ارشيف من :نقاط على الحروف

’إم.تي.في’ وإعلام الحرب الأهليّة

’إم.تي.في’ وإعلام الحرب الأهليّة

يوماً بعد آخر، تتمادى قناة الـ "إم.تي.في." في إستفزاز شريحة كبيرة من اللبنانيين. المحطة التي "تحب الحياة" تتعامل دوماً مع القضايا والأحداث بمنطق عنصري وطائفي ومذهبي. كيف لا والقناة الآذارية تخصّصت في تصدير نموذج "مضيء لجيش لحد" وبث الفتنة والعنف وتأجيج الصراعات والنزعات الالغائية معتمدة على عناصر الكذب والاختلاق والخداع.

كعادتها تعمد الـ "إم.تي.في" إلى تنصيب ناطقين وزعماء لطوائف بما ينسجم مع خياراتها وتوجهاتها السياسيّة. أسلوب مُقتبس من الإعلام اليميني في أميركا ونتاج للعقليّة الإسرائيليّة التي رعت نشوءه في لبنان. فعلى هذه الخطى تقدم القناة حادثة الصواريخ التي طالت مدن البقاع وعرسال أول من أمس السبت بطريقة مريبة وغير مهنية.

الخبر كان أولاً في مقدمة النشرة المسائية. يقول المذيع "عرسال تنتظر نتائج التحقيق. ما حصل أمر في غاية الخطورة، فالأهالي يتهمون حزب الله بإطلاق الصواريخ، ومعظم المعلومات تتقاطع عند الإشتباه بأن مصدر النيران هو من داخل لبنان. فهل تكون السلطات المختصة على قدر التحدي، وتسمي من أطلق صواريخ القتل على عرسال، ام أن سياسة المماطلة ودفن الرأس في الرمال ستستمر بحيث تدخل لبنان أكثر في دوامة الفتنة القاتلة؟"

&&vid3&&

الإتهام السياسي في مقدمة النشرة يتوالى فصولاً. تخصص القناة تقريراً لإتهام حزب الله بإطلاق الصواريخ. فتحت عنوان "عرسال تغلي" يقدم مراسل المحطة التقرير "صواريخ سقطت على عرسال مصدرها نظام جائر وحليف منحاز بهذه العبارة تستقبلك البلدة". لينتهي الأمر به إلى أن حزب الله هو المسؤول عن مجزرة عرسال متجاهلاً بيان الجيش اللبناني بأن مصدر الصواريخ المناطق التي تقع شرقي عرسال وهي مناطق تحت سيطرة الجماعات السورية المسلحة إمتداداً إلى الاراضي السورية.



على أن المحطة لم تقف عند هذا الحد بل إنبرت إلى بث تقرير آخر تساءلت فيه حول عدم إستشهاد أحد في القصف السوري على مناطق البقاع لايهام المشاهد بأن الحادثة "فيلم بوليسي". هنا تفتقت المراسلة بعبارة "والمفارقة إن تلك القذائف والصواريخ سقطت بين المنازل لكن العناية الالهية حمت أهل البلدة الذين لم يسقط لهم شهداء بل 3 جرحى..".

&&vid4&&

حائرة هي القناة الآذارية بما تفعل لجذب الأنظار. ففي اليوم ذاته تعرض المحطة مقطع فيديو للإرهابي أحمد الأسير يدعي فيه أن سرايا المقاومة ومسلحين من حركة "أمل" وحزب الله قاموا بقصف مسجد بلال بن رباح وذلك إنطلاقاً من حارة صيدا التي وصفها بالشيعية. المحطة تبنت بشكل غير معلن الشريط وعنونت التقرير بـ "شريط مصور نشره الاسير يؤكد تورط حزب الله في قصف عبرا".

&&vid2&&

المحطة العنصريّة التي تدأب على إحتضان ظاهرة الأسير كان بإمكانها تجاهل الشريط وعدم الترويج له والاكتفاء بخبر مقتضب. لكن المحطة أبّت إلا أن تعرض أخباراً من باب التكهّن في غياب القرائن والإثباتات. صحيح لا يجوز أن نلقي باللوم على مؤسسة دون سواها. إلا إن القناة تتخطّى الإعلام الآذاري في الكراهية والحقد. محطة "آل المر" المقربة من "القوات" اللبنانية والسفارة الاميركية في بيروت تجاوزت كل القواعد والمعايير الاعلامية.

الـ "إم.تي.في" تلك المحطة التي عادت إلى البث في 31 آذار/مارس 2009 بعد غياب عن المسرح الاعلامي دام 7 سنوات، تؤدي دوراً دعائيّاً بارعاً في ترويج الفتن والتحريض على الحرب بين أبناء الشعب الواحد. القناة التي إدعى مالكها غبريال المر أنها ستكون صرحاً للموضوعية والرأي الحر والحياد تصرّ دوماً على حشر التحليل والتفسير الطائفي والمذهبي في كل ما تبثّ.

لا شكّ في أنّ محطة الـ"إم.تي.في" لم تأتِ من فراغ. الدور المشبوه للمحطة في السياسة اللبنانيّة يتجلى بشكل واضح من خلال بثّ التقارير التي تشوه صورة حزب الله تماهياً مع مخطط مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية السابق جيفري فيلتمان وفضيحة رشوة النصف مليار دولار. وفق قاموس محطة "فيلتمان" السلم الأهلي ليس هو الأهمّ.

بغض النظر عن الفداحة والإساءة التي يقترفتها "إعلام آل المر"، فإن السؤال المطروح لماذا تصّر القناة على اللعب على الوتر الطائفي وشد العصب في الشارع اللبناني ــ وتحديداً السنّي؟ إلى متى سيبقى القضاء عاجزاً عن مقاضاة المسؤولين عن بث الحقد والكراهية والمتنصلين من المبادئ الصحافيّة البديهيّة؟
2014-01-20