النفس والخطاب المذهبي دليل ضعف

السيد نصر الله: لضبط النفس والخطاب المذهبي دليل ضعف
تصوير : موسى الحسيني

دعا الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله اللبنانيين الى اتخاذ أقصى درجات ضبط النفس وتجنب أي شكل من أشكال التوتر والصدام، مشيراً إلى أن هناك من يعمل على توتير الأجواء بين منطقتي بعلبك ـ الهرمل وعرسال عبر إطلاق الشائعات، معتبراً في هذا الإطار أن أي ممارسة في ظل هذه المناخات المتوترة قد يكون لها تداعيات غير مناسبة على الجميع، حتى في موضوع الخلافات الشخصية".

 
السيد نصر الله: لضبط النفس والخطاب المذهبي دليل ضعف
سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله

وحول الأزمة التي تشهدها سوريا، أكّد السيد نصر الله أن حزب الله اتخذ قرار الدخول ميدانياً على خط الأزمة بناءً على حيثية أخلاقية وعلى وعي لأهداف المشروع الذي يحضّر للمنطقة بدءًا من سوريا، مؤكداً أن التكفير وفتاوى القتل لن تغير مواقف الحزب وأن من يظن ذلك هو مشتبه، وأردف قائلاً "حزب الله هو آخر المتدخّلين في سوريا حيث إن هناك من سبقنا مثل "تيار المستقبل" وأحزاب اخرى"، وأضاف "الحزب لا يرسل شبابه إلى سورية ويقول إنه يوزّع الحليب والبطانيات ولا يعمد لدفن شبابه في سورية و"يسكّت أهلهم"، مؤكداً أنه يقف إلى جانب المطالبين بالإصلاح في سورية سواء من كانوا مع النظام أو من المعارضة وأنه ضدّ تدمير البلاد.


السيد نصر الله: لضبط النفس والخطاب المذهبي دليل ضعف
سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله

وشدّد السيد نصر الله على أن الخلاف في سوريا، هو خلاف بين مشروعين لا بين مذهبين، مشيراً إلى أن اللجوء إلى الخطاب المذهبي بالرغم من خطورته هو دليل ضعف، لافتاً في هذا المجال إلى "أننا نتعرض منذ العام 2005 إلى سيل يومي من الشتائم لمذهبنا وأفكارنا وأشخاصنا ولم نقم بأي رد"، في وقت يشيع البعض مناخات ترهيب عبر إصدار فتاوى القتل وحتى النحر تجاه أصحاب المواقف المختلفة".

وعن وضع حزب الله على "لائحة الارهاب" في الخليج، أكد السيد نصر الله أن الحزب لا يملك مشروعاً في الخليج ولا يرسل بالتالي أعضاءه إلى هناك، معتبراً أنه "بعد 25 أيار تصاعدت حملات الشتم والتهديدات بوضعنا على "لوائح الإرهاب" وهو أمر لم يفاجئنا"، مشيراً إلى أن الحزب قاتل "إسرائيل" في العام  2006 بالرغم من أن كل العالم كان معها ولم يتراجع، مردفاً "نحن هنا ولدنا وهنا كبرنا وهنا نستشهد وهنا ندفن ولن يستطيع أحد أن يقتلعنا من أرضنا".

السيد نصر الله: لضبط النفس والخطاب المذهبي دليل ضعف
جانب من الحضور الرسمي

وإذ تساءل عمّن هم التافهون الذين يهددون باقتلاعنا، قال السيد نصر الله إننا ذاهبون إلى مكان نعرف كل تداعياته ومستعدون لتحمّلها"، مضيفاً أنه "علينا أن نتفهم ردة فعل الطرف الآخر لأنه يشعر أن مشروعه بدأ يهزم".

وعن الإنتخابات في الجمهورية الاسلامية في ايران، وجه السيد نصر الله التهنئة إلى سماحة الإمام السيد علي الخامنئي والشعب الإيراني على العرس الديموقراطي، موضحاً لمن لا يعرف أن "صوت الولي الفقيه في إيران واحد مثل أي مواطن إيراني".


السيد نصر الله: لضبط النفس والخطاب المذهبي دليل ضعف
سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله

وجرياً على عادته، أطلّ سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله على اللبنانيين وفي جعبته جملة من المواقف السياسية المحورية حول الشأنين اللبناني والسوري لا سيما عن مرحلة ما بعد القصير وردود الافعال عليها.

ومن احتفال "جراحنا.. نبض المقاومة" الذي أقامه حزب الله لمناسبة يوم جريح المقاومة الإسلامية الذي عبّد بجراحاته دروب الإنتصارات، وجّه السيد نصر الله تحية خاصة لجميع الاخوة والاخوات الجرحى، ولأمهاتهم وآبائهم وزوجاتهم على عطاءاتهم، وللطواقم الطبية التي واكبتهم منذ الاسعاف الاول الى العناية، ولمؤسسة الجرحى وعوائل الشهداء جميعا الذين قدموا فلذات اكبادهم في هذه االطريق، وخصّ بالذكر عوائل شهداء المواجهات الاخيرة، الذين يعبرون عن مستوى عال من الايمان، ومن البصيرة والثبات.

السيد نصر الله: لضبط النفس والخطاب المذهبي دليل ضعف
جانب من الحضور الشعبي

وقال السيد نصر الله "اليوم جراحكم هي شهادة حية متواصلة أرادها الله في مثل هذه الايام كما في كل المراحل السابقة أن تكون شهادة حية متواصلة في كل الاجيال، شهادة على وقائع تاريخية وأحداث حصلت في الماضي القريب وفي التاريخ المعاصر"، وأضاف "إننا نتحدث عن أحداث عاصرها كثير من الاحياء اليوم وعانوا منها، ولكنْ كثيرٌ من الاجيال الذين ولدوا بعدها قد لا يعرفون عنها شيئاً، وهناك من أراد لهذا التاريخ ان ينسى، وأن تحرّف وقائعه".

وأضاف السيد نصر الله، أن "هذه المقاومة هي التي ملكت الوعي الكافي والرؤية الواضحة، ومن البداية كان هناك وعي وفهم لمخاطر السكوت عن الاحتلال الاسرائيلي وتداعياته على مستوى التعايش مع مشروع الهيمنة الاميركية على المنطقة في العام 82 "، مشيراً إلى أن "هذه البصيرة أدت للقتال رغم خذلان العرب والعالم ما عدا ايران وسوريا وتواطؤ الداخل اللبناني". مضيفا، أن "هذه المقاومة، استطاعت بفضل الكم الهائل من التضحيات تحرير لبنان من الاحتلال، وحققت حرّيته وكرامته وعزته وحمت خيراته ومياهه بفضل تضحياتها وإلا لكانت ارضنا اللبنانية ـ بعضها ـ مكانا للمستعمرات، وكانت حكومتنا مجرد حكم ذاتي تابعة للادارة الاسرائيلية".

السيد نصر الله: لضبط النفس والخطاب المذهبي دليل ضعف
جانب من الحضور الرسمي

كما تساءل سماحته "من قاتل المحتل ومن صافحه؟ ومن قُتل حتى لا يصافح المحتل"، مشيراً إلى أن مسؤولية الجميع في كل الدوائر سواء من النخب والمثقفين أو من العلماء والعامة، مواجهة الماكينة الاعلامية الضخمة التي تحاول ان تزوّر هذا التاريخ". مضيفا، أن "هذا البلد، وهذه الارض وهذا الوطن، نحن جزء أساسي منه، وهذا الشعب اللبناني الكريم والعزيز نحن جزء من مكوناته التي قدمت التضحيات الكبيرة، ونحن قدمنا تضحيات من أنفسنا ومن فلذات أكبادنا ولا نمن على احد وهذا كان لأجل ديننا ولآخرتنا ولوطننا ومقدساتنا ايضا".

واعتبر السيد نصر الله، أن "ما يُقدّم لأجله دم ويُدفع ثمنه الغالي ليس كالذي يأتيك مجانا، ونحن لبنانيون من مئات وآلاف السنين، وليس لدينا اي بيوت وأي مشاريع وأي أموال خارج لبنان، واذا كان هناك اي مغتربين فهذه ظروفهم، لكن الحزب موجود في لبنان، ولكننا ولدنا هنا وكبرنا هنا وعشنا هنا وسندفن هنا ولن يقتلعنا أحد من هنا".

وأكد السيد نصر الله، أن "أقوى جيش في الشرق الاوسط تحطم عند أيدي مقاتلينا في بنت جبيل ومارون الراس"، متسائلاً "من هم هؤلاء التافهون الذين يتحدثون عن اقتلاعنا؟ نحن دفعنا في هذا البلد الاثمان الباهظة من أجل عزته وكرامته وسنبقى حاضرين لندفع الغالي والثمين لأجله".

السيد نصر الله: لضبط النفس والخطاب المذهبي دليل ضعف
سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله

وفي الشأن الامني اللبناني دعا سماحة الأمين العام لحزب الله، لضبط النفس لأقصى الدرجات، مشيراً إلى أن لبنان ومنذ العام 2005 مأزوم وأنه في المرحلة الاخيرة يشهد ضغطاً اعلامياً وانفلاتاً في المشاعر عند الناس وأحيانا هناك من يفقد السيطرة على نفسه ويقدم على أعمال غير صحيحة وغير قانونية ما قد يؤدي لمخاطر في الظروف الاستثنائية"، داعياً كل الموجودين على الاراضي اللبنانية من لبنانيين وسوريين وفلسطينيين لضبط النفس لأقصى الحدود وخصوصاً جمهور المقاومة في حالات الحزن والفرح.

ورأى السيد نصر الله أن "أي ممارسة في ظل هذه المناخات المتوترة قد يكون لها تداعيات غير مناسبة على الجميع، حتى في موضوع الخلافات الشخصية"، داعياً الجميع إلى ضبط النفس لانه حتى الخلاف الشخصي يعطى له بعد مذهبي في الاعلام". مضيفا، انه "لا جديد على صعيد الانتخابات، مندداً بالتدخل الاميركي لدفع الامور في اتجاه معين".

كما لفت سماحته، إلى أن "اطلاق الرصاص يؤدي الى ترويع الناس، واحيانا إلى سقوط قتلى وجرحى"، مؤكداً أنه "استفتينا المراجع، وكان جوابهم أنه لا شك في حرمة هذه الامر"، داعياً من يخاف على دينه لأن "ينتبه لأن الحرمة مشددة"، وناشد الجميع، بمنطق العقل والدين والاخلاق والاهل والمحبة للانتهاء نهائيا من هذه الظاهرة، ومن يريد فليتبرّع بذخيرته للمقاومة".

ونبّه سماحة الأمين العام لحزب الله، الى أن "الأوضاع في منطقة بعلبك الهرمل حسّاسة وتحتاج الى عناية خاصة، وأن هناك شائعات تروّج لها بعض وسائل الاعلام في المنطقة، تقول لأهل المنطقة ان هذه الصواريخ تنطلق من جرود عرسال، لتظهر للناس أن بلدة سنية توجه صواريخ على مدن يسكنها شيعة". مؤكدا، أن "على الجميع أن يتثبت من اي خبر، وقال، "انا اؤكد لاهلنا ان الصواريخ التي نزلت على الهرمل او سرعين او النبي شيت مصدرها الجماعات المسلحة في سوريا، وهذا الامر يجب ان نجد له حلاً، وسنجد له حلاً ان شاء الله لان هناك شغلاً مخابراتياً لاستغلال الخلاف السياسي بين عرسال وبعلبك الهرمل".

السيد نصر الله: لضبط النفس والخطاب المذهبي دليل ضعف
جانب من جرحى المقاومة الاسلامية

وأضاف سماحته، إن "هناك مشروعاً "هاجماً" في المنطقة، وهو المشروع القائم في سوريا وأميركا وأوروبا والكثير من الدول العربية ودول الخليج ووسائل الاعلام، وتمويله الهائل أوجد أناساً جاهزين لكتابة الكثير من المقالات والشتائم لإشاعة مناخ من الترهيب"، لافتاً إلى أن "أي شخص يريد التعبير عن حقيقة موقفه يجب ان يحسب ألف حساب لموقفه وكلامه بسبب هذا الجو خصوصاً مع فتاوى النحر اليوم"، معتبرا، أن "هناك من يعبّر عن موقفه السياسي ويقابل بفتاوى النحر والقتل والتكفير والاعتداء الجسدي أيضا، وأن هناك مناطق تعاقب بسبب توجهها السياسي، وهناك علماء وصحافيون اعتدي عليهم من الطائفة السنية الكريمة بسبب موقفهم السياسي"، مشيراً في هذا الإطار إلى أنه "قبل أيام جرت محاولة اغتيال تعرض لها الاخ العزيز الشيخ ماهر حمود"، معتبراً أن "هذا الاعتداء ليس بسيطاً أبداً"، وأضاف "ثم يأتون ويتحدثون عن الرأي الآخر".

وحول حادثة مقتل شاب قرب السفارة الايرانية في بيروت، قال السيد نصر الله إن "الجريمة مرفوضة ومدانة وعفوية وقتل فيها شخص عزيز وقتل مظلوما، وأياً يكن قاتله"، مشيراً إلى أن "الذي يتهمنا بعدم تحمّل الرأي الآخر، هو من لا يطيق الرأي الآخر"، مؤكداً أن "الهجمات الاعلامية والمواجهة بالتكفير والشتم لا تغير موقفنا، وعندما نُواجه بهذه الوسائل، نزداد يقيناً وقناعة".

وفي الشأن السوري، قال سماحة السيد حسن نصر الله، "إننا عندما قررنا ولو متأخرين، بأن ندخل ميدانياً في مواجهة المشروع القائم على الأرض السورية بدأت تتشكّل لنا رؤية واضحة عن المشروع القائم وتداعياته على لبنان والمنطقة وفلسطين وسوريا وعلى المسلمين والمسيحيين والسنة والشيعة وكل الناس". مضيفا، أن "الموضوع ليس فقط موضوعاً أخلاقياً انما ينطلق من رؤية ونظرة على الدول والكيانات بعد أن وجدنا أنفسنا في موقع الدفاع عن الدولة والكيان اللبناني".

ورأى السيد نصر الله أن "في سوريا انقساماً شعبياً بين مؤيد للنظام ومعارض له، وأن هناك جزءًا من الشعب السوري مع النظام ونحن مع هذا الجزء، والجزء الاخر نحن معه بالاصلاح وليس بتدمير سوريا".  وأضاف "نقول للناس الذين قامت قيامتهم علينا لتدخلنا في سوريا، إن حزب الله هو آخر المتدخّلين حيث إن هناك من سبقنا مثل "تيار المستقبل" واحزاب اخرى"، معتبراً أنه لو كان تدخل الحزب في صالح المعارضة لكان تدخله مباركاً".

كما رأى سماحته، أنه "أمام هذه الهجمة الاعلامية العالمية مساهمتنا في سوريا متواضعة، فنحن لدينا امكانات معقولة، ونقوم بجزء من المسؤولية في مواجهة هذا الهجوم الكوني الخطير، واهدافه التي لا تقف عند حدود سوريا بل لبنان والمنطقة كلها"، مضيفا، "أننا لا نرسل شبابنا الى سوريا ونقول اننا نوزع الحليب والبطانيات، واذا قتلوا يدفنوا بسوريا، فنحن عندما نقاتل لا نخجل بشهدائنا ونشيّعهم في وضح النهار".

وأكد سماحته أنه "لنا الفخر اننا أدرجنا منذ البداية على لائحة الارهاب الاميركية"، مشيراً إلى أن الاوروبيين منذ زمن يطرحون ادراجنا على لائحة للارهاب"، مؤكدا، أنه "لا يوجد اي منتسبين لحزب الله في دول الخليج، وأصلاً لا يعطى المنتسبون لحزب الله اقامات في دول الخليج، وأنه ليس لحزب الله أية مشاريع في دول الخليج"، مضيفاً أنه "سواء قتل منا مظلومون او سقطت صواريخ على الضاحية او ظلم اشخاص في دول عربية، فما نقوم به أكبر من اي تضحيات يمكن ان تقدم، ومن يظن ان الاعتداء يجعلنا نغيّر موقفنا فهو واهم، وهذا يزيدنا قناعة".

السيد نصر الله: لضبط النفس والخطاب المذهبي دليل ضعف


ورأى السيد نصر الله أن الخلاف في سوريا، ليس بين مذهبين، متسائلاً هل كان الشيخ البوطي شيعياً؟، وعما إذا كان الجيش السوري شيعياً؟، مشيراً إلى أنهم "يحوّلون الموضوع إلى ملف مذهبي لأنهم ضعاف".

وحول رفع شعار "يا حسين" على مئذنة أحد جوامع القصير، واستغلال قناتي "الجزيرة" و"العربية" لهذا الموضوع بهدف التحريض المذهبي، مروجين بأن المسجد هو مسجد الخليفة عمر بن الخطاب، قال سماحته إن مروجي الكذبة "اغبياء لأنهم لا يعرفون ان في القصير شيعة، وأن لديهم مسجدا اسمه مسجد الامام الحسن المجتبى(ع)، ويصلي فيه شيخ، وأن مسجد الخليفة عمر بن الخطاب يبعد كيلومترات".

وتابع السيد نصر الله "أننا سنكون حيث يجب ان نكون، وما بدأنا بتحمل مسؤولياته سنتابعه، مشيراً في هذا السياق إلى أن هناك قوى اسلامية تقدم افكاراً، ونحن نناقشها".

كما وجّه السيد نصر الله تهنئة إلى سماحة آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي وعموم الشعب الايراني على هذا الحضور الشعبي الكثيف في الإنتخابات، مشيراً إلى أنه ومنذ الصباح تحدثت كل الوسائل الاعلامية عن انه فاق كل التوقعات، مضيفا، أن "ايران تقدم نموذجاً للحضور الشعبي والمشاركة الشعبية، وأننا امام مشهد الولي الفقيه والقائد، الذي له صوت كما اي فلاح ايراني او اي مواطن ايراني".


لمشاهدة كلمة السيد حسن نصر الله كاملة 

وفيما يلي النص الكامل لكلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في احتفال يوم جريح المقاومة 14-6-2013
   
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين. السادة العلماء، الإخوة والأخوات، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
 
إنني في هذا اليوم المبارك، وهذه المناسبة الغالية، في يوم الجريح، وفي أجواء هذه الأعياد والمناسبات العزيزة والجميلة، أتوجه أولاً بالشكر إليكم جميعاً على حضوركم وتشريفكم في هذه الأماكن المتعددة، السادة الحضور في الضاحية وفي بعلبك وفي النبطية وفي دير قانون.

وأبارك لكم أيضاً المناسبات الشعبانية والذكريات العطرة، ذكرى ولادة مولانا سبط رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، سيد شباب أهل الجنة الإمام أبي عبد الله الحسين بن علي عليه السلام، وذكرى ولادة مولانا الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام وذكرى ولادة الشهيد المجاهد عنوان هذا اليوم أبي الفضل العباس بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، وكذلك الأيام المقبلة الآتية ذكرى ولادة مولانا صاحب الزمان وبقية الله في الأرضين أرواحنا لتراب مقدمه الفداء.
 
بطبيعة الحال سوف يرتبط الكلام في بدايته بصاحب المناسبة أبي الفضل العباس الذي اتُّخِذَ يوم ولادته ـ وبحق ـ يوماً للجريح المقاوم والمجاهد والمضحّي، وهو يوم إخواننا الجرحى وأخواتنا الجريحات الذين يضمهم هذا اللقاء وآخرين يشاركوننا عبر الشاشة في بيوتهم أو في المستشفيات.

في الفهرس، مثل العادة، أحب أن أتحدث أولاً كلمة في المناسبة وكلمة في الشأن اللبناني وكلمة في الشأن السوري والمناخات الحالية وما بعد القصير وردود الأفعال. لكن في البداية يجب أن أتوجه بالتحية والتقدير إلى جميع الإخوة والأخوات الجرحى، سواء الحاضرين معنا في اللقاء أو المتواجدين في المستشفيات الآن أو في بيوتهم ولم يتمكنوا من الوصول والمشاركة، أتوجه إليهم بأسمى آيات التقدير والاعتراف بالجميل والإذعان بفضلهم وبفضل جهادهم وجراحاتهم علينا وعلى شعبنا وعلى وطننا وعلى أمتنا وعلى مقدساتنا. كما أتوجه بالتحية والتقدير العالي لعائلاتهم الشريفة المضحية، للأمهات والآباء والزوجات اللاتي يتحملن عبئاً كبيراً على هذا الصعيد.

يجب أن نتوجه أيضاً بالتحية إلى كل الطواقم الطبية التي واكبت جرحانا منذ اللحظة الأولى من الإسعاف الأول إلى العناية المستمرة وكذلك يجب أن نذكر بالتحية جميع الإخوة والأخوات في مؤسسة الجرحى والعاملين في مختلف التشكيلات والمؤسسات الاجتماعية الذين شرّفهم الله بخدمة هؤلاء الجرحى وعائلات هؤلاء الجرحى.
وإن كانت المناسبة مناسبة الجرحى، الشهداء الأحياء، يجب أن نتوجه جميعا بالتحية إلى عوائل الشهداء جميعاً، كل الشهداء الذين قدموا فلذات أكبادهم وأحباءهم وأعزاءهم في هذا الطريق، ومن أجل هذه الأهداف المقدسة، ويجب أن أخص بالذكر عوائل شهداء المواجهات الأخيرة الذين ـ كما قلت في أكثر من مناسبة ـ يعبّرون عن مستوى عالٍ من البصيرة والإيمان والحضور والثبات.

أيها الإخوة والأخوات: العباس بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) هو ذلك الشاب الجميل، الذي كان يقال له قمر بني هاشم، ابن الأربعة والثلاثين عاماً، وهو الذي كان قائد عسكر الحسين (عليه السلام) في كربلاء، وهو الذي تحول بفعل إيمانه وسيرته وجهاده عنواناً ورمزاً كبيراً للوفاء والبصيرة، كما يقول الإمام الصادق (عليه السلام)، في زيارته لأبي الفضل العباس (عليه السلام) وعنواناً لليقين والشجاعة والشهامة والإيثار والصبر والتصديق والتسليم والطاعة والثبات على الموقف حتى الشهادة، وأصبح أمثولة للمجاهد الذي لا توقفه الجراح القاسية عن مواصلة المهمة نحو الهدف. كلنا يعرف القصة، عندما توجه العباس عليه السلام إلى شاطئ الفرات كان يؤدي مهمة محددة وهي أن يأتي بالماء للنساء والأطفال والأيتام ولبقية الجيش ولإمام الجيش الحسين (عليه السلام) ومضى إلى المهمة، وفي طريق العودة قطعت يده اليمنى، وواصل المهام وقطعت اليد كاملة والجراح قاسية، ثم قد قطعت يده اليسرى وواصل المهمة، واحتضن قربة الماء ببقية يديه وصدره ورأسه وفي الطريق أصيبت عينه بالسهم ولم يتوقف وواصل الطريق إلى أن لاقى حتفه ولقي الله سبحانه وتعالى، وكانت الشهادة.

لذلك فالعباس عليه السلام هو درس، هو رمز، هو عنوان للمجاهدين الذين يواصلون طريق جهادهم رغم كل الجراح القاسية، ويواصلون استنفاد كل طاقتهم من أجل أداء المهمة التي تخدم الهدف.

يوم ولادته هو يوم لجرحانا، بل هو يوم لكل جريح مقاوم ومجاهد، هو يوم جرحانا الذين كانوا في لبنان أيضاً ـ ومنذ انطلاقة المقاومة عام 1982 ـ مثالاً للمؤمنين المجاهدين أهل الوفاء والبصيرة واليقين والشجاعة والإيثار والصبر والطاعة والثبات على الموقف وفي الميادين المختلفة وما بدّلوا تبديلا. وها هم اليوم بين ظهرانيكم في هذه القاعات وفي كل الأماكن، يؤكدون ثباتهم والتزامهم وحضورهم وبقاءهم في هذا الطريق، الذين كانوا قد مارسوا فعل الاستعداد وفعل العمل.
وفعل العمل ليقدموا ارواحهم ودماءهم، وكانت مشيئة الله ان يبقوا على قيد الحياة ان يبقوا الشهداء الأحياء يحملون جراحهم وآلام الجراح والصبر على الجراح ويواجهوا هذا الامتحان بالصبر والثبات.

يا اخواني وأخواتي الجرحى اليوم جراحكم هي شهادة حية متواصلة، ارادها الله سبحانه وتعالى في مثل هذه الأيام ايضا كما في كل المراحل السابقة، ان تكون شهادة حية متواصلة لكل الأجيال الحاضرة والآتية، شهادة على ماذا؟ على وقائع تاريخية على حقائق ميدانية على احداث حصلت في الماضي القريب، في التاريخ المعاصر في الحد الأدنى من العام 1982  لا نتحدث عن قبل 50 سنة ولا مئة سنة ولا 500 سنة نتحدث عن احداث كثير من الأحياء اليوم عاصروها وواكبوها وعايشوها وعانوا فيها، ولكنْ كثير من الشباب والشابات والأجيال التي ولدت بعد هذه الأحداث قد لا تعرف عن هذه الوقائع وعن هذه الحقائق شيئا. هذا التاريخ وهذه المرحلة هذا الماضي القريب هناك  من يريد له ان ينسف وهناك من يعمل على تزويره وعلى قلب الحقائق رأسا على عقب وعلى تحريف الوقائع.

ان لجراحات كل واحد منكم يا اخواني ويا اخواتي قصة، كل جريح هذا اين ذهبت يده، وذاك اين قطعت رجله، وذلك اين فقد عينيه، هذا اين اصيب بشلل نصفي او بشلل كلي هذا اين اصيب بهذا الجانب من جسده او ذاك الجانب من جسده، كل جرح من جراحكم له قصة ويحكي عن حادثة عن اقتحام موقع هنا او دفاع وتصدّ للعدوان عن قرية هناك، عن عبوة هنا او كمين هناك، عن محاولة عمل استشهادي هنا او محاولة إنقاذ جريح  سقط في المعركة هناك.
وهذه الأحداث وهذه القصص وهذه الحكايات يجب أن تدون ويجب أن تكتب ويجب أن تتناقلها الأجيال. إن جراحكم تذكرنا ببطولات المقاومين في احداث ومواجهات تموز 1993 مع العدو الإسرائيلي، ما سماه العدو بتصفية الحساب، وجراحكم تذكرنا ببطولات المقاومين في مواجهة ما سماه العدو عناقيد الغضب في حرب نيسان 96، وجراحكم تستحضر بطولات مجاهدينا وشعبنا في تحرير أيار 2000 والملحمة التاريخية في 2006 إلى اليوم، والمقاومون بشهدائهم وجرحاهم وأبطالهم يصنعون الملاحم والانتصارات.

هذه الجراحات تحكي قصة المقاومة في لبنان، قصة شعبها ورجالها ونسائها وجمهورها ومؤيديها ومحتضنيها ومحبيها، وهذه المقاومة هي التي ملكت الوعي الكافي والرؤية الواضحة. من البداية كان هناك وضوح، كان هناك فهم لمخاطر السكوت عن الاحتلال الإسرائيلي والاحتلال الأمريكي والمتعدد الجنسيات للبنان عام 1982 ومخاطر وتداعيات السكوت او التعايش مع مشروع الهيمنة الامريكية على لبنان والمنطقة عام 82، وهذه المقاومة ـ إضافة إلى الوعي والرؤية والبصيرة ـ ملكت إرادة القتال من أجل التحرير رغم قلة ال
2013-06-14